مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
لم يخفت الجدل الذي أثارته اعتراضات دينية طائفية على موعد مباراة العراق والكويت في إطار التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، وتحول الترند إلى خطاب كراهية تركز ضد المجتمع المدني في البصرة، في حين حرصت السلطة المتمثلة بالمحافظ أسعد على استثمار المواقف المناهضة للخطاب الديني المتشدد عبر السماح بتمرير أخبار كاذبة.
وفي هذا التقرير يوضح صحيح العراق كيف تحولت دعوات رجل الدين علي الطالقاني عن مباراة العراق والكويت، من اللهجة الطائفية إلى التحريض على العلمانيين، وكيف استغل الانقسام الذي أثارته هذه الدعوات من قبل أطراف سياسية من بينها العيداني:
حملة تأجيل المباراة
قبل مباراة المنتخب الوطني العراقي ونظيره الكويتي، بنحو يومين، أطلق رجال دين في البصرة، دعوات لتأجيل المباراة لتزامنها مع ذكرى وفاة الإمام علي بن أبي طالب، وكان من أبرزهم الخطيب المعروف أحمد الصافي، والخطيب علي الطالقاني.
الطالقاني دعا خلال أحد المجالس الدينية في قضاء أبي الخصيب في البصرة، في 18 آذار مارس، الاتحاد العراقي لكرة القدم إلى تأجيل مباراة العراق والكويت، ضمن تصفيات كأس العالم، لتزامنها مع ليلة جرح الإمام علي، وهي من الليالي المقدسة لدى المؤمنين، واعترض بشدة على إقامة المباراة بالتزامن مع المناسبة باعتبار البصرة مدينة ذات هوية إسلامية إيمانية موالية لأمير المؤمنين، واعتبر إقامة المباراة تعبيرًا عن عدم احترام المناسبة.1
الخطيب أحمد الصافي تبنى ذات الدعوة أيضًا، وتحدثت عن تأثير إقامة المباراة في هذا التوقيت على الأجواء الروحانية المرتبطة بالمناسبة، بوصف المباراة احتفالًا، مطالبًا الجهات المعنية، بما في ذلك المؤسسة الدينية وشيوخ العشائر والمسؤولين المحليين، بالتدخل والسعي لتأجيل المباراة لمدة يومين أو ثلاثة، احترامًا لقدسية المناسبة.2
العيداني يرد
بالمقابل، رد محافظ البصرة أسعد العيداني على هذه الدعوات بالإشارة إلى عدم إمكانية تأجيل المباراة، مع التأكيد على أنّ إقامتها لا تقدح بأجواء المناسبة الدينية. قال العيداني في تسجيل صوتي3، إنّ الكثير من المشايخ يتصورون أن المجتمع البصري غير واعٍ، علمًا أن أبناء البصرة في أسوأ الظروف حتى في عهد النظام السابق كانوا يُظهرون الحزن ويقيمون مواكب العزاء في ليلة استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
وأضاف العيداني، موعد المباراة مقرر مسبقًا من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، ولا يمكن تعديله أو تأجيله، داعيًا الجهات المطالبة بالتأجيل إلى أن تكون واعية وأن لا تصنّف المجتمع بين محبٍ وكارهٍ لأمير المؤمنين، وألّا تبثّ التفرقة والفتنة بين الناس.
مجلس على الكورنيش
ومع الرفض الرسمي والانتقادات التي تلقاها رجال الدين إثر دعوات التأجيل، بدأ الطالقاني التحشيد لإقامة مجلس عزاء بالتزامن مع المباراة على كورنيش شط العرب، أي في المكان الذي يشهد تجمع الجماهير الرياضية أثناء إقامة المباريات في البصرة، في محاولة لمنع أي احتفالات، كما دعا إلى الجماهير في الملعب إلى رفع شعار تهدمت والله أركان الهدى، وهو ما لم يلق استجابة، إذ جرت المباراة دون أي هتافات دينية.4
البصرة شيعية
بالتزامن، كان الطالقاني يلقي محاضرة دينية على الكورنيش، بحضور عدد من مواكب العزاء، تركزت ضد المنظمات الليبرالية والمدنية في البصرة، والتي اتهمها بمحاولة سلخ الهوية العقائدية والإسلامية من المدينة عبر أجندات، في تحول من الخطاب الطائفي إلى خطاب كراهية ضد المجتمع المدني في البصرة، على الرغم من أنّ هذه المنظمات لا علاقة لها على الإطلاق بجدول المباريات أو المناسبات الرياضية.5
شيخ تميم على الخط
خطاب الطالقاني هذا أثار ردود فعل غاضبة لم تقتصر على أوساط الناشطين والمدونين، إذ انتقد النائب السابق وشيخ قبائل تميم مزاحم الكنعان، المعروف بقربه من المحافظ، خطاب رجل الدين علي الطالقاني، الذي هاجم فيه المجتمع المدني، وأبدى استغرابه لمثل هكذا خطابات، كما انتقد رجالات البصرة من مثقفين وكتاب وشعراء ورجال دين وسياسيين وفنانين، لسكوتهم واختفائهم في الصفوف الخلفية.6
العيداني يستغل الترند!
ومع تصاعد الاعتراضات البصرية ضد الخطاب الديني المتشدد، تناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، معلومات عن رفع دعوى ضد الطالقاني من قبل محافظ البصرة أسعد العيداني، بـ تهمة إثارة النعرات الطائفية والانقسام في المحافظة، التي تتنوع هويتها الدينية بوجود مختلف الطوائف والشرائح.7
وأثارت هذه الأخبار تفاعلاً إيجابيًا كبيرًا في الأوساط المدنية في البصرة وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن صحيح العراق علم من مسؤول في مكتب المحافظ، أنّها غير صحيحة على الإطلاق، وأنّ العيداني لم يتخذ أي خطوة بحق الطالقاني، أو أي شخصية دينية كان لها موقف معارض لإجراء المباراة، إذ قال المسؤول خلال اتصال هاتفي خاص، إنّ المحافظ لا يريد تضخيم الموضوع.
وعلى الرغم من ذلك، لم يصدر مكتب المحافظ نفيًا رسميًا للمعلومات بل استغلها لكسب التيارات المدنية في البصرة، على حد تعبير ناشط معارض تحدث لـ صحيح العراق أيضًا.
استثمار سياسي
الاستغلال السياسي لم يقتصر على العيداني، إذ حاولت أطراف أخرى على خلاف مع المحافظ، تحقيق مكاسب من خلال تأييد الخطاب الديني الطائفي عن هوية البصرة، ومن بينهم النائب عدنان الجابري الذي كان يعرف بخطاب قريب من المجتمع المدني.8.
قال الجابري دفاعًا عن الطالقاني: رجالٌ يمارسون الرذيلة كل يوم وهم أبعد ما يكون عن العقائد والدين وقراءة التاريخ يتجاوزون على رجالات دين متنورين أهل ثوابت وقيم ويصفونهم بالجهل وعدم المعرفة في تجاوز سافر وسابقة خطيرة تستهدف خطباء المنبر الحسيني الأكارم الذين هم الأقرب للمجتمع وهم في الغالب طلبة في الحوزة العلمية الشريفة والكثير منهم وكلاء ومعتمدين للمرجعيات الدينية العظيمة.9
وجاء مواقف النائب الجابري، في سياق خلاف محتدم مع المحافظ أسعد العيداني، إذ سبق أنّ رفع دعوى قضائية ضده قبل نحو 5 أشهر، ووجد في الترند فرصة لمهاجمة المحافظ والمقربين منه.10
النائب السابقة رحاب العبودة لم تفوت الفرصة أيضًا، حيث تعتبر العبودة من أبرز المعارضين للعيداني، حتى قبل مقتل الأستاذة الجامعية من عشيرتها على يد صهر المحافظ الذي يرجع إلى قبيلة تميم.
واستنكرت العبودة، والتي لم يعرف عنها سابقًا مساندة الخطاب الديني المتشدد، التصريحات المعترضة على دخول المعممين إلى البصرة، وتحدثت عن ظواهر أخرى تسيء إلى قدسية المجتمع وقيمه، في إشارة إلى النائب السابق مزاحم الكنعان التميمي.11
العيداني يقيم وليمة للشيوخ
وفي محاولة للرد على الهجوم دون تقديم أي خسائر، حشد المحافظ أسعد العيداني شيوخ العشائر، وجمعهم حول مأدبة إفطار، تحت عنوان التلاحم والاستقرار. وقال العيداني، إنّ هذه الجلسة الرمضانية تعكس الروابط القوية التي تجمع العشائر والحكومة المحلية في سبيل خدمة المحافظة وأهلها، فيما أكد شيوخ ووجهاء على ضرورة أن يكون القرار بصريًا، ورفض أي تدخل من خارجها، في إشارة إلى ما صدر من تصريحات حول مباراة العراق والكويت، والتي انتهت بتعادل الفريقين.12
شيطنة المدنية
الطالقاني بدوره حاول أيضًا كسر موجة الانتقادات التي واجهها إثر الخطاب الديني الطائفي عن المباراة، عبر إثارة اتهامات لمنظمات المجتمع المدني، والتحريض ضد من وصفهم بـ العلمانيين والليبراليين باعتبارهم يمثلون خطرًا على الهوية العقائدية الشيعية بشكل عام، وهو ما يظهر بشكل واضح بتحليل منشوراته عبر صفحته في فيسبوك والتي يتابعها أكثر من 2.5 مليون.13
ويلخص كلّ هذا كيف حاولت أطراف دينية وسياسية استغلال الشغف الرياضي والاهتمام الكبير الذي تحظى به مسيرة المنتخب العراقي ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، وفق أجنداتها، ثم حولت الجدل إلى حملة كراهية ضد الأوساط المدنية التي لم تكن معنية على الإطلاق بتحديد موعد المباراة.
ظهر رئيس حركة إنجاز والوزير في الحكومات السابقة باقر جبر الزبيدي في لقاء تلفزيوني هو الثاني خلال أيام قليلة، تناول جملة من الملفات السياسية والأمنية المرتبطة بالشأن العراقي.
وخلال اللقاء وقع الزبيدي في خطأين، يرتبط الأول برئيس جبهة التوافق السياسي الراحل عدنان الدليمي، والآخر بالأحداث التي شهدها الساحل السوري، كما يظهر من خلال هذه المراجعة التي أعدها صحيح العراق:
عدنان الدليمي أحداث مؤتمر إسطنبول
قال الزبيدي دقيقة 22: عدنان الدليمي وقف في مؤتمر في إسطنبول وهاجم العملية السياسية وقال هؤلاء وذكر اسمي، وقال هؤلاء ذولة طائفيين ذولة مجرمين ذول ضد دولة الرشيد، وهو كان نائب في البرلمان، ولم يصدر ضده أمر قضائي، ما أعرف ليش اسألوا رؤساء الوزراء ليش؟.
والتصريح مضلل، إذ لم يذكر رئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي اسم وزير الداخلية باقر جبر الزبيدي في كلمته خلال مؤتمر نصرة أهل العراق الذي عقد في مدينة إسطنبول عام 2006، كما أنّ السلطات العراقية أصدرت مذكرة اعتقال بحق الدليمي حينها، كما أنّ مجلس النواب أصدر بيان استنكار.
في 13 14 كانون الأول 2006، وفي ذروة الصراع الطائفي داخل العراق، استضافت مدينة إسطنبول التركية مؤتمرًا تحت عنوان نصرة أهل العراق1، بحضور عدد من الشخصيات السنية العراقية أبرزها؛ حارث الضاري، والنائب عدنان الدليمي، وزياد العاني نائب الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي، إضافة إلى شخصيات من دول العربية، ووفود عراقية من داخل العراق وخارجه.
وبدأ المؤتمر بعرض فيلم حول المذابح الطائفية في العراق، وشهد في يومه الأول إلقاء كلمات من قبل 6 شخصيات:
1. كلمة عبد الرحمن النعيمي قطر
2. كلمة حارث الضاري العراق
3. كلمة ناصر العمر السعودية
4. كلمة سلمان العودة السعودية
5. كلمة زياد العاني العراق
6. كلمة عدنان الدليمي العراق
وفي حينها كان عدنان الدليمي نائبًا في البرلمان العراقي، ورئيس جبهة التوافق السنية، واستغرقت كلمته 10 دقائق دون أن يذكر اسم وزير الداخلية في حينها باقر جبر الزبيدي.2
وبدأ الدليمي الكلمة بالمطالبة بتغيير اسم المؤتمر ليكون: مؤتمر نصرة أهل السنة في العراق، بدل نصرة العراق، وقال: إنها حرب طائفية وصراع طائفي يستهدف القضاء على أهل السنة انتبهوا أيها العرب إن أخوانكم في العراق سيسحقون ويداسون بأقدام الشيعة. إنه إقصاء لأهل السنة في بغداد نريد نصرتكم أين نصرتكم؟….2
وإثر هذه الكلمة عقد جلسة مفتوحة خلال الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الأولى3، تضمنت ردود طويلة واعتراضات ومطالبات بالمحاسبة من قبل النواب؛ خالد العطية، علي الأديب، حيدر العبادي، مثال الآلوسي، فؤاد معصوم، عبد الكريم العنزي، عباس البياتي، حسن عثمان، إياد جمال الدين، وليد شركة، محمود عثمان، حميد مجيد موسى، هادي العامري، كمال الساعدي، فالح الفياض ونواب آخرين.
فيما ردت جبهة التوافق على لسان النائب سليم عبد الله، مؤكدة أنّها لم تحضر في هذا المؤتمر بصفتها جبهة توافق. وقال عبد الله: إذا كان هنالك من حضر فهؤلاء الشخصيات كانوا يعبرون عن وجهات نظرهم، مع التأكيد أيضًا أنهم كانوا ينقلون صورة من الواقع التي لا يمكن إنكارها في أي حال من الأحوال، وإذا كانت العبارات الجارحة قد صدرت والطرف الآخر قد تحسس منها لأنها توصيفية فقط فإن ما يجري في الواقع العراقي يشهد به الجميع.3
كما رفضت جبهة التوافق آنذاك، إجراء أي تحقيق مع عدنان الدليمي بشأن هذه التصريحات. وقالت في بيان لاحق لها إنّ هذا التحقيق يمثل تدخلًا في شؤون جبهة التوافق، مشيرة إلى أنّ تصريحات الدليمي جاءت في سياق رد الفعل على سياسة الإقصاء والتهميش.4
بعد ذلك، رفع مجلس القضاء الأعلى إلى طلبًا إلى هيئة رئاسة مجلس النواب بـ اتخاذ ما تراه هيئة الرئاسة مناسبًا من إجراءات بحق النائب عدنان الدليمي سواء كان قرارها يتضمن رفع الحصانة أم غير ذلك، نظرًا لما صدر عنه إضافة إلى اتهامات بحقه مرتبطة بقضايا إرهاب.5
وفي عام 2007 غادر الدليمي العراق، بعد أن أصدر رئيس الوزراء حينها نوري المالكي مذكرة اعتقال بحقه بتهم الإرهاب، كما اعتقل اثنين من أبنائه، وأغلق مقر حركته السياسية في بغداد. واستقر الدليمي في الأردن حتى توفي عام 2017.6
الشيباني أحداث الساحل السوري
قال الزبيدي دقيقة 28: وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي زار العراق مؤخرًا هو من قاد الهجوم الذي حصل على مناطق الساحل السوري بأمر الجولاني كان يستخدم السلاح الأبيض لقتل الشيعة والعلويين.
والتصريح مضلل أيضًا، إذ أنّ أحداث الساحل السوري وقعت بين 6 10 آذار مارس، وخلال هذه الفترة كان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خارج سوريا، حيث شارك في مؤتمرات في هولندا والسعودية والأردن، قبل أن يعود إلى دمشق في 11 مارس آذار، للقاء عدد من السفراء.
واندلعت أحداث الساحل، بحسب تقارير وشهادات7 يوم الخميس 6 آذار مارس 2025، إذ اتهمت مصادر الحكومية، مجاميع مسلحة قالت إنّها مرتبطة بنظام بشار الأسد، بشن هجمات منظمة على عناصر قوات الأمن.
فيما تقول أطراف أخرى إنّ هذه الهجمات كانت عمليات مقاومة اضطر إليها أشخاص في بعض مناطق الساحل لمنع عمليات اعتقال على أساس طائفي نفذتها قوات الأمن.
وسرعان ما تحول المشهد إلى كارثة، مع إعلان الفصائل المسلحة التابعة للحكومة التعبئة العامة والتوجه إلى الساحل بدعوى تطهيره، إذ وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من ألفي شخص، بينهم 1557 مدني جرى قتلهم وإعدامهم على يد عناصر وزارتي الدفاع والداخلية والقوات الرديفة.8
أين كان الشيباني في هذا الوقت؟
وبمتابعة نشاط وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال فترة الأحداث في الساحل 6 9 آذار مارس، يتضح أنه كان خارج البلاد، وحسب التالي:
في ٦ آذار مارس، وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العاصمة الهولندية أمستردام في زيارة للمشاركة في في اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.9
وفي 7 مارس آذار، أي في ثاني أيام أحداث الساحل، كان وزير الخارجية السوري قد وصل للسعودية، حيث شارك في الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في مدينة مكة.10
وفي اليوم التالي توجه وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى مدينة جدة السعودية، للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.11
وفي 9 آذار مارس، انتقل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وبرفقته وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب، إلى الأردن، للمشاركة في اجتماع سوريا ودول الجوار المقام، بحضور نظرائهم من دول الأردن ولبنان والعراق وتركيا.12
وعاد الشيباني إلى سوريا، في اليوم التالي على الأغلب، والتقى يوم 11 آذار مارس في العاصمة دمشق بالبعثات الدبلوماسية من قارتي آسيا وإفريقيا13، وكانت حينها أحداث الساحل قد انتهت تقريبًا وسيطرت قوات الأمن على مناطق النزاع.
وفي 14 آذار مارس، توجه الشيباني إلى العراق في زيارة رسمية، والتقى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني.14
وكان فريق صحيح العراق قد أعد تقريرًا مفصلاً حول تصاعد الخطاب الطائفي في العراق بالتزامن مع أحداث الساحل السوري بين 6 10 آذار مارس الجاري.15
لم يكن قول رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، قبل نحو أسبوعين، إنّ الشيعة سينفردون بالحكم إذا أُجبروا على تقسيم العراق، حديثًا عابرًا، أو هفوة سياسية، بل تعبيرًا صريحًا عن توجهات بعض زعماء القوى السياسية الشيعية التي تدور في الكواليس، وفتح الباب واسعًا أمام أحاديث أقل تحفظًا عن تقسيم العراق، من بينها ما صدر عن مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي قال إنّ نفط الشيعة للشيعة، وعلى السنة والكرد تدبير أمورهم في القادم من الأيام.
بالمقابل، ولدت هذه التصريحات ردود أفعال سياسية على أساس طائفي وقومي بعضها ساخر، لكنها استغلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة توتر وشحن طائفي، كما يوضح صحيح العراق في التقرير الموجز:
المالكي أطلق الشرارة وكان جادًا
في 27 شباط فبراير الماضي، أدلى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي خلال برنامج المقاربة الذي يعرض على قناة دجلة1 بتصريحات حول المشروع الأميركي بتقسيم المنطقة، بناءً على ما يجري في سوريا، إذ أشار إلى أنّ العراق ليس بمنأى عن التقسيم، وهو ليس محمي من ذلك، كما أشار إلى أن هناك من يتحدث في العراق عن إمكانية تطبيق ما جرى في سوريا، ورأى في ذلك مقدمة لها نتيجة أن نصل إلى حالة الانفصال أو تشكيل فيدراليات أو غيرها.
وردًا على سؤال حول استعداد الشيعة لمثل هذه السيناريوهات، قال المالكي: بالتأكيد الشيعة وحدويين بالنسبة للدولة ما عندهم فكرة تقسيم، وإن المحافظات الشيعية هي الثرية، وهي النفط وهي الخيرات وهي البحر، وهم ما عندهم هذا الشيء. الشيعة عندهم العراق الواحد ويعملون من أجله، هذا في كل المراحل والتحديات وسنبقى نعمل على إيجاد عراق.
وأضاف المالكي، إذا مشت قضية التقسيم والانفصال في أي ركن من أركان العراق قد يتأثر حتى الوضع الشيعي، لأنه حينما ينفصل البعض ما عاد الشيعة يقولون والله نبقى نستمر بالدعم وتقديم الدعم والنفط وكذا شي، سيقول الشيعة نفطنا لنا مثل ما أنتم خيراتكم، وهذه خطيرة جدًا نعمل من أجل أن لا تكون إن شاء الله.
تصعيد من الكتائب
تصريح المالكي هذا شجع أطراف شيعية أخرى على التحدث بوضوح عن الإقليم الشيعي، إذ قال حسين مؤنس، رئيس حركة حقوق النيابية، التي يعتقد أنّها تمثل الجناح السياسي لـ كتائب حزب الله: يفترض على الشيعة أن يكون لديهم خيارات إضافة إلى الحاكمية. يجب أن يكون من ضمن خيارات الشيعة الاستقلال بحكم المحافظات الشيعية، وهذا واحد من الحلول للتخلص من الابتزاز.
وتلقف الصحفي المقرب من الحكومة والفصائل المسلحة سلام عادل، تصريحات المالكي ومؤنس، ورفع حدة الخطاب داعيًا إلى استفتاء شعبي لانفصال 9 محافظات ذات الأغلبية الشيعية عن العراق، وترك السنة والكرد يواجهون مصيرهم، ورفع شعار نفط الشيعة للشيعة، ثم ذهب أبعد باقتراح علم الدولة الشيعية الجديدة، باستبدال عبارة الله أكبر بـ علي ولي الله.34
المشهداني يرد بتهكم
وفي أبرز تعليق من الجانب السني، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني: نصيحتي لحد يفكر بالأقلمة الشيعة أكبر الخاسرين، باجر تخلص نفطاتكم، أو ينزل سعرها، وما يجيب الرواتب، وثانيًا مو حرام صار 50 سنة نحلب بيهة وتالي نعوفها.
وأضاف المشهداني: أغنى محافظة في العراق هي الأنبار وبعدها مدينة السماوة فشلكم بهاي الشغلة بس اليورانيوم والسيليكون بالأنبار يعيش كل العراقيين، كما تحدث عن خيار قطع المياه عن المناطق الجنوبية في حال انفصال الشيعة، وقال: ليفكر يسوي إقليم شيعي حتى يستفيد، ليش هي دجلة والفرات منين يفوت إن شاء الله الجماعة يبيعون صبور ومي مالح، وهم أهلنا وفلذة أكبادنا5
تعليق المشهداني أثار جدلًا وانتقادات واسعة، ما اضطره إلى إصدار توضيح صوتي، أكّد فيه أنّ حديثه لم يكن إلا في سياق التهكم وازدراء الداعين إلى الأقلمة، كما أكّد رفض أي مشاريع تقوم على تقسيم العراق.6
تفجير سد الموصل!
واستغل سلام عادل المعروف سابقًا بـ سيف الخياط تصريح المشهداني لتصعيد الخطاب الطائفي، إذ قال إنّ لدى الشيعة إمكانية قصف سد الموصل وإغراق كل من يهدد بقطع المياه.7
الكرد لديهم اللبن والكباب
ومع التفاعل الواسع مع هذا النوع من الخطاب، تصدرت الأسئلة عن التقسيم أجندة البرامج التلفزيونية السياسية التي تبلغ ذروتها خلال شهر رمضان، وتحولت ردود السياسيين والمسؤولين حتى الساخرة منها، إلى محتوى كراهية يتداول بشكل محموم على منصات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومنه تصريح النائبة السابقة عن الاتحاد الوطني الكردستاني آلا طالباني، والذي نشر بالنص: آلا طالباني: إذا قطعوا النفط والمياه سنقطع لبن أربيل وكباب السليمانية.8
حقيقة تصريح طالباني
وبالمراجعة نجد أنّ حديث طالباني كان في سياق ساخر، إذ قالت خلال برنامج نصف دائرة الذي يعرض على قناة العهد، إن جميع الأحزاب وخلال اقتراب موعد الانتخابات تحاول تغذية الشارع بخطابات وشعارات خشبية، مثل الحديث الآن في العراق عن الانقسام والإقليم الشيعي والسني، ونسمع صار يومين إحنه ناخذ النفط، وذاك يكول أخذ دجلة والفرات، أنا كتلهم إحنه النفط قاطعي قاطعي، فنكطع عنكم لبن أربيل وكباب سليمانية ما عدنا شي.9
وأنت كيف تجد التصريحات السياسية مع اقتراب الانتخابات حول الأقاليم الطائفية ودعوات الانفصال، هل تسخر منها أم تتفاعل معها؟
في سياق تعليق على الأحاديث السياسية عن احتمالية إقامة إقليم شيعي في جنوب العراق، وما يعنيه ذلك من احتكار الثروة النفطية، تحدث رئيس مجلس النواب عن التعطيش بوصفه ورقة يمكن أنّ تستخدمها المناطق السنية بالمقابل، باعتبارها تسيطر على مناطق مرور نهري دجلة والفرات.
وأثار الحديث جدلًا وانتقادات اضطرت المشهداني إلى إصدار توضيح صوتي، أكّد فيه أنّ حديثه لم يكن إلا في سياق التهكم وازدراء الداعين إلى الأقلمة، كما أكّد رفض أي مشاريع تقوم على تقسيم العراق.
لكن تصريحات المشهداني لم تقتصر على هذا، إذا تورط المشهداني بسرد معلومات مضللة عن توزيع الثروات بذات الدافع الطائفي، حين أشار إلى أنّ المناطق الجنوبية ستفقد ثرواتها، وأنّ محافظة الأنبار تمثل أغنى مناطق العراق، بالنظر إلى ما تضمه من ثروات وغاز فضلاً عن اليورانيوم، وكما نشير في هذا التوضيح:
قال المشهداني: أغنى محافظة في العراق هي الأنبار، في كلّ شيء، وثاني أغنى محافظة في العراق السماوة، وكلّ ثروات العراق المستقبلية . موجودة في الأنبار والسماوة بس اليورانيوم والسليكون يعيشون العراق كله.
وبالبحث والمراجعة نجد أنّ هذا التصنيف لا يستند إلى دراسات أو بيانات موثوقة من مراكز عالمية أو اقتصادية مرموقة مثل البنك الدولي أو مؤسسة راند أو غيرها من المراكز الاقتصادية العالمية.1
كما أنّ الدراسات والبحوث الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي العراقية والتي تنشر عبر مجلة الجيولوجيا والتعدين العراقية، لا تصنف الأنبار بوصفها أغنى محافظات العراق، بل تشير إلى توزع الثروات المعدنية بنوعيها الفلزية واللافلزية على مناطق واسعة من العراق لا تقتصر على الأجزاء الغربية.2
وتتواجد المعادن الفلزية بشكل رئيسي في شمال العراق، خاصة في إقليم كردستان، وتشمل هذه المعادن الزنك والرصاص والنحاس والكروم والنيكل والحديد والمنغنيز، كما تُعتبر منطقة في شمال شرق العراق من المناطق المعدنية الهامة، حيث توجد معادن مثل النحاس والحديد والزنك.3
في حين يوجد الكبريت الحر بشكل رئيسي في محافظتي نينوى وصلاح الدين، وهو يُستخدم في صناعات متعددة مثل إنتاج الحمض الكبريتي، وتتواجد احتياطيات فوسفاتية هائلة في محافظة الأنبار، حيث تُعتبر من أكبر الاحتياطيات في العالم.4
أما بما يتعلق بالنفط والغاز، فتشير أحدث تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية .. ، إلى أنّ العراق يصنف في المرتبة الخامسة من حيث احتياطيات النفط الخام المثبتة بـ 145 مليار برميل، وهي تمثل 17 من احتياطيات الشرق الأوسط و8 من الاحتياطيات العالمية.5
وتؤكّد بيانات إدارة الطاقة الأميركية، أنّ هذا الاحتياطي يتركز في جنوب العراق، وبعض المناطق الشرقية والشمالية، مثل ديالى وكركوك.
والأمر ذاته ينطبق على الغاز، إذ يقدر الاحتياطي العراقي المؤكد من الغاز الطبيعي بما يقارب 131 تريليون قدم مكعبة ، ومعظم احتياطيات الغاز الطبيعي في العراق مرتبطة بالنفط، ويتركز معظم هذا الغاز الطبيعي المرافق في الحقول النفطية الكبيرة جنوب العراق.
ويمثل نحو ثلثي إنتاج العراق من الغاز الطبيعي بالغاز المصاحب، وهو منتج ثانوي لإنتاج النفط، فيما تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنّ العراق أحرق أكثر من 630 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في عام 2022، ليصبح ثاني أكبر مصدر لحرق الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا.
ويتم حرق الغاز الطبيعي بسبب نقص طاقة الأنابيب وغيرها من البنية التحتية الوسيطة اللازمة لنقل الغاز الطبيعي من مناطق إنتاج النفط الخام، حيث أرجأ العراق هدفه لوقف حرق الغاز الطبيعي إلى عام 2027.
وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، هي وكالة حكومية تابعة لوزارة الطاقة الأميركية .. ، وتُعد المصدر الرئيسي للإحصاءات والتحليلات والتنبؤات الموضوعية والمستقلة حول الطاقة في الولايات المتحدة والعالم.
وتقدم هذه الوكالة معلومات تفصيلية عن إنتاج واستهلاك الطاقة النفط، الغاز الطبيعي، الكهرباء، الطاقة المتجددة، الفحم، إلخ، ولها تحديثات حول الاحتياطيات النفطية العالمية، وأسعار النفط الخام، والإنتاج اليومي للدول، وتقارير عن انبعاثات الكربون والاتجاهات البيئية المرتبطة بالطاقة.
كما تقدم تحليلات وتنبؤات طويلة وقصيرة المدى حول الطلب والعرض العالمي على الطاقة، ودراسات حول تأثير السياسات أو الأحداث العالمية مثل الحروب أو الاتفاقيات المناخية على قطاع الطاقة، وتغطي بتقاريرها الدول المنتجة للنفط مثل العراق والسعودية وروسيا، وتعتبر بياناتها موثوقة وتعتبر من المصادر الأساسية للمختصين والباحثين والمسؤولين، خاصة تقارير التوقعات قصيرة الأجل للطاقة.
وتتوافق هذه التقديرات من البيانات الرسمية العراقية، التي تشير إلى أنّ هناك 143 مليار برميل من الاحتياطات المثبتة متركزة في عدة حقول كبيرة في الجنوب الشرقي من البلاد قرب الحدود العراقية مع الكويت وإيران مع 20 اضافية واقعة في الجزء الشمالي قرب كركوك، واحتياطي غاز طبيعي يقدر بـ 127 تريليون قدم مكعب من الاحتياطات المثبتة.
تعيش المنطقة أجواءً متوترةً لا تقل خطورة عن المرحلة السابقة التي انتهت بمتغيرات عاصفة في لبنان وسوريا، اشتعلت شرارتها بهجوم عسكري أميركي على الحوثيين في اليمن، وامتدت تأثيراتها سريعًا على العراق، بالتزامن مع وصول رسالة ترامب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي الوقت الذي تحرص فيه السلطات في العراق على تأكيد مدى متانة العلاقات بين بغداد وإدارة ترامب، علم صحيح العراق، أنّ رسالة شديدة اللهجة وصلت مباشرة إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على لسان وزير الدفاع الأميركي الليلة الماضية، وهي ترتبط بالتطورات في المنطقة.
10 أيام ساخنة
وبدأت المتغيرات منذ السابع من هذا الشهر آذار مارس، حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته التفاوض على اتفاق نووي مع إيران، وكشف عن إرسال خطاب إلى القيادة الإيرانية، عبر فيه عن أمله في أن يوافقوا على إجراء محادثات. وقال ترامب خلال مقابلة مع قناة فوكس بيزنس1، قلت إني آمل أن تتفاوضوا، لأن الأمر سيكون أفضل بكثير بالنسبة لإيران، مضيفًا: أعتقد أنهم يريدون الحصول على هذه الرسالة. البديل الآخر هو أن نفعل شيئًا، لأنه لا يمكن السماح بامتلاك سلاح نووي آخر.
خامنئي استعجل الرد
وقبل وصول الرسالة بيوم، رد المرشد الإيراني علي خامنئي بتكذيب ترامب. وقال خامنئي إنّ الرسالة لم تصل بعد، وإن إعلان الرئيس الأميركي استعداده للتفاوض مع إيران ليس إلا تضليلًا للرأي العام، فيما أشار إلى أنّ التفاوض مع الولايات المتحدة مرفوض لأن هذا الرئيس ترامب نفسه هو من مزّق الاتفاق النووي الموقّع . ونحن نعلم أنه لا يفي بوعوده.2
الرسالة وصلت
وفي 13 آذار مارس، أي بعد أكثر من 7 أيام، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أنه تلقى رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال اجتماع عقد في طهران مع أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات.3
فيما قالت الخارجية الإيرانية اليوم4، إن طهران سترد على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تدقيقها بالكامل، ورفضت كشف فحوى الرسالة، مبينة على لسان متحدثها إسماعيل بقائي، أنّ رسالة ترامب لا تختلف كثيرًا عن تصريحاته.
وقال بقائي، ما نُشر في وسائل الإعلام هو في الغالب مجرد تكهنات ولا يستند إلى أساس دقيق، مؤكدًا أنّ رد بلاده بالمقابل سيمر عبر القنوات المناسبة بعد استكمال عمليات المراجعة، أي أنّ النص المتداول لرسالة ترامب عبر مواقع التواصل الاجتماعي مفبرك ولا صحة له.
أعنف هجوم أميركي
ومساء السبت 15 آذارمارس، كانت العاصمة اليمنية صنعاء على موعد مع أكبر هجوم أميركي منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة، فقد شنت الولايات المتحدة سلسلة غارات، استهدفت صنعاء ومدينة صعدة، في وقت أشارت فيه تقارير إلى أن الغارات استمرت حتى فجر الأحد 16 آذار مارس، حيث تعتبر الولايات المتحدة الحوثيين أحد أخطر الأذرع الإيرانية في المنطقة.5
القوة الساحقة
وأعلن ترامب، السبت 15 آذار مارس، عن إطلاق عمل عسكري، حاسم وقوي ضد الحوثيين. وقال في منشور على منصته تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي6: سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا، متهمًا الحوثيين بتهديد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وأضاف: إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءًا من اليوم. إن لم يفعلوا، جهنم ستُمطر عليكم كما لم ترو من قبل.
إيران لن تشن حربًا
بالمقابل، قالت القيادة العسكرية الإيرانية إثر التطورات في اليمن إنّها لن تشن حربًا، لكنها هددت من خلال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي بالرد على أي تهديد، إذ شدد سلامي في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي أن إيران لن تشن حربًا، لكن إذا هددها أحد سترد بشكل مناسب وحاسم وقاطع.7
الفصائل العراقية تورطت!
في العراق، أعلنت فصائل مسلحة تحت عناوين ظل جديدة استعدادها للانخراط في الحرب ضد القوات الأميركية مساندة للحوثيين، وهددت باستهداف مصالح العدو الأميركي في المنطقة حيثما وجدت وبالوسائل المناسبة.8
هذه المواقف اعتبرت في واشنطن إعلان نهاية للهدنة التي اضطرت إليها الفصائل العراقية في ذروة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتوجهًا لاستئناف الهجمات ضد القوات الأميركية داخل العراق، لذا بادرت بتحذير صارم.
التحذير صدر مباشرة من وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال اتصال هاتفي مساء أمس، كما علم صحيح العراق، من أطراف في الحكومة وأخرى على صلة بـ تنسيقية المقاومة.
المكالمة لم تكن ودية جدًا، على تعبير المسؤول الحكومي، مؤكدًا أنّ الوزير الأميركي أبلغ السوداني بوضوح لا يقبل اللبس أنّ أي هجوم من الفصائل المسلحة على القوات الأميركية أو المصالح الأميركية في العراق أو خارجه، سيواجه بضربات سريعة ومدمرة، ولن يكون هناك تهاون كما حدث خلال مرة الحرب في لبنان على الإطلاق.
الوزير الأميركي أبلغ السوداني رسالة من ترامب أيضًا، فحواها أنّ وقت الفصائل المسلحة في العراق نفد، وحان وقت نهايتها، وفقًا لذات المصدر.
بالمقابل، قال السوداني إنّ الحكومة تعمل على ذلك، إذ جاء في البيان الرسمي عن المكالمة: جدد السيد رئيس مجلس الوزراء التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يتواجدون في العراق بناءً على دعوة من الحكومة العراقية لدعم جهود مكافحة داعش، كما شدد على التزام العراق بحصر استخدام القوة بيد الدولة وتعزيز الاستقرار الداخلي.9
وعلى الفور نقل السوداني الرسالة إلى زعماء الفصائل وقادة الإطار التنسيقي، ما دفع تنسيقية المقاومة إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة موقف الفصائل من الحرب على اليمن، في ظل المؤشرات التي تفيد بأنّ الانخراط في الحرب يعني تلقي ضربات أميركية غير مسبوقة، إذ أكّد قيادي في حركة مسلحة لـ صحيح العراق، أنّ هذا التحذير أخذ على محمل الجد.
بالتزامن أكّد المسؤول الحكومة أنّ السوداني يستعج لـ عقد اجتماع للمجلس الوطني للأمن لمناقشة التداعيات المحتملة للحرب الأميركية في اليمن على العراق، كما يسعى إلى عقد اجتماع مع قادة الإطار الشيعي لطرح الرسالة الأميركية بشكل رسمي ومناقشة مطالب ترامب حول الفصائل المسلحة خلال هذه المرحلة.
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي اسكندر وتوت أكّد بدوره هذه المعلومات أمس، مشيرًا إلى أنّ دخول الفصائل العراقية على خط الحرب الجديدة في اليمن سيضع العراق في مرمى الهجمات الأميركية على المستوى العسكري ضد تلك الفصائل، وربما حتى ضمن العقوبات الأميركية الاقتصادية، خاصة وأن واشنطن أوصلت رسائل سابقة بأنها لن تسكت على أي اعتداء على مصالحها في العراق وعموم المنطقة
وأشار وتوت، إلى ضرورة ممارسة الضغط الحكومي على الفصائل وقيادتها من أجل إبعاد العراق عن دائرة الحرب والصراع، محذرًا أنّ إدارة ترامب تختلف كلياً عن إدارة بادين، والرد على تلك العمليات سيكون مضرًا أمنيًا واقتصاديًا وحتى سياسيًا على العراق.10
ما يزال قاتل الصحافي والباحث ليث محمد رضا، الذي كشفت القوات الأمنية هويته، طليقًا بعد 24 ساعة من وقوع الجريمة، وهو وقت طويل بالمقارنة مع حوادث جنائية سابقة، وسط مخاوف من أنّ يتمكن من الإفلات من العقاب من خلال النفوذ السياسي، باعتباره ابن أحد الأشخاص المرتبطين بالسلطة، بحسب عشيرة الضحية.
