مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
أثارت مذكرة العقوبات المشددة التي وقعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحق إيران مخاوف كبيرة داخل العراق ترتبط بشكل أساسي بقطاع الطاقة، إذ تداولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي صورة للرئيس الأميركي، مع تعليق: وداعًا للكهرباء في الصيف القادم ترامب يلغي إعفاء العراق لاستيراد الغاز من إيران مؤكدا على منع إيران من استغلال أموال العراق.
وعلى الرغم من أنّ الصورة مضللة، إذ تعود إلى عام 2017، حين وقع ترامب، في دورته الأولى قانون الضرائب الجديد الذي صاغه الجمهوريون والبالغة قيمته 1.5 تريليون دولار1، إلاّ أنّ المعلومات المرفقة تستند إلى استنتاجات إثر إعلان استئناف حملة الضغط الأقصى على إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والتي ورد في نصها ذكر العراق في فقرة واحدة.
صحيح العراق ترجم المذكرة وينشرها فيما يلي بنصها الكامل بهدف الحد من المعلومات المضللة التي رافقتها، كما يناقش في هذا التقرير الموجز احتمالات فرض ضوابط أميركية صارمة على العراق تمنع شراء الكهرباء والغاز الإيراني، وتداعيات ذلك على حجم إنتاج الكهرباء.
ترامب تردد ثم وقع2
وقع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، يوم الثلاثاء الرابع من شباط، على مذكرة رئاسية بشأن إيران، تهدف إلى إعادة إطلاق حملة الضغط الأقصى على نظام المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وهي حملة مارسها ترامب طوال فترة ولايته الأولى.
وتهدف حملة الضغط الأقصى إلى حرمان طهران من جميع الطرق التي قد تؤدي إلى امتلاكها سلاحًا نوويًا، بحسب ترامب، الذي قال إنّه كان مترددًا بشأن توقيع المذكرة، ووصف الإجراء بـ الصعب للغاية.
نص المذكرة الكامل:3
وفي نص مذكرة العقوبات التي نشرها البيت الأبيض وترجمها صحيح العراق، نجد أنّ ترامب كلف وزير الخارجية الأميركية في الفقرة ب، باتخاذ 4 خطوات تهدف إلى محاصرة إيران اقتصاديًا، من بينها اتخاذ خطوات فورية بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات ذات الصلة الأخرى لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران للتهرّب من العقوبات أو الالتفاف عليها، وأن الدول الخليجية لا تُستخدم كنقاط تحويل للتهرّب من العقوبات.
ونصت المذكرة الموجهة إلى وزير الخارجية، وزير الخزانة، وزير الدفاع، النائب العام، وزير الطاقة، وزير الداخلية، وزير الأمن الداخلي، مساعد الرئيس ورئيس موظفي البيت الأبيض، الممثل التجاري للولايات المتحدة، الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مدير الاستخبارات الوطنية، مدير وكالة الاستخبارات المركزية ، مدير مكتب الإدارة والميزانية، مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي، المستشار القانوني للرئيس، مساعد الرئيس للسياسة الاقتصادية، رئيس هيئة الأركان المشتركة، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، على ما يلي:
فرض أقصى قدر من الضغط على حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحرمان إيران من جميع المسارات المؤدية إلى السلاح النووي، ومكافحة النفوذ الخبيث لإيران.
بصفتي رئيسًا، فإن أولويتي العليا هي ضمان سلامة وأمن الولايات المتحدة والشعب الأمريكي. منذ تأسيسها في عام 1979 كدولة ثيوقراطية ثورية، أعلنت حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدائها تجاه الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها. لا تزال إيران الدولة الرائدة في العالم في دعم الإرهاب، وقد ساعدت جماعات مثل حزب الله، وحماس، والحوثيين، وطالبان، وتنظيم القاعدة، وغيرها من شبكات الإرهاب. الحرس الثوري الإسلامي الإيراني نفسه هو منظمة إرهابية أجنبية مصنفة.
تستخدم الحكومة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، عملاء وسائل إلكترونية مستخدمة في استهداف المواطنين الأمريكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة وفي دول أخرى حول العالم بهجمات تشمل الاعتداء، الاختطاف، والقتل. كما وجهت إيران جماعاتها الوكيلة، بما في ذلك منظمة الجهاد الإسلامي التابعة لحزب الله، لزرع خلايا نائمة داخل البلاد لتكون جاهزة للتفعيل لدعم هذه الأنشطة الإرهابية.
تحمل إيران المسؤولية عن المجازر المروعة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر 2023، وتتحمل المسؤولية عن الهجمات الحوثية المستمرة ضد البحرية الأمريكية، والأساطيل الحليفة، والشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر. منذ أبريل 2024، أظهر النظام مرتين استعداده لإطلاق هجمات صاروخية بالستية وصواريخ كروز ضد دولة إسرائيل.
تقوم إيران بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتحتجز بشكل تعسفي الأجانب، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين، بتهم ملفقة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وتعريضهم للإساءة. تقف الولايات المتحدة مع النساء في إيران اللواتي يتعرضن يوميًا للإساءة من قبل النظام.
برنامج إيران النووي، بما في ذلك قدراتها المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة والصواريخ القادرة على حمل أسلحة نووية، يشكل خطرًا وجوديًا على الولايات المتحدة وعلى العالم المتحضر بأسره. لا يمكن أبدًا السماح لنظام متطرف مثل هذا بامتلاك أو تطوير أسلحة نووية، أو ابتزاز الولايات المتحدة أو حلفائها من خلال تهديد الحصول على الأسلحة النووية أو تطويرها أو استخدامها. اليوم، تنتهك إيران التزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية من خلال إخفاء مواقع نووية غير معلنة ومواد كما هو مطلوب بموجب اتفاقية الضمانات الشاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية . عرقلت إيران وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مواقعها العسكرية أو المواقع المرتبطة بمنظمة الابتكار والبحث الدفاعي، المعروفة أيضًا باسم ، ولإجراء مقابلات مع علماء الأسلحة النووية الذين لا يزالون يعملون في . تثير التقارير العامة التي تشير إلى أن إيران قد تكون الآن منخرطة في نمذجة حاسوبية تتعلق بتطوير الأسلحة النووية قلقًا فوريًا. يجب أن نحرم إيران من جميع المسارات المؤدية إلى السلاح النووي وأن ننهي عملية الابتزاز النووي لهذا النظام.
يشكل سلوك إيران تهديدًا للمصالح الوطنية للولايات المتحدة. لذلك، من مصلحة الأمن القومي فرض أقصى قدر من الضغط على النظام الإيراني لإنهاء تهديده النووي، وتقييد برنامج الصواريخ الباليستية، وإيقاف دعمه للجماعات الإرهابية.
القسم الأول: السياسة
إن سياسة الولايات المتحدة هي أن يتم حرمان إيران من السلاح النووي والصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ أن يتم تحييد شبكة إيران وحملتها للعدوان الإقليمي؛ أن يتم تعطيل أو تدمير أو حرمان الحرس الثوري الإيراني ووكلائه من الوصول إلى الموارد التي تغذي أنشطتهم المزعزعة للاستقرار؛ وأن يتم مواجهة التطوير العدواني لإيران للصواريخ والقدرات الأخرى غير المتماثلة والتقليدية.
القسم الثاني: فرض أقصى قدر من الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية
أ وزير الخزانة سيقوم بما يلي:
1 فرض عقوبات فورًا أو اتخاذ إجراءات إنفاذ مناسبة ضد جميع الأشخاص الذين تتوفر لديهم أدلة على ممارسة أنشطة تنتهك واحدة أو أكثر من العقوبات المتعلقة بإيران.
2 تنفيذ حملة قوية ومستمرة لتطبيق العقوبات فيما يتعلق بإيران التي تحرم النظام ووكلائه الإرهابيين من الوصول إلى الإيرادات.
3 مراجعة أي ترخيص عام، أسئلة شائعة، أو إرشادات أخرى توفر لإيران أو أي من وكلائها الإرهابيين أي درجة من الإغاثة الاقتصادية أو المالية من أجل تعديلها أو سحبها.
4 إصدار إرشادات محدثة لجميع القطاعات التجارية ذات الصلة بما في ذلك الشحن، التأمين، ومشغلي الموانئ، حول المخاطر التي تواجه أي شخص يعرف أنه يخالف العقوبات الأمريكية المتعلقة بإيران أو وكيل إرهابي إيراني.
5 الحفاظ على التدابير المضادة ضد إيران في مجموعة العمل المالي ، وتقييم حدود الملكية الفائدة لضمان أن العقوبات تحرم إيران من جميع الإيرادات غير المشروعة المحتملة، وتقييم ما إذا كان ينبغي على المؤسسات المالية اعتماد معيار معرفة عميل عميلك للتعاملات المتعلقة بإيران لمنع التهرب من العقوبات.
ب وزير الخارجية سيقوم بما يلي:
1 تعديل أو سحب إعفاءات العقوبات، خاصة تلك التي توفر لإيران أي درجة من الإغاثة الاقتصادية أو المالية، بما في ذلك تلك المتعلقة بمشروع ميناء جابهار الإيراني.
2 تنفيذ حملة قوية ومستمرة بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات التنفيذية الأخرى ذات الصلة الوكالات لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، بما في ذلك صادرات النفط الخام الإيراني إلى جمهورية الصين الشعبية.
3 قيادة حملة دبلوماسية لعزل إيران في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك داخل المنظمات الدولية، بما في ذلك رفض حرية التنقل أو الملاذ الآمن للحرس الثوري الإيراني أو أي وكيل إرهابي إيراني أينما كانوا يعملون خارج حدود إيران.
4 اتخاذ خطوات فورية بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات ذات الصلة الأخرى لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران للتهرّب من العقوبات أو الالتفاف عليها، وأن الدول الخليجية لا تُستخدم كنقاط تحويل للتهرّب من العقوبات.
ج الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سيقوم بما يلي:
1 العمل مع الحلفاء الرئيسيين لإكمال إعادة فرض العقوبات والقيود الدولية على إيران.
2 محاسبة إيران على انتهاكها لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
3 عقد اجتماعات منتظمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتسليط الضوء على التهديدات المتعددة التي تشكلها إيران على السلام والأمن الدوليين.
د وزير التجارة سيقوم بما يلي:
تنفيذ حملة قوية ومستمرة لتطبيق ضوابط التصدير لتقييد تدفق التكنولوجيا والمكونات التي يستخدمها النظام لأغراض عسكرية.
هـ النائب العام سيقوم بما يلي:
1 متابعة جميع الخطوات القانونية المتاحة لتحقيقات، تعطيل، ومقاضاة الشبكات المالية واللوجستية، والعملاء، أو الجماعات الأمامية داخل الولايات المتحدة التي ترعاها إيران أو وكيل إرهابي إيراني.
2 متابعة جميع الخطوات القانونية المتاحة لضبط شحنات النفط الإيرانية غير المشروعة.
3 متابعة جميع الخطوات القانونية المتاحة لتحديد الأصول الحكومية الإيرانية في الولايات المتحدة وخارجها، ومساعدة ضحايا الإرهاب الأمريكيين، بما في ذلك عائلات النجوم الذهبية، في جمع الأحكام الفيدرالية ضد إيران.
4 متابعة جميع الخطوات القانونية المتاحة لتقديم لوائح الاتهام ومقاضاة قادة وأعضاء الجماعات الإرهابية الممولة من إيران ووكلائها الذين ألقوا القبض على مواطنين أمريكيين أو آذوهم أو قتلوا، وحيثما كان ذلك ممكنًا وبالتنسيق مع وزير الخارجية، السعي لاعتقالهم وتسليمهم إلى الولايات المتحدة.
5 استخدام جميع السلطات والوسائل الجنائية، التنظيمية، والإلكترونية للتحقيق بشدة، مقاضاة، وتعطيل جهود الحكومة الإيرانية لتنفيذ عمليات تجسس أو الحصول على معلومات عسكرية، استخباراتية، حكومية، أو حساسة أخرى، وتعريض الوطن والبنية التحتية الحرجة للخطر، والتهرب من العقوبات وضوابط التصدير، والحصول على دعم مادي للإرهاب، وممارسة نفوذ خبيث خارجي، وتهديد الأذى والانتهاك لحرية التعبير المحمية بموجب التعديل الأول، بما في ذلك الجهود المصممة لنشر معاداة السامية.
القسم الثالث: الأحكام العامة
أ لا يجوز تفسير أي شيء في هذه المذكرة على أنه يضعف أو يؤثر بطريقة أخرى:
1 السلطة الممنوحة بموجب القانون لوزارة تنفيذية أو وكالة، أو رئيسها.
2 وظائف مدير مكتب الإدارة والميزانية المتعلقة بالمقترحات الميزانية، الإدارية، أو التشريعية.
ب سيتم تنفيذ هذه المذكرة بما يتماشى مع القوانين المعمول بها ويخضع لتوفر الاعتمادات.
ج لا يقصد بهذه المذكرة، ولا تقوم بذلك، بإنشاء أي حق أو منفعة، سواء كانت موضوعية أو إجرائية، قابلة للتنفيذ قانونيًا أو في إطار العدالة من قبل أي طرف ضد الولايات المتحدة، أو وزاراتها، أو وكالاتها، أو كياناتها، أو موظفيها، أو وكلائها، أو أي شخص آخر.
مسؤول: لا تقلقوا السوداني سيحصل على استثناء
وبالتدقيق في نص المذكرة، يظهر أنّ الفقرة التي تناولت العراق مرتبطة بشكل أساسي بقضية تهريب الدولار والشبهات التي تثار عن تصدير نفط إيراني تحت غطاء الخام العراقي، بحسب ما يراه مسؤول في مجلس الوزراء تحدث إليه صحيح العراق.
ويقول المسؤول إنّ الحديث عن حرمان العراق من الغاز والكهرباء الإيرانيين ما يزال مبكرًا، بل ويراهن على قدرة حكومة محمد شياع السوداني على نيل استثناء لمواصلة استيراد الكهرباء والغاز من إيران، مبينًا أنّ الحكومة ستتفاوض وهي مطمئنة بالنظر إلى الخطوات الحقيقية التي اتخذتها في مجال استثمار الغاز، والتي ستفضي بالنهاية إلى الاستغناء عن المصادر الخارجية.
كما يقول إنّ إثارة الذعر بهذه الطريقة ليس مستغربًا، وهو جزء من حملة تخويف كبيرة تمارسها جهات داخلية وخارجية منذ سنوات، والتي تصاعدت بشكل كبير منذ فوز الرئيس الأميركي ترامب.
وخلال ولايته الأولى منحت إدارة ترامب، رغم العقوبات المشددة، استثناءات مؤقتة للعراق، تسمح له باستيراد الغاز والكهرباء من إيران لفترات محددة. هذه الاستثناءات كانت تُجدد بشكل دوري، وعادةً لمدة 90 أو 120 يومًا. وهذه الاستثناءات كانت دائمًا مشروطة، وكان العراق مطالبًا بتقديم خطط لتقليل اعتماده على إيران تدريجيًا.4
ترامب يغازل نظام خامنئي!5
ويعزز التفاؤل الحكومي في العراق موقف ترامب المتناقض، وبقاء العقوبات على الورق فقط لحين إتمام جولة من المفاوضات مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بحسب ما أكّده الرئيس الأميركي بنفسه، إذ قال: نأمل ألا نضطر إلى استخدام المذكرة وسنرى ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق مع طهران، مشيرًا إلى أنه سيعقد محادثات مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وشدد في ذات الوقت، أنّ إيران قريبة جدًا من امتلاك سلاح نووي، وهو ما لا يمكن أن يحدث.
صرّح ترامب عند توقيع المذكرة في المكتب البيضاوي قائلاً: ربما يمكن للجميع التعايش معًا وأكّد أنّه لا يريد استخدام الصلاحيات الجديدة التي وقعها للتو. كما كتب على في اليوم التالي: أريد أن تكون إيران دولة عظيمة وناجحة، ولكن دون امتلاك سلاح نووي. مؤكدًا أنه يود التوصل إلى اتفاق سلام نووي مُوثق.
هذا التضارب خلق ارتباكًا بشأن نوايا ترامب الفعلية، بحسب وسائل إعلام أميركية، والتي أشارت إلى أنّ سياسة ترامب ضد إيران لن تكون ذات تأثير كبير ما لم يتم فرض عقوبات جديدة ومبتكرة تحد من صادرات النفط إلى الصين.
ليست بهذه البساطة
بالمقابل، يعلق نائب في اللجنة المالية في حديث لـ صحيح العراق، مؤكدًا أنّ الأمر ليس بهذه البساطة، مبينًا أنّ على الحكومة العراقية أنّ تتعامل بمسؤولية مع الخطوات الأميركية المقبلة، وأنّ لا تعتمد على الإنجاز الذي حققته حين نجحت بمنع تلقي العراق ضربات عسكرية خلال الحرب في إيران وغزة، بالنظر إلى الاختلاف الكبير بين الإدارتين الأميركيتين السابقة والحالية بايدن وترامب.
وليس أمام الحكومة سوى سبيل واحد، بحسب النائب، يتمثل في الوضوح الكامل واتخاذ خطوات سريعة تثبت أنّ العراق يتجه بالفعل إلى منع تهريب الدولار وتسرب الأموال إلى إيران، والاستغناء عن الغاز الإيراني.
وفي هذا السياق أيضًا كان زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، الذي تتردد معلومات مؤخرًا عن انسحابه من الإطار التنسيقي، قال إنّ الإدارة الأميركية الحالية أبلغت بغداد اعتزام إدارة الرئيس دونالد ترامب القادمة عدم منح العراق استثناء جديدًا لاستيراد الغاز الإيراني، والذي سينتهي في منتصف آذار مارس المقبل، أي خلال أيام قليلة.6
ويعني توقف الغاز الإيراني فقدان نحو 9 آلاف ميغا واط من حجم الإنتاج العراقي من الكهرباء، بحسب ما أكّده سابقًا المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، نهاية العام الماضي.7
وسبق أنّ تعاقد العراق مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، لكن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن بانتظار الإجراءات المالية التي سيتكفل بها مصرف التجارة العراقي.
فيما يتطلب استيراد الغاز القطري مد خطوط أنابيب بين العراق وقطر، أو إنشاء منصات استيراد للغاز المسال في ميناء الفاو جنوبي العراق، بحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء، والذي أكّد بداية هذا العام، أنّ الحكومة ماضية في دعوة شركات متخصصة لإنشاء منصات استيراد الغاز المسال في ميناء الفاو خلال 8 أشهر، وأن الحكومة الآن في طور دعوة 6 شركات متخصصة لإنشاء هذه المنصات.8
تطورت الأزمة الناجمة عن القرار الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية بشكل متسارع لتمتد من الغرف السياسية إلى أروقة القضاء، وتتحول إلى سجال بين فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى، وجاسم العميري رئيس المحكمة الاتحادية العليا.
وعلى خلفية الاعتراضات الشديدة التي صدرت عن الأطراف السياسية السنية، خاصة زعيم تحالف تقدم محمد الحلبوسي، فضلاً عن بعض الجهات الشيعية، عقد مجلس القضاء الأعلى جلسة برئاسة فائق زيدان اليوم، انتهت بأنّ القرار الولائي الذي صدر عن المحكمة الاتحادية غير ملزم للمحاكم وبالتالي يجب تطبيق نصوص تعديل قانون العفو العام.
وصدر قرار مجلس القضاء خلال جلسة عقدها المجلس حضورًا وإلكترونيًا
برئاسة رئيس محكمة التمييز الاتحادية فائق زيدان، والتي خصصت لمناقشة موضوع الأمر الولائي الصادر من المحكمة الاتحادية ذي العدد 3 وموحداته 4 و18 و19 و21 اتحادية أمر ولائي 2025 في 422025 بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة التي تم إقرارها في جلسة مجلس النواب العراقي.
ونص القرار على ما يلي:1
إن موضوع نفاذ القوانين والطعن بعدم دستوريتها تمت معالجته بأحكام المادتين 93أولاً و 129 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 إذ يقتضي ابتداءً عند الطعن بعدم دستورية أي قانون يصدر من مجلس النواب أن يتم نشره في الجريدة الرسمية حتى يصبح القانون محلاً للطعن بعدم دستوريته وهذا ما استقر عليه قضاء المحكمة الاتحادية العليا في العديد من قراراتها ومنها القرار ذي العدد 88اتحادية2016 في 20 12 2016 والقرار المرقم 31اتحادية2018 في 11 3 2018 فمن باب أولى لا يجوز إيقاف تنفيذ القانون الذي يتم تشريعه من قبل مجلس النواب العراقي قبل نشره في الجريدة الرسمية، ولان الأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا أنف الذكر قد نصَ صراحةً على إيقاف تنفيذ إجراءات صدور ونفاذ قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وقانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل على الرغم من أن هذين القانونين لم ينشرا في الجريدة الرسمية لحد الآن، وبهذا يعتبر الأمر الولائي غير ذي موضوع لأنه قد انصب على قانونين غير نافذين لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية وان مجرد التصويت عليها فقط في مجلس النواب العراقي يقتضي التريث في إصدار أي قرار سلباً أو إيجاباً يتعلق بتنفيذ القانون.
كذلك يلاحظ بأنه ورد في قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بإصدار الأمر الولائي في 4 2 2025 بأن إصدار أمر ولائي مستعجل بناءً على طلب مستقل أو ضمني في الدعاوى الدستورية المقامة أمامها لم يتم التطرق إليه كما لم تتم معالجته في قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 المعدل، ولا النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2022، وبذلك فهو يخضع للأحكام المشار إليها في المادتين 151 و 152 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل استناداً للمادة 39 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا، وخلصت المحكمة الاتحادية في قرارها إلى إن إصدار أمر ولائي مستعجل محكوم فقط بالضوابط والشروط الواجب توافرها لإصداره الواردة في قانون المرافعات المدنية المذكور، وبالرجوع الى تلك الضوابط والشروط نجد إنها أجازت لمن له الحق في الاستحصال على أمر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون أن يطلب من المحكمة إصدار هذا الأمر في حالة الاستعجال على وفق الإجراءات المبينة في المادتين 151 و152 من قانون المرافعات المدنية، وإذ أن المادة 129 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 منعت إيقاف تنفيذ القوانين أوتأجيل تنفيذها أو التريث بها قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد 75اتحاديةأعلام2015 المؤرخ 12 8 2015، مما يكون طلب إيقاف تنفيذ القوانين ومن ضمنها قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 غير وارد قانوناً لتعارضه مع النص الدستوري واستقرار المحكمة الاتحادية العليا وعدم مراعاة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية، فضلاً عن أن المادة 153مرافعات أجازت للمتضرر من الأمر الولائي الطعن فيه بالتظلم أمام المحكمة الذي أصدرته ومن ثم الطعن فيه تمييزاً في حين أن المحكمة الاتحادية وصفت أمرها الولائي بالبات والملزم للسلطات كافة خلافاً لنصوص قانون المرافعات المدنية الذي استندت عليه والمادة 39 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا.
إضافة إلى ذلك أن الأوامر الولائية هي قرارات وقتية ولا تتمتع بالحجية الباتة والملزمة التي هي صفة تلازم الأحكام النهائية الفاصلة في موضوع النزاع وإذ أن المحاكم ملزمة بتطبيق قانون العفو العام المصوت عليه من قبل مجلس النواب العراقي بتاريخ 21 1 2025 وأن المادة 129 من الدستور منعت تعطيل تنفيذ القوانين ما دام لم يصدر قرار بات بعدم دستوريتها أو إلغاءها من الجهة التي أصدرتها، وبالتالي يكون لزاماً على المحاكم المضي بتنفيذ قانون تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص.
وأثار هذا القرار حفيظة رئيس المحكمة الاتحادية، التي أصدرت ردًا صارمًا أكّد أنّ القرارات الصادرة عنها باتة وملزمة.
وجاء في نص توضيح رسمي نشرته المحكمة الاتحادية العليا عبر موقعها:2
إن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة بموجب أحكام المادة 94 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 التي نصت على أنه قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة، وإن النص آنف الذكر يشمل جميع الأحكام والقرارات الصادرة منها بما فيها الأوامر الولائية، وإن المادة المذكورة حصنت جميع قراراتها من الطعن بها وألزمت تنفيذها ذلك أن الدستور هو وثيقة الشعب وأن أحكام المحاكم الدستورية تستند في قوتها إلى تلك الوثيقة، التي تلزم الجميع عدم انتهاكها أو خرقها والتقيد بمضمونها ومحتواها.
لم يقنع تصويت مجلس النواب على تعديل قانون الموازنة، المعلمين والموظفين المعتصمين أمام مقر الأمم المتحدة في السليمانية بإنهاء إضرابهم واحتجاجاتهم، كما لم تؤثر وعود المحافظ بإطلاق جداول الرواتب ابتداءً من اليوم، إذ يقول المعتصمون إنّهم لن يعودوا إلى منازلهم قبل استلام رواتبهم كاملة وإيجاد حل جذري لقضية الرواتب في الإقليم، بما يؤمن لأسرهم لقمة عيش كريمة.
وتحولت احتجاجات المعلمين والموظفين أمام مقر الأمم المتحدة في منطقة جبل كويزة أو كويجة باللهجة المحلية، إلى اعتصام مفتوح، منذ نحو أسبوع، مع إعلان الإضراب عن الطعام، بهدف الضغط على السلطات لإطلاق رواتبهم المتوقفة منذ أشهر، فيما تدهورت إثر ذلك حالة عدد من المعتصمين الذين نقلوا للمستشفى في حالات حرجة فاقمها انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في المنطقة الجبلية المفتوحة، حيث الاعتصام.
ولا يثق المعتصمون بالتعهدات التي أطلقتها سلطات الإقليم عن إطلاق الرواتب عاجلًا إثر إقرار تعديل قانون الموازنة، ويقولون إنّ الأموال التي سترسلها بغداد ستذهب إلى جيوب عوائل أطراف السلطة، مطالبين بإنهاء إجراءات توطين رواتبهم على المصارف الاتحادية أسوة بأقرانهم في الوسط والجنوب،
، رغم تصويت مجلس النواب الاتحادي على تعديل قانون الموازنة، وبالتالي إمكانية صرف رواتب الموظفين في الإقليم، بحسب رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني الذي دعا المعتصمين إلى إنهاء إضرابهم عن الطعام ومراعاة حالتهم الصحية.
صحيح العراق استمع إلى رد عدد من المعتصمين بعد إعلان حكومة كردستان حل الأزمة، ورسالة المحافظ أبو بكر هافال الذي أكّد أنّ إجراءات إطلاق الرواتب ستبدأ من اليوم، ويستعرضها في هذا التقرير:
إضراب بنسبة 95 في المدارس
الاحتجاجات المرتبطة بالرواتب في السليمانية ليست جديدة، إذ أنّ أزمة تعود إلى أكثر من 10 سنوات، حين بدأ سلطات الإقليم تطبيق سياسة الادخار الإجباري1، والتي تتلخص باقتطاع نسب كبيرة من الرواتب بحجة الأزمة الاقتصادية، لكنها بلغت ذروتها هذه المرة، حين تحول تظاهرات المعلمين إلى اعتصام ومن ثم إضراب عن الطعام، من نهاية شهر كانون الثاني يناير الماضي.
وبدأت الحراك، بحسب عضو هيئة الدفاع عن المعلمين المحتجين، شني علي، حين قرر 100 معلم الإضراب عن الطعام والاعتصام في خيمة، للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة، وتوطينها على المصارف الحكومية، وإطلاق العلاوات والترفيعات المتوقفة منذ عشر سنوات، بعد أنّ تعطلت الدوام في المدارس بشكل شبه كامل نتيجة إضراب المعلمين بنسبة بلغت 95.2
وفي سادس أيام الإضراب، أعلنت أكثر من 100 منظمة مجتمع مدني في إقليم كردستان، دعمها الكامل للمطالب المشروعة للمعلمين والمدرسين والموظفين المضربين عن الطعام في السليمانية، والذين يطالبون بصرف رواتبهم المتأخرة. وقال الناشط المدني سرور عبد الرحمن3، إنّ عددًا من المعلمين والموظفين في السليمانية بدأوا إضرابًا مفتوحًا عن الطعام منذ 25 ينايركانون الثاني 2025، احتجاجًا على ما وصفوه بتجاهل حقوقهم المشروعة من قبل السلطات المعنية.
ورفع المعتصمون، بحسب الناشط عبد الرحمن، مذكرة رسمية إلى الأمم المتحدة، وطالبوا بتدخل دولي لإيقاف معاناتهم في خطوة أخيرة بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى للحصول على حقوقهم، مبينًا أنّ أوضاع عدد من المضربين الصحية بدأت في التدهور، وحكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية والأمم المتحدة تتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامتهم، كما دعا القنصليات الأجنبية وممثليات الدول في الإقليم إلى التدخل العاجل لحل الأزمة.
لا طعام فقط مشروبات بدون سكر
ومع ارتفاع أعداد المشاركين في الإضراب عن الطعام أمام مقر الأمم المتحدة بمنطقة كويجة، وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في المنطقة الجبلية الباردة، تدهورت الحالة الصحية للكثير من المعتصمين إلى مستوى خطر، ما دعا إلى نقلهم إلى المستشفيات.4
فيما يحاول من تبقى داخل خيمة الإضراب عن الطعام الصمود لأطول فترة ممكنة من خلال شرب الماء أو المشروبات الساخنة بدون سكر، على أمل تحقيق حل مستدام يضمن قوت عوائلهم وإنهاء الأزمة التي تتبادل السلطات في كردستان الاتهامات بشأن المسؤولية عنها مع الحكومة الاتحادية في بغداد منذ أكثر من عقد كامل.5
المالية تكذب حكومة كردستان6
وتتهم حكومة كردستان الحكومة الاتحادية بالمسؤولية عن الأزمة، لكن وزارة المالية تقول بالمقابل إنّ سلطات الإقليم تلقت تخصيصات الرواتب بشكل شهري، وتؤكّد أنّ سلطات كردستان لم تنجز المتطلبات المشترطة لتوطين رواتب موظفي الإقليم بناءً على قرار المحكمة الاتحادية.
وأشار آخر بيانات وزارة المالية الاتحادية نهاية الشهر الماضي، إلى أنّ الإقليم لم يزود حتى الآن الوزارة بأي بيانات تخص توطين رواتب موظفي الإقليم لدى المصارف كافة وليس المصارف الحكومية فقط، بحسب قرار المحكمة الاتحادية الذي عامل موظفي الإقليم بمثل موظفي دوائر الدولة كافة، مؤكدًا أنّ سبب التأخير هو عدم فصل الإقليم أسماء الموظفين الذين تمت إحالتهم على التقاعد.
وقالت الوزارة، إنّها حلاً للإشكال وعدم التأخير أرسلت فريقًا من موظفي الوزارة من المحاسبة والموازنة والتقاعد منذ أكثر من عشرة أيام يعملون مع الإقليم لغرض فرز وتدقيق القوائم وعزل الذين تمت إحالتهم على التقاعد واحتساب رواتبهم التقاعدية حسب قانون التقاعد رقم 26 لسنة 2019 المعدل، واحتساب مبلغ الزيادة 100 ألف دينار الأخيرة للمتقاعدين واحتساب مكافأة نهاية الخدمة وعزل المتقاعدين القدماء عن المشمولين بالقانون، والبالغ عددهم أكثر من 29 ألف موظف من الذين ستتم إحالتهم على التقاعد، مبينة أنّ الفريق عمل على عزل قوات البيشمركة الذين هم نسبة من القوات البرية الاتحادية، وظهر أن حكومة الإقليم تدفع رواتبهم من حصة الإقليم ما سبب عجزًا بالرواتب.
وبحسب الوزارة، فإنّ رواتب البيشمركة مرصودة ضمن مخصصات وزارة الدفاع الاتحادية لكن الإقليم كان يدفعها من الرواتب التي ترسلها الحكومة الاتحادية للموظفين من الشرائح الأخرى في كردستان.
كما شددت الوزارة على مطالبها بالإفصاح عن الذين يتقاضون أكثر من راتب في كردستان، والمشمولين بقوانين الإقليم، ونسخة من هذه القوانين حتى لا يتم استبعادهم من القوائم شهرياً نتيجةً للتكرار الذي يحدث شهرياً عند مقاطعة وتدقيق الأسماء.
وأوضحت أيضًا أنّ موازين المراجعة الشهرية لشهر كانون الأول لسنة 2024 لم تُنجز حتى الآن بسبب الأخطاء الواردة بالإدخال من قبلهم، مؤكدة أنّ موظفي دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية يعملون مع ممثلي وزارة المالية في الإقليم على تصحيحه لأن شرط تمويل أي شهر يتطلب تزويد دائرة المحاسبة بالميزان الشهري للشهر السابق حتى تستطيع دائرة المحاسبة إنجاز نشر الحساب الختامي للدولة وإرساله الى اللجنة المالية في مجلس النواب والأمانة العامة لمجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية الاتحادي.
بارزاني: الرسائل وصلت
فيما قال رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أمس، إن رسائل ومطالب المعلمين وأصحاب الرواتب وصلت بشكل كامل إلى الجهات المعنية، لذا أطلب منهم مراعاة وضعهم الصحي والتوقف عن الإضراب. وأضاف: بذلنا جهودًا كبيرة من رئاسة وحكومة إقليم كردستان مع الحكومة الفيدرالية. وفي هذا السياق، وبفضل المفاوضات والتفاهم بين الطرفين وبالتعاون مع الجهات المعنية، تمت الموافقة على تعديل قانون الموازنة العامة الفيدرالية، وهناك أمل في الحل النهائي لقضية رواتب ومستحقات إقليم كردستان.7
بعد ذلك، أكّدت وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان، التوصل إلى اتفاق نهائي مع بغداد بشأن مستحقات موظفي الإقليم لعام 2025، وقال الوزير آوات شيخ جناب، في مؤتمر صحفي، يمكننا القول إن مشكلة الرواتب قد انتهت للعام 2025، وستبدأ غداً وبعد غد برنامج توزيع الرواتب للشهر الأول، ونأمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تحتاج فيها الرواتب إلى الأخبار، لأن الموظفين كانوا في معاناة لمدة 12 عامًا تقريبًا؛ ويسعدنا أن نقول إن هذه المشاكل قد انتهت.8
كردستان تتحدث عن حل نهائي
كما أعلنت حكومة إقليم كردستان، اليوم الثلاثاء، أن الحكومة الاتحادية حوّلت أكثر من 950 مليار دينار إلى حساب وزارة المالية والاقتصاد في الإقليم لتمويل رواتب الشهر الماضي. وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم بيشوا هوراماني، في بيان اليوم، إن وزارة المالية الاتحادية أودعت مبلغًا ماليًا مقداره 958012332759 دينارًا في حساب وزارة المالية في حكومة الإقليم، مؤكدًا أنّ حكومة الإقليم ستباشر بصرف رواتب شهر كانون الثاني الماضي في أقرب وقت ممكن، وفقًا للآليات المعتمدة من قبل وزارة المالية.9
محافظ السليمانية أطلق بدروه تعهدات مماثلة، إذ قال إنّ الأمم المتحدة سعيدة بتنظيم الإضراب أمام مبناها بطرق سلمية، ودون التسبب بقطع الطرق أو تعطيل مصالح الناس، فيما أكدت حكومة إقليم كردستان أن موضوع الرواتب قد تم حله مع حكومة بغداد وستوزع قريبًا، مضيفًا: قرار استمرار الإضراب من عدمه بأيدي المضربين أنفسهم ولا أحد يستطيع اتخاذ القرارات نيابة عنهم.10
الإضراب سيستمر
وعلى الرغم من كلّ هذه التعهدات، يؤكّد المعلومون والموظفون في خيمة الاعتصام أمام مقر الأمم المتحدة على جبل كويجة، أنّ الإضراب عن الطعام لن يتوقف حتى إعلان انتهاء إجراءات توطين رواتبهم، وارتباطها مباشرة بالحكومة الاتحادية.
وقال أحد المعتصمين المضربين لـ صحيح العراق، لا نثق بهؤلاء الذين استلموا الأموال في أربيل. سيسرقون جزءًا كبيرًا منها وسنعاني في نهاية هذا العام أيضًا.
فيما قال آخر إنّ الرسالة من هذا الاعتصام هذه المرة واضحة، وهي انتزاع أموال الرواتب من يد السلطات من كردستان وتوطينها بشكل إلكتروني أسوة بالموظفين في وسط وجنوب العراق.
مرر مجلس النواب، أمس الأحد، تعديل قانون الموازنة الذي أقره مجلس الوزراء دون أي تغيير، وسط شبهات مرتبطة بشرعية الجلسة، وهو تعديل سيزيد من حجم الأموال التي ستدفعها الحكومة الاتحادية مقابل النفط القادم من إقليم كردستان، ويرتبط بأموال لصالح شركات أميركية تقدر بمليارات الدولارات.
وجاء التصويت على التعديل على الرغم من اعتراضات واسعة صدرت عن عشرات النواب الذي قاطعوا الجلسة، الذين يرون فيه وجهًا من أوجه غياب العدالة، وغطاءً على فساد السلطات في كردستان، كما يعكس حجم الرضوخ للمخاوف من الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، وفقًا لتصريحات خاصة لـ صحيح العراق.
وصوت البرلمان، في جلسته الرابعة من فصله التشريعي الأول، للسنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، برئاسة محسن المندلاوي النائب الأول لرئيس المجلس، على مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023،2024،2025 رقم 13 لسنة 2023 المقدم من اللجنة المالية. وقالت رئاسة البرلمان إنّ التعديل يهدف لتعيين جهة استشارية فنية دولية متخصصة تعمل على احتساب الكلف التخمينية العادلة لإنتاج ونقل النفط في إقليم كردستان ولكل حقل على حدة والحفاظ على الثروة الوطنية وتعزيز الإيرادات الاتحادية الفعلية وتمكين شركة تسويق النفط سومو من الاستخدام الأمثل لمنافذ التصدير وتنويعها.1
وتتضمن مسودة تعديل المادة 12 من قانون الموازنة فقرتين، الأولى تتعلق بكلف إنتاج ونقل نفط إقليم كردستان بعد تحديد الكلف التخمينية الحقيقية عبر الهيئة الاستشارية، فيما تنص الفقرة الثانية، اختيار جهة لتحديد تلك الكلف من قبل وزارة النفط الاتحادية وسلطات الإقليم، في حال عدم اتفاق الحكومتين الاتحادية والإقليم على كلف الإنتاج والنقل، وعلى إثر ذلك يتم احتساب كلفة استخراج النفط من الحقول النفطية في الإقليم، وفقًا لما كشفه أحد أعضاء مجلس النواب عن التعديل الذي أقره البرلمان خلال حديث لـ صحيح العراق.
بغداد ستخسر 4 ملايين دولار يوميًا!
وبحسب النائب، فإنّ التعديل في الفقرة الأولى يعالج قضية أجور شركات النفط في كردستان، والتي حددها القانون الأصلي بـ 6 دولارات عن كل برميل نفط، وهو ما تم رفضه حينها من قبل الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم، إلى 16 دولارًا مقابل كلّ برميل نفط، أي بفارق 10 دولارات إضافية ستخسرها الحكومة الاتحادية.
وجاء تحديد الكلفة في القانون الأصلي بالمقارنة مع كلفة إنتاج النفط في مناطق وسط وجنوب العراق، لكن تلك الشركات ترى أن احتساب كلف إنتاج متساوية لبرميل النفط في الإقليم وبرميل النفط في جنوب العراق، أمر غير ممكن بالنظر إلى أنّ حقول النفط في كردستان العراق تقع في مناطق صعبة وجبلية وكلفة الإنتاج فيها أكثر من كلفة الإنتاج في الجنوب.
ووفقا للتعديل الجديد، تلتزم وزارة المالية الاتحادية بتعويض الإقليم عن النفقات السيادية المرتبطة بإنتاج ونقل النفط المسلم إلى شركة تسويق النفط سومو أو وزارة النفط الاتحادية، بما لا يقل عن 400 ألف برميل يوميًا، أي أنّ الحكومة ستدفع للإقليم 6.4 مليون دولار يوميًا بدلاً من 2.4 مليون دولار، أي بفارق 4 ملايين دولار يوميًا.2
السوداني: التعديل يعبر عن الاستقرار السياسي
وفور تمرير قانون الموازنة، أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بيانًا رحب فيه بتمرير النسخة التي أقرتها الحكومة دون أي تعديلات، وقال إنّ التصويت على التعديل وفق النص الذي أقره مجلس الوزراء، يؤكد الاستقرار السياسي وحالة التفاهم التي تتسم بها هذه المرحلة، كما تعكس التعاون العالي بين الحكومة ومجلس النواب لمواصلة العمل معًا، في سبيل استمرار زخم عجلة التنمية والإعمار والإصلاح، التي انطلقت ولن تتوقف، لافتا إلى، أن الحكومة تواصل العمل على مواجهة المشكلات والتحديات بروح المسؤولية وانطلاقًا من مصالح العراق العليا.
ودعا السوداني، كلًا من حكومة إقليم كردستان العراق، بمؤسساتها المختصة ووزارة النفط الاتحادية، إلى المباشرة والعمل فورًا بهذا التعديل؛ من أجل الاستثمار الأمثل لثرواتنا الطبيعية، وعلى وجه الخصوص الثروة النفطية.3
بالمقابل، يقول أحد النواب المعترضين في حديث لـ صحيح العراق، إنّ تمرير التعديل دون الجرأة على المساس بالفقرات التي وردت في مسودة الحكومة، يعكس مدى رضوخ الحكومة وزعماء الكتل في مجلس النواب، على حد سواء، للضغوط الأميركية التي كان لها بالغ الأثر.
ويطعن النائب الذي شكل مع عشرات النواب كتلة عرفت باسم نواب الوسط والجنوب، وهي كتلة يقدر عددها بـ 50 نائبًا قاطعوا جلسة تمرير التعديل، في شرعية جلسة الأحد، ويؤكّد أنّ عدد النواب الذين حضروها لا يتجاوز 140 نائبًا، مشيرًا إلى أنّ هذا الطعن سيرفع بأقصى سرعة إلى المحكمة الاتحادية.
فيما يقول نائب آخر، أنّ الضغط الذي مارسته السفارة الأميركية أحبط محاولات هذه الكتلة لمنع إنفاق مليارات الدولارات للتغطية على الفساد في إقليم كردستان، بينما تعاني محافظات أخرى من نقص حاد في الميزانيات، ما يعيق تنفيذ المشاريع الخدمية الأساسية، مؤكدًا أنّ هناك أطرافًا أميركية ضغطت على جميع الأطراف وأبلغتهم بضرورة تمرير تعديل الموازنة، مع تحذيرات من إجراءات عقابية قد تفرضها إدارة ترامب على العراق في حال عدم تمرير التعديلات.
خوفًا من ترامب
هذه التحذيرات أوقعت بالغ الأثر في الأوساط الحكومية والسياسية، على اعتبار أنّ التعويضات المليارية التي ستدفعها الحكومة الاتحادية ستذهب إلى شركات على صلة بأطراف مقربة من ترامب، بحسب نائب ثالث، أكّد لـ صحيح العراق، أنّ تمرير التعديل بهذه الصيغة المجحفة يعكس مدى الرعب الذي يشعر به زعماء القوى السياسية، خاصة الشيعية، من الإدارة الأميركية الجديدة، وليس حالة استقرار سياسي كما ورد في بيان السوداني.
