Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
يتهم العراق رسميًا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بارتكاب جريمة القتل العمد بحق قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وقائد أركان الحشد الشعبي جمال جعفر "أبو مهدي المهندس"، وفق لائحة رسمية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، وهي جريمة يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام.[1]
وبعيدًا عن الحديث حول إمكانية تطبيق اللائحة التي صدرت عام 2021، وظلت دون أي أثر حقيقي منذ ذلك الحين، أثارت عودة ترامب إلى البيت الأبيض أسئلة عن الكيفية التي سيتعامل بها العراق رسميًا مع الإدارة الأميركية في ظل وجود مثل هذه المذكرة، ومدى قانونية التعامل الدبلوماسي مع الرئيس الجديد.
في هذا التقرير يوضح "صحيح العراق" الرأي القانوني بشأن التعامل الدبلوماسي مع الرئيس الأميركي المتهم رسميًا من قبل القضاء العراقي، كما يشير إلى بعض التداعيات التي قد تؤثر على شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، خاصة على مستوى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
فائق زيدان متمسك بالمذكرة
في 7 كانون الثاني يناير 2021، أصدرت محكمة تحقيق الرصافة، مذكرة قبض بحق الرئيس الأميركي المنتهية ولايته آنذاك، دونالد ترامب في قضية اغتيال المهندس ورفاقه وفقًا للمادة 406 من قانون العقوبات العراقي، وتوعدت باستمرار إجراءات التحقيق لمعرفة المشتركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سواء كانوا من العراقيين او الاجانب.[2]
وحينها أوضح الخبير القانوني الراحل، طارق حرب، بأنّ "مذكرة القبض بحق ترامب تتوافق مع القانون وهي طريقة للتضييق على المتهم للحضور أمام المحكمة، وصدرت لعدم حضور المتهم والمثول أمام القضاء، بالرغم من تمتع رئيس الولايات المتحدة وأي رئيس بالعالم بحصانة وفقًا لاتفاقية جنيف، إلا أنّ الإجراء المتخذ من القضاء العراقي كان لابد منه".[3]
وفي 28 تشرين الثاني نوفمبر 2022، رفعت عائلة المهندس، دعوى قضائية ضد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، ونظمت وقفة أمام محكمة استئناف الكرخ في العاصمة بغداد، للمطالبة بمحاسبة المتورطين في حادثة المطار.[4]
ومطلع عام 2023 الماضي أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إصرار العراق على متابعة الإجراءات القانونية ضد ترامب، وقال إنّ الأخير "اعترف بارتكاب الجريمة، ومسؤولية القضاء في محاسبة من ارتكب الجريمة بحق قادة النصر مضاعفة".[5]
المادة 406 من قانون العقوبات العراقي؟[6]
وتنص المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على:
1 - يعاقب بالاعدام من قتل نفسًا عمدًا في إحدى الحالات التالية:
أ - إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصد.
ب - إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة او متفجرة.
ج - إذا كان القتل لدافع دنيء أو مقابل أجر، او اذا استعمل الجاني طرقاً وحشية في ارتكاب الفعل.
د - إذا كان المقتول من أصول القاتل.
هـ - إذا وقع القتل على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك.
و - إذا قصد الجاني قتل شخصين فأكثر فتم ذلك بفعل واحد.
ز - إذا اقترن القتل عمدًا بجريمة أو أكثر من جرائم القتل عمدًا أو الشروع فيه.
ح - اذا ارتكب القتل تمهيدًا لارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل على سنة أو تسهيلًا لارتكابها أو تنفيذًا لها أو تمكينا لمرتكبها أو شريكه على الفرار أو التخلص من العقاب.
ط - إذا كان الجاني محكومًا عليه بالسجن المؤبد عن جريمة قتل عمدي وارتكب جريمة قتل عمدي أو شرع فيه خلال مدة تنفيذ العقوبة.
2ـ وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد في الأحوال التالية:
أ - إذا قصد الجاني قتل شخص واحد فادى فعله إلى قتل شخص فأكثر.
ب - إذا مثل الجاني بجثة المجنى عليه بعد موته.
ج - إذا كان الجاني محكومًا عليه بالسجن المؤبد في غير الحالة المذكورة في الفقرة (1 – ط) من هذه المادة وارتكب جريمة قتل عمدي خلال مدة تنفيذ العقوبة.
"مذكرة العراق ليس لها أي قيمة"!
ولا ينص القانون العراقي، بما في ذلك قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، الذي يتناول جرائم القتل العمد والإجراءات القانونية المرتبطة بها، بشكل صريح على منع الحكومة من التعامل الدبلوماسي مع المتهمين في جرائم القتل العمد بشكل عام. لكن في المسائل الدبلