Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
هزت جريمة قتل أستاذة جامعية في البصرة الرأي العام، بعد أن تكشفت تفاصيل تشير إلى تورط شقيق زوجة المحافظ أسعد العيداني بالحادثة، كما أقر العيداني بنفسه بعد ساعات من تداول الخبر، في محاولة لامتصاص الغضب وتحجيم ردود الأفعال.
"صحيح العراق" تتبع الحادثة ويكشف في هذا التقرير الأولي تفاصيل دقيقة عنها وعن حياة صهر المحافظ وسجله المهني في الجامعة وعلاقته بالضحية التي قتلت أمس.
العثور على جثة أستاذة جامعية مرمية على الطريق
بدأت القصة بعد أن تم العثور على جثة امرأة قضت رميًا بالرصاص في قضاء أبي الخصيب بمحافظة البصرة، ومن خلال هويتها تبين أنها تعمل موظفة بكلية التربية الرياضية في جامعة البصرة.[1]
في وقت لاحق أشارت معلومات أمنية إلى أنّ جثة المرأة التي كانت مجهولة وعثر عليها في منطقة البلجانية التابعة لقضاء أبي الخصيب، تعود إلى فتاة يتراوح عمرها بين 30 - 35 عامًا، وقتلت في منطقة مراقبة من قبل قيادة حرس الحدود في المنطقة الرابعة، لواء حدود السواحل، إذ كشفت كاميرا مراقبة مقتلها بواسطة مسدس، على يد شخص كان يرافقها في عجلة من نوع "النترا" بيضاء اللون مجهولة التفاصيل، بعد أنّ حاول التحدث معها وهي منشغلة بهاتفها، ثم انحى نحو الجثة لبعض ثوان قبل أن يفر من المكان، إذ تبين أنّه أخذ هاتفها.[2]
القاتل صهر المحافظ
وبعد ساعات من تناقل الخبر، وتلميح وسائل الإعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى صلة القاتل بشخصية كبيرة بالمحافظة، خرج المحافظ أسعد العيداني ليقطع الجدل ويكشف هوية القاتل. وقال العيداني في تسجيل صوتي إنّ المتهم بجريمة قتل السيدة في أبي الخصيب، هو "خال أطفالي"، وإنّ القوات الأمنية قامت باعتقاله "بعد أقل من 12 ساعة على ارتكاب الجريمة".
في محاولة لتهدئة الرأي الإعلام، شدد العيداني أن صلة القرابة مع المتهم بالقتل "لا تمنع تطبيق القانون"، وأكّد أنّ "القانون سيأخذ مجراه"، بحسب قوله.[3]
القاتل أستاذ جامعي وشقيق زوجة المحافظ
فريق "صحيح العراق" أجرى بحثًا معمقًا عن هوية المتهم بقتل الأستاذة الجامعية، وسجله المهني، وتوجهاته السياسية والاجتماعية، وتوصل إلى معلومات أساسية عنه عبر مصادر مسؤولة في المحافظة، نكشفها فيما يلي:
شقيق زوجة المحافظ المتهم بالقتل هو ضرغام عبد السالم نعمة التميمي، وهو دكتور جامعي وتدريسي في كلية التربية الرياضية بجامعة البصرة.حصل على البكالوريوس عام 2001 والماجستير عام 2008، والدكتوراه في اختصاص "بايوميكانيك – كرة اليد" عام 2012، وله 18 بحثًا منشورًا، وكتاب عن أساسيات لعبة كرة اليد، وقد شغل عدة مناصب إدارية، من بينها مسؤول شعبة ضمان الجودة في الجامعة، ومسؤول شعبة تكنولوجيا المعلومات.[4]
نظرة على توجهاته السياسية والاجتماعية
ويظهر من متابعة حسابه على فيسبوك[5] أنّ الدكتور المتهم من أشد الداعمين والمؤيدين لزوج شقيقته المحافظ أسعد العيداني، خاصة خلال أيام الانتخابات، ومن أبرز المعجبين بالإعلامي أحمد ملا طلال، حيث يواظب على نشر مقاطع من برنامجه منذ عام 2019، وله انتقادات حادة للقوات الأمنية بما يتعلق بقضية تنظيم "داعش"، وهو من مقلدي المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، لكنه يقف بالضد من تظاهرات تشرين 2019، ويعتبر المشاركين فيها "عملاء للسفارات"، ويصفهم بـ "الجوكرية".
وعلى عكس المتوقع، لا يشارك الدكتور ضرغام التميمي، أي صور مع زوج شقيقته المحافظ أسعد العيداني، ولا لشقيقته، حيث يحاول إخفاء صلة القرابة بينهما، ويكتفي بدعم المحافظ خلال الانتخابات بصفته الشخصية دون التطرق إلى صلة القرابة بينهما.[5]
في آخر منشورات التميمي، في 15 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، وجه نقدًا لاذعًا للقوات الأمنية لفشلهم بضبط دخول الجماهير إلى ملعب المدينة الرياضية خلال مباراة العراق والأردن، وذكرهم بالهروب من "داعش" خلال اجتياح الموصل.[6]
فيما وصف في منشور آخر، الدولة العراقية بـ "الدولة غير محترمة ولن تكون محترمة يومًا ما"، وكتب في عام 2020 يوصي الطالبات بـ "العفة والشرف"، وأن "يحافظن على ثقة وشرف العائلة خلال ذهابهن للجامعة".[7]
قبل ذلك، كتب التميمي ضد المتظاهرين في احتجاجات تشرين من عام 2019، ووصفهم بـ "الجوكرية" و"أتباع السفارة الأميركية".[9]
من هي الضحية؟
وحول هوية الضحية، توصل "صحيح العراق"، إلى أنّ الأستاذة هي سارة عمار سلمان العبودة، وهي تدريسية في كلية التربية الرياضية بجامعة البصرة، أي زميلة المتهم بالقتل الدكتور ضرغام التميمي، وهي ابنة أخ الشيخ هاني سلمان العبودي، أحد الوجوه العشائرية المعروفة في المحافظة.
وحتى الآن لم يتم معرفة دوافع ارتكاب الجريمة، إلاّ أن كاميرات المراقبة، رصدت صهر المحافظ يستقل سيارة نوع النترا بيضاء اللون ثم يترجل من السيارة مع التدريسية سارة العبودي، وبعد وقت قصير تبدو فيه العبودي منشغلة بهاتفها النقال وقف صهر المحافظ خلفها ورفع مسدسًا كان يخفيه خلف ظهره وأطلق النار عليها من مسافة قريبة جدًا، ثم انحنى على الجثة لبعض الوقت قبل أن يغادر الموقع.[10]
وعلم "صحيح العراق" أنّ المتهم أخذ هاتفها بعد إطلاق النار عليها، إذ أشار مصدر أمني بارز إلى أنّ "القاتل كان يخشى شيئًا موثقًا في هاتف الضحية"، مبينًا أنّ "التدريسية سارة العبودي، كانت في إجازة يوم وقوع الجريمة، أي أنها لم تخرج من الجامعة، ويبدو أنها التقت التميمي خارج الجامعة ورافقته لمنطقة صحراوية في البلجانية، وبعيدًا عن الطريق العام، قبل أن يشتد الشجار بينهما وتنتهي حياتها برصاصة في الرأس".
محافظ البصرة وخلفيته العشائرية
فيما يعزو مسؤول في البصرة تحرك المحافظ السريع للكشف عن صلته العائلية بالمتهم إلى "الخلفية العشائرية للعيداني". ويطلق على العيداني لقب "الشيخ"، بوصفه ابن شيخ عشيرة العيدان في البصرة عبد الأمير العيداني، وله مكانة بين عشائر المحافظة، ويلعب دورًا كبيرًا بين العشائر خاصة خلال الأزمات، يلجأ إلى الأسلوب العشائري لحل المشاكل فيما بينها أكثر من اللجوء إلى القانون والإجراءات الحكومية.
وسبق للعيداني أن تبنى جلسات صلح بين العشائر عن جرائم قتل، لا سيما جريمة قتل المتظاهر عمر فاضل، من قبل ضابط في الأمن الوطني بسلاحه الشخصي، حيث قاد العيداني حينها حراكًا عشائريًا للضغط على عشيرة المتظاهر من أجل التنازل في المحاكم مقابل دفع عشيرة الضابط دية، وإطلاق سراح القاتل.[11]
والضحية هي بنت شيخ عشيرة العبودة، والتي لها علاقة وثيقة بعشيرة العيداني من جهة، وعشيرة تميم، التي يترأسها النائب السابق وحليفه السياسي الشيخ مزاحم التميمي، من جهة أخرى. فيما تقول مصادر التي تحدث إليها "صحيح العراق"، إنّ العيداني ووالده شيخ العشيرة سيلعبان دورًا كبيرًا لتهدئة التوتر بين عشيرتي تميم والعبودة.