وفي 15 كانون الثاني يناير الماضي، حثت وزارة الخارجية الأميركية، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة: لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان، مضيفًا: شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة.4
وعلى الرغم من أنّ هذه التصريحات قد واجهت رفضًا من قبل الإطار التنسيقي الذي يضم الكتل الشيعية المشاركة في الحكومة، باعتبارها تدخلاً سافرًا في الشأن العراقي، مع التأكيد على أنّ أي ضغط من هذا النوع لن يؤثر على البرلمان العراقي، لكن الوقائع جاءت على عكس هذا تمامًا.5
لاحقًا بررت بعض أطراف الإطار التنسيقي تمرير نسخة التعديل بـ وجود إرادة ورغبة سياسية برلمانية على دعم خطوات الحكومة لحل الخلافات مع إقليم كردستان، وقالت إنّ الاتفاق على تمرير تعديل قانون الموازنة، جاء لأجل دفع الحكومة نحو الإسراع بإرسال جداول موازنة سنة 2025، فلا أحد يريد تعطيل هذه الموازنة، لمنع عرقلة عملية البناء والإعمار، وإطلاق الكثير من المشاريع الاستراتيجية والمهمة خلال هذه السنة.6
هذا الحديث ليس مجرد ذريعة كما يقول النواب المعترضون، بدليل أنّ أزمة الموازنة مع إقليم كردستان تمتد إلى اللحظة الأولى لسقوط النظام السابق، والتي طالما عرقلت تمرير مشاريع وموازنات لفترات طويلة، وسط تعنت من الأطراف السياسية المعنية، وغياب الرغبة الحقيقية في إيجاد حلول واضحة ومستدامة تضمن تدفق الإيرادات من الإقليم إلى خزينة الدولة، وصول الرواتب بالمقابل بشكل مباشر إلى مستحقيها في الإقليم، بما يحول دون السرقات الكبرى التي تمارسها سلطات كردستان.
مع عودة الرئيس الأميركي ترامب إلى البيت الأبيض، برزت التحذيرات من قيود اقتصادية قد تفرض على العراق إثر استمرار أزمة الدولار، المرتبطة بتهريب العملة الصعبة، وغسيل الأموال، بالنظر إلى ارتفاع حجم التمويل للتجارة للعام الماضي بما يفوق 81 مليار دولار، وهو أعلى مبلغ بالدولار قام العراق بتحويله في تاريخه خلال عام واحد.
جاء هذا الارتفاع على الرغم من القيود الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة، ممثلة بوزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، على التحويلات المالية بالدولار من البنوك العراقية. وتهدف هذه الإجراءات، بحسب واشنطن، إلى منع تدفق الأموال إلى دول تخضع لعقوبات، وبالتحديد إيران.
واستجابة لهذه الضغوط، أعلن البنك المركزي العراقي عن إيقاف العمل بالمنصة الإلكترونية لبيع الدولار اعتبارًا من مطلع عام 2025، مع الاستمرار في تمويل التجارة الخارجية عبر البنوك الوسيطة وفقًا للمعايير الدولية، لكن هذا الإجراء لم يفض إلى أي تأثير حقيقي بالنظر إلى حجم المبيعات اليومية من الدولار، والتي ما تزال تسجل ارتفاعًا كبيرًا، كما يستعرض صحيح العراق في هذا التقرير الموجز.
2024: الرقم القياسي الهائل
انتهى العام الماضي بأعلى مبيعات من الدولار في تاريخ البنك المركزي العراقي، بما يفوق 81 مليار دولار، وبقفزة بفارق يصل إلى أكثر من الضعف مقارنة بعام 2023.
ويؤشر هذا الارتفاع الهائل إلى استمرار عمليات تهريب الدولار وبوتيرة أعلى عبر الفواتير التجارية المزورة، بالاستناد إلى ما أكّده رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بنفسه في مقابلته الشهيرة بداية عام 2023.1
2025: إغلاق النافذة لم يفض إلى شيء!2
كلّ هذا كان قبل الإعلان رسميًا عن إيقاف النافذة الإلكترونية لبيع العملة رسميًا مع بداية عام 2025، واعتماد آلية جديدة لتمويل الأرصدة عبر من خلال البنوك المراسلة الوسيطة، حيث يقوم البنك المركزي العراقي بتعزيز الأموال إلى بنكين أميركيين مع سبعة مصارف أجنبية إماراتية تركية أردنية، وتقوم بدورها بعمليات الاعتمادات والتحويلات المصرفية للمصارف العراقية لتغطية احتياجات التجارة الخارجية للعراق.
ومع ذلك، يظهر من مراجعة أجراها صحيح العراق لمبيعات البنك المركزي من الدولار منذ مطلع العام، أنّ البنك ما يزال يبيع الدولار بوتيرة متصاعدة، كما يلي:
باع العراق من مطلع العام وحتى اليوم الثلاثاء 28 كانون الثاني يناير: 4.963 مليار دولار خلال 17 يوم عمل فقط، بمعدل أكثر من 291 مليون دولار يوميًا.
وسجلت مبيعات البنك المركزي من الدولار ارتفاعًا كبيرًا خلال الأسبوع الأول للرئيس الأميركي ترامب في ولاية الثانية، مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.
الأسبوع الذي سبق عودة ترامب:
الأحد: 288.993.829 دولار.
الإثنين: 289.734.323 دولار.
الثلاثاء: 286.331.579 دولار.
الأربعاء: 287.904.395 دولار.
الخميس: 294.231.452 دولار.
الأحد: 281.623.107 دولار.
المجموع: 1.728 مليار دولار.
أسبوع عودة ترامب:
الإثنين 20 كانون الثاني يناير: 307.010836 دولار.
الثلاثاء: 287.882.784
الأربعاء: 296.160.477
الخميس: 299.249.476
الأحد: عطلة
الإثنين: 296.590.953
الثلاثاء: 299.950.287
المجموع: 1.786 مليار دولار، بزيادة مقدارها نحو 58 مليون دولار.
وباع البنك المركزي في يوم تنصيب ترامب، الإثنين 20 كانون الثاني يناير، أعلى مستوى من الدولار منذ بداية هذا العام، إذ باع أكثر من 307 مليون دولار.
ويعيد هذا الرقم إلى الأذهان تصريح السوداني، الذي احتج بعد فترة قصيرة من توليه رئاسة الحكومة، على حجم مبيعات مزاد العملة في البنك المركزي العراقي. وقال حينها السوداني: دائمًا نتحدث عن وجود فواتير مزورة وخروج الأموال إلى الخارج عن طريق التهريب وهذا واقع، مبديًا استغرابه من استيرادات كانت تصل قيمتها لنحو 300 مليون دولار يوميًا.3
وفي حينها أيضًا، أقر مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، بأن العراق لا يحتاج إلى هذه المبالغ الهائلة بحجم الاستيرادات الكبيرة، وتنوع وتعدد السلع التي يتم استيرادها بدون فرض رقابة عليها، خصوصًا السلع الكمالية أو التافهة التي نراها في الأسواق ويتم إنفاق العملة الأجنبية عليها، واقترح تنشيط القطاع الصناعي العراقي والتحول إلى نظام أتمتة لتسجيل البضائع الواردة، ليتبين لنا ما هي البضائع التي تصل فعلاً والتي تم تزويد التجارة بمبالغ مالية من العملة الصعبة وشراء الدينار منهم مقابلها، كما اقترح إخضاع المنافذ الحدودية ومعاملتها على أنها منطقة واحدة.4
ويعبر استمرار المبيعات المتصاعدة دون الاستجابة إلى التحذيرات، عن خلل كبير وعدم جدوى إجراءات البنك المركزي، إذ يقول الخبير نبيل المرسومي، إنّ هناك فجوة كبيرة تصل إلى 15 في المئة بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر السوق، ما يدل على أن إجراءات البنك المركزي لم تؤت ثمارها المطلوبة، حيث ما زالت الفجوة كبيرة وخاصة في التعامل مع إيران تحديدًا، إذ أنّ التجارة الحدودية كبيرة مع إيران، دون أن يستبعد تعرض العراق إلى عقوبات نتيجة استمرار عمليات تهريب الدولار، من قبل إدارة الرئيس ترامب، بالنظر إلى تراجع في الاحتياطي النقدي العراقي، حيث أنّ البنك المركزي أصبح يبيع أكثر مما يشتري من الدولار.5
وسبق أن شخصت هيئة النزاهة، في تقرير عن مزاد بيع العملة، العديد من المخالفات والخروقات الكبيرة في التعليمات والقوانين التي صدرت من البنك المركزي، وقالت إنّها وقعت نتيجة إهمال متعمد أدى إلى حدوث تجاوزات خطيرة أفرزت ظاهرة تهريب العملة كأحد أهم أوجه الفساد في العراق، مبينًا أنّ عمليات التهريب تجري عبر مظاهر عدة من بين أهمها الفواتير الخاصة بالاستيرادات السلعية الوهمية.6
وسط ترقب كبير على المستوى العراقي والإقليمي، تجري مساء اليوم الإثنين مراسم تنصيب دونالد ترامب لولاية ثانية وسط إجراءات أمنية مشددة، ليصبح الرئيس الأكبر سنًا في تاريخ الولايات المتحدة الذي يدخل البيت الأبيض. ومن المقرر أنّ يوقع ترامب في اللحظات الأولى من ولايته الثانية حزمة قرارات كبيرة.
