مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
ظهر رئيس حركة "إنجاز" والوزير في الحكومات السابقة باقر جبر الزبيدي في لقاء تلفزيوني هو الثاني خلال أيام قليلة، تناول جملة من الملفات السياسية والأمنية المرتبطة بالشأن العراقي.
وخلال اللقاء وقع الزبيدي في خطأين، يرتبط الأول برئيس جبهة التوافق السياسي الراحل عدنان الدليمي، والآخر بالأحداث التي شهدها الساحل السوري، كما يظهر من خلال هذه المراجعة التي أعدها "صحيح العراق":
عدنان الدليمي.. أحداث مؤتمر إسطنبول
قال الزبيدي (دقيقة 22): "عدنان الدليمي وقف في مؤتمر في إسطنبول وهاجم العملية السياسية وقال هؤلاء وذكر اسمي، وقال هؤلاء ذولة طائفيين ذولة مجرمين ذول ضد دولة الرشيد، وهو كان نائب في البرلمان، ولم يصدر ضده أمر قضائي، ما أعرف ليش اسألوا رؤساء الوزراء ليش؟".
والتصريح مضلل، إذ لم يذكر رئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي اسم وزير الداخلية باقر جبر الزبيدي في كلمته خلال "مؤتمر نصرة أهل العراق" الذي عقد في مدينة إسطنبول عام 2006، كما أنّ السلطات العراقية أصدرت مذكرة اعتقال بحق الدليمي حينها، كما أنّ مجلس النواب أصدر بيان استنكار.
في 13 - 14 كانون الأول 2006، وفي ذروة الصراع الطائفي داخل العراق، استضافت مدينة إسطنبول التركية مؤتمرًا تحت عنوان "نصرة أهل العراق"[1]، بحضور عدد من الشخصيات السنية العراقية أبرزها؛ حارث الضاري، والنائب عدنان الدليمي، وزياد العاني (نائب الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي)، إضافة إلى شخصيات من دول العربية، ووفود عراقية من داخل العراق وخارجه.
وبدأ المؤتمر بعرض فيلم حول "المذابح الطائفية في العراق"، وشهد في يومه الأول إلقاء كلمات من قبل 6 شخصيات:
1. كلمة عبد الرحمن النعيمي - قطر
2. كلمة حارث الضاري - العراق
3. كلمة ناصر العمر - السعودية
4. كلمة سلمان العودة - السعودية
5. كلمة زياد العاني - العراق
6. كلمة عدنان الدليمي - العراق
وفي حينها كان عدنان الدليمي نائبًا في البرلمان العراقي، ورئيس جبهة التوافق السنية، واستغرقت كلمته 10 دقائق دون أن يذكر اسم وزير الداخلية في حينها باقر جبر الزبيدي.[2]
وبدأ الدليمي الكلمة بالمطالبة بتغيير اسم المؤتمر ليكون: "مؤتمر نصرة أهل السنة في العراق"، بدل "نصرة العراق"، وقال: "إنها حرب طائفية وصراع طائفي يستهدف القضاء على أهل السنة.. انتبهوا أيها العرب إن أخوانكم في العراق سيسحقون ويداسون بأقدام الشيعة. إنه إقصاء لأهل السنة في بغداد.. نريد نصرتكم أين نصرتكم؟…".[2]
وإثر هذه الكلمة عقد جلسة مفتوحة خلال الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الأولى[3]، تضمنت ردود طويلة واعتراضات ومطالبات بالمحاسبة من قبل النواب؛ خالد العطية، علي الأديب، حيدر العبادي، مثال الآلوسي، فؤاد معصوم، عبد الكريم العنزي، عباس البياتي، حسن عثمان، إياد جمال الدين، وليد شركة، محمود عثمان، حميد مجيد موسى، هادي العامري، كمال الساعدي، فالح الفياض ونواب آخرين.