ومع أنّ حجم النفوذ الذي يتمتع به والد المتهم ما يزال غير معروف على وجه الدقة، بالنظر إلى تضارب المعلومات حول طبيعة العلاقة التي جمعت ابنه بأشخاص يعتقد أنّهم على صلة بأحد مستشاري رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي لحظة وقوع الشجار الذي انتهى بمقتل الصحافي والباحث، كشفت التحقيقات الأولية التي ينشرها صحيح العراق في سياق هذا التقرير، أنّ المنزل الذي كان يقيم فيه وجد مهجورًا، وأنّه فر نحو مناطق شرقي العاصمة بغداد وترك السيارة هناك قبل أن يختفي.
لا دخيلك الكلمات الأخيرة
وثقت كاميرا مراقبة في الزقاق الذي يقع فيه منزل الصحافي وكذلك منزل أحد المستشارين السياسيين في منطقة العرصات وسط بغداد، تفاصيل الحادثة، إذ تظهر المشاهد أنّ المتهم لجأ إلى استخدام مسدس كان داخل السيارة المرسيدس جي كلاس، بعد اشتباك بالأيدي مع الضحية، ولم تفلح محاولات بعض الأشخاص الذين كانوا في موقع الحادثة في منعه من إطلاق النار.1
وتوثق المشاهد، أنّ المتهم اعتدى على الضحية بالضرب ثم أطلق النار أكثر من مرة وطارده، إذ حاول الصحافي الاحتماء خلف سيارة.
وأكّد شاهد عيان أنّ المتهم حاول قتل الصحافي ولم يتركه حتى بعد أنّ ركض وناشده قائلاً: لا دخيلك لا، واستمر بإطلاق النار من مسافة قريبة جدًا أمام والدة الصحافي وبعض النساء من عائلته.2
وطابق صحيح العراق إفادات مصادر متعددة بينهم أفراد شرطة وأشخاص كانوا في موقع الحادثة وآخرين من أصدقاء الصحافي ليث محمد رضا بشأنّ هوية الجاني.
وتشير هذه الإفادات إلى أنّ الشجار من القضية من الأساس لم تكن مع المتهم بل مع شخصين كانا يستقلان دراجتين ناريتين وهما يقيمان في منزل مستشار سياسي مرتبط برئيس مجلس النواب السابق وزعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي.
اختفى قرب زيونة
يدعى المتهم علاء وليد مالك معرفاوي التميمي، وكان يستقل سيارة المرسيدس التي ظهرت في الفيديو، وقد تدخل حين رأى اعتراض الصحافي على سائقي الدراجتين، ليتطور الأمر إلى مشاجرة.
يقول أحد المصادر لـ صحيح العراق، إنّ المتهم من عائلة معروفة في بغداد، حيث يمتلك والده مالك التميمي، محل انتيكات شهير في الكرادة باسم الريم، وسكنه الدائم في عمان ويتردد بين الحين والآخر إلى بغداد، مبينًا أنّ المتهم يقيم في منزل مؤجر بذات زقاق الصحافي، وأنّ القوات الأمنية داهمت المنزل بعد الحادث وعثرت على عامل بنغلاديشي مع شخص إيراني في الدار فقط.
لا تبدو الصلة بين المتهم والشخصين المرتبطين بالمستشار السياسي واضحة على نحو الدقة، لكن زملاء الباحث المقتول يؤكّدون أنّ والده شخصية سياسية نافذة، ويعتقدون أنّ له دورًا في منع محاولات إلقاء القبض عليه حتى الآن على الرغم من تتبع مسار فراره.3
فر الجاني من شارع العرصات نحو مناطق شرقي العاصمة بغداد، ثم ترك سيارته قرب تقاطع الربيعي ضمن منطقة زيونة، بالتحديد قرب مول دريم ست، فيما أخلى أشخاص قدموا في سيارتين مصفحتين المنزل الذي كان فيه قبل وصول الشرطة، بحسب ما أكّده مسؤول أمني لـ صحيح العراق.4
وقبل قليل تداولت وصفحات وسائل إعلام صورًا قالت إنّها للسيارة التي كان يستقلها المتهم، ويظهر داخلها مسدس يعتقد أنّ المتهم استخدمه في قتل الصحافي ليث محمد رضا.5
وشيع العشرات وسط بغداد الصحافي إلى مقر عمله في شبكة الإعلام العراقي، الذي قضى نتيجة رصاصة اخترقت الكتف الأيمن باتجاه القلب ومزقت كل الأعضاء التي كانت في طريقها، مطالبين الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤوليتها وإلقاء القبض على المتهم في أسرع وقت، فيما قالت عشيرة الضحية إنّها لم تقيم مجلس عزاء إلى حين اعتقال الجاني وتقديمه للمحاكمة.6
قائد عمليات بغداد: ما نزال نبحث
بدوره، أكّد قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليفة التميمي، المباشرة بإجراءات ملاحقة قاتل الصحفي ليث محمد رضا. وقال التميمي، إن فريقًا أمنيًا باشر بإجراءات ملاحقة قاتل الصحفي ليث محمد رضا.7
نيران حاشية المسؤولين
وتثقل الوسط الصحافي الكثير من جرائم القتل المرتبطة بحاشيات المسؤولين وحماياتهم، ولعل أبرز تلك الجرائم ما حدث عام 2014، عندما قتل الصحافي والأكاديمي محمد بديوي الشمري على يد ضابط في حماية رئيس الجمهورية جلال طالباني حينها وسط بغداد، والذي حكم عليه فيما بعد بالسجن المؤبد.8
وبحسب منظمة اليونسكو، فإنّ نسبة الإفلات من العقاب على جرائم قتل الصحفيين في العراق تتجاوز 98، مما يتطلب اهتمامًا دوليًا ومحليًا كبيرًا، حيث قُتل أكثر من 500 صحفي منذ العام 2003 وحتى عام 2024 دون محاسبة القتلة، ولم تُحل سوى 9 قضايا فقط.9