ومع انطلاق مراسم التنصيب في واشنطن يزداد الترقب في بغداد، إذ شهدت الأسابيع التي تلت فوز ترامب حديثًا متصاعدًا عن تغيير شامل يصل حد الإطاحة بالنظام السياسي برمته، ما أثار تكهنات عن طبيعة القرارات التي سيتخذها الرئيس الأميركي في ليلة عودته الأولى، وإنّ كانت ستشمل العراق.
صحيح العراق تحدث إلى شخصية أميركية مقربة من مسؤولين بارزين ضمن الإدارة الأميركية الجديدة، ويلخص في هذا التقرير الموجز أجوبتها حول الأسئلة المرتبطة بطبيعة تعامل البيت الأبيض مع بغداد في المرحلة المقبلة.
100 قرار في الليلة الأولى1
وتنتظر ترامب على طاولته في البيت الأبيض دفعة من الأوامر التنفيذية تصل إلى نحو 100، يرتبط معظمها بـ سياسات الهجرة والطاقة وعمليات الحكومة الفيدرالية، للتأكيد على أولويات سياسته التي أعلنها خلال حملته الرئاسية، وتستهدف في جانب غير قليل منها عكس قرارات أصدرتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن.
وبحسب ستيفن ميلر، نائب كبير موظفي إدارة ترامب للسياسات، فإنّ القرارات تشمل حالة الطوارئ الوطنية على الحدود كوسيلة لفتح التمويل من وزارة الدفاع لاستخدام الإدارة، وإدراج سلسلة من عصابات المخدرات كمنظمات إرهابية أجنبية، وتوجيه إدارته لإعادة العمل بسياسة بروتوكول حماية المهاجرين التي وضعها في ولايته الأولى، والتي يشار إليها عادة باسم البقاء في المكسيك.
كما يعتزم ترامب إعادة تفعيل سلسلة من الأوامر التي ألغاها بايدن في يومه الأول بالمنصب عام 2021.
وسبق أنّ قال ترامب في حفل عشاء قبل تنصيبه: في خلال ساعات من تولي المنصب، سأوقع عشرات من الأوامر التنفيذية تقترب من 100 على وجه التحدي – والتي سأوضح الكثير منها في خطابي غدًا. وأضاف: بضربة قلمي، سألغي عشرات الأوامر التنفيذية والإجراءات المدمرة والجذرية لإدارة بايدن، وبحلول هذا الوقت من الغد، ستكون جميعها باطلة ولاغية.
وفي جانب الأبرز الأخر، ستشمل القرارات قطاع الطاقة، حيث يتوقع أيضًا أن يعلن ترامب حالة طوارئ وطنية تتعلق بالطاقة كجزء من عدد كبير من الإجراءات التي تستهدف إنتاج الطاقة المحلية والصناعات، وقواعد التصاريح والأراضي التي تعمل في هذا القطاع، وفقًا لإحاطة ميلر.
كما ستشمل القرارات العمليات الحكومية، بما يشمل الحكومة الفيدرالية وعملياتها، وتحديد دور وصلاحيات وزارة الكفاءة الحكومية رسميًا، بقيادة الملياردير إيلون ماسك ورائد الأعمال فيفيك راماسوامي.
وبحسب ميلر، فإنّ ترامب سيوقع أوامر تنفيذية لـ إلغاء سياسات التنوع والمساواة والشمول في الحكومة الفيدرالية، بالإضافة إلى إجراءات لوقف أوامر تنفيذية محددة تتعلق بالجنسين وضعها بايدن.
ماذا عن العراق؟
وبالنظر إلى أولويات ترامب الداخلية والتي ترتبط بتعهدات قطعها لناخبيه وداعميه، فإنّ قائمة الليلة الأولى من القرارات لن تشمل العراق، بحسب ما يعتقده مستشار أميركي على صلة بمسؤولين في الإدارة الجديدة.
ويقول المستشار في حديث خاص لـ صحيح العراق، إنّ ترامب سيركز في الليلة الأولى على الملفات الكبرى والاستراتيجية المؤثرة بشكل مباشر على الأمن والاقتصاد الأميركيين، والعراق بالتأكيد ليس من بينها.
ولا يتفق المستشار الأميركي مع الترجيحات والتكهنات التي تشير إلى قرارات صارمة لضبط سلوك السلطة في العراق وتحجيم النفوذ الإيراني، وهي رؤية تستند إلى أنّ البيت البيض لا يملك الكثير على مستوى الإجراءات والأوامر الإدارية بما يتعلق بالعراق، باستثناء العقوبات المالية والاقتصادية على الشخصيات والتي طالت أساسًا معظم الزعماء والقيادات المرتبطة بالفصائل المسلحة وبعض الجهات السياسية الموالية لإيران.
كما أنّ الإدارة الأميركية الجديدة غير مستعجلة، على حد تعبيره، وهي تعول على المعرفة الهائلة التي يمتلكها كبار المسؤولين في فريق ترامب عن الوضع الإيراني، والتي تبلغ مدى يفوق حتى تصورات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
ويرجح السياسي الأميركي أنّ تشدد إدارة ترامب الخناق على الولي الفقيه ونظام حكمه في إيران، لكنها لن تذهب إلى إسقاطه بالنظر إلى غياب البديل المناسب، وهو ما يخالف التكهنات التي تدور على الساحة العراقية والإقليمية.
بغداد تراقب2
في الأثناء، تحرص الأوساط السياسية العراقية على تسجيل حضور خلال اللحظات الأولى للرئيس الأميركي ترامب ومراقبة التطورات عن كثب، إذ ستشارك العديد من الشخصيات السياسية في إطار غير رسمي، أي دون تنسيق مسبق مع الحكومة العراقية أو إبلاغ السفارة في واشنطن.
وستتم هذه المشاركات من خلال ترتيبات جرت عبر التعاقد مع لوبيات خاصة في واشنطن، تقوم بتنظيم العملية لصالح قيادات سياسية عراقية، وفق عقود مبرمة مع هذه اللوبيات، وستكلف مبالغ طائلة تتراوح بين 250 500 ألف دولار للرحلة الواحدة، بحسب ما نقلته مصادر سياسية عراقية.
وتصب هذه المشاركات في سياق محاولات لفهم طريقة تفكير الإدارة الأميركية عن الأوضاع في العراق، وفهم حقيقة وجود رغبة للإطاحة بالنظام القائم، فيما يقول المستشار الأميركي لـ صحيح العراق، إنّ الإدارة لن تذهب إلى هذا الحد، وستركز بشكل أساسي على منع وصول الدولار إلى إيران وتجميد تام لصواريخ الجماعات المسلحة الموالية لطهران نحو المصالح الأميركية والإسرائيلية.