فيما ردت جبهة التوافق على لسان النائب سليم عبد الله، مؤكدة أنّها "لم تحضر في هذا المؤتمر بصفتها جبهة توافق". وقال عبد الله: "إذا كان هنالك من حضر فهؤلاء الشخصيات كانوا يعبرون عن وجهات نظرهم، مع التأكيد أيضًا أنهم كانوا ينقلون صورة من الواقع التي لا يمكن إنكارها في أي حال من الأحوال، وإذا كانت العبارات الجارحة قد صدرت والطرف الآخر قد تحسس منها لأنها توصيفية فقط فإن ما يجري في الواقع العراقي يشهد به الجميع".[3]
كما رفضت جبهة التوافق آنذاك، إجراء أي تحقيق مع عدنان الدليمي بشأن هذه التصريحات. وقالت في بيان لاحق لها إنّ "هذا التحقيق يمثل تدخلًا في شؤون جبهة التوافق"، مشيرة إلى أنّ "تصريحات الدليمي جاءت في سياق رد الفعل على سياسة الإقصاء والتهميش".[4]
بعد ذلك، رفع مجلس القضاء الأعلى إلى طلبًا إلى هيئة رئاسة مجلس النواب بـ "اتخاذ ما تراه هيئة الرئاسة مناسبًا من إجراءات بحق النائب عدنان الدليمي سواء كان قرارها يتضمن رفع الحصانة أم غير ذلك"، نظرًا لما صدر عنه إضافة إلى اتهامات بحقه مرتبطة بقضايا إرهاب.[5]
وفي عام 2007 غادر الدليمي العراق، بعد أن أصدر رئيس الوزراء حينها نوري المالكي مذكرة اعتقال بحقه بتهم "الإرهاب"، كما اعتقل اثنين من أبنائه، وأغلق مقر حركته السياسية في بغداد. واستقر الدليمي في الأردن حتى توفي عام 2017.[6]
الشيباني.. أحداث الساحل السوري
قال الزبيدي (دقيقة 28): "وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي زار العراق مؤخرًا هو من قاد الهجوم الذي حصل على مناطق الساحل السوري بأمر الجولاني.. كان يستخدم السلاح الأبيض لقتل الشيعة والعلويين".
والتصريح مضلل أيضًا، إذ أنّ أحداث الساحل السوري وقعت بين 6 - 10 آذار مارس، وخلال هذه الفترة كان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خارج سوريا، حيث شارك في مؤتمرات في هولندا والسعودية والأردن، قبل أن يعود إلى دمشق في 11 مارس/ آذار، للقاء عدد من السفراء.
واندلعت أحداث الساحل، بحسب تقارير وشهادات[7] يوم الخميس 6 آذار مارس 2025، إذ اتهمت مصادر الحكومية، مجاميع مسلحة قالت إنّها مرتبطة بنظام بشار الأسد، بشن هجمات منظمة على عناصر قوات الأمن.
فيما تقول أطراف أخرى إنّ هذه الهجمات "كانت عمليات مقاومة" اضطر إليها أشخاص في بعض مناطق الساحل لمنع عمليات اعتقال على أساس طائفي نفذتها قوات الأمن.
وسرعان ما تحول المشهد إلى كارثة، مع إعلان الفصائل المسلحة التابعة للحكومة التعبئة العامة والتوجه إلى الساحل بدعوى تطهيره، إذ وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من ألفي شخص، بينهم 1557 مدني جرى قتلهم وإعدامهم على يد عناصر وزارتي الدفاع والداخلية و"القوات الرديفة".[8]
أين كان الشيباني في هذا الوقت؟
وبمتابعة نشاط وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال فترة الأحداث في الساحل 6 - 9 آذار مارس، يتضح أنه كان خارج البلاد، وحسب التالي:
في ٦ آذار مارس، وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العاصمة الهولندية أمستردام في زيارة للمشاركة في في اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.[9]
وفي 7 مارس/ آذار، أي في ثاني أيام أحداث الساحل، كان وزير الخارجية السوري قد وصل للسعودية، حيث شارك في الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في مدينة مكة.[10]
وفي اليوم التالي توجه وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى مدينة جدة السعودية، للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.[11]
وفي 9 آذار مارس، انتقل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وبرفقته وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب، إلى الأردن، للمشاركة في اجتماع سوريا ودول الجوار المقام، بحضور نظرائهم من دول الأردن ولبنان والعراق وتركيا.[12]
وعاد الشيباني إلى سوريا، في اليوم التالي على الأغلب، والتقى يوم 11 آذار مارس في العاصمة دمشق بالبعثات الدبلوماسية من قارتي آسيا وإفريقيا[13]، وكانت حينها أحداث الساحل قد انتهت تقريبًا وسيطرت قوات الأمن على مناطق النزاع.
وفي 14 آذار مارس، توجه الشيباني إلى العراق في زيارة رسمية، والتقى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني.[14]
وكان فريق "صحيح العراق" قد أعد تقريرًا مفصلاً حول تصاعد الخطاب الطائفي في العراق بالتزامن مع أحداث الساحل السوري بين 6 - 10 آذار مارس الجاري.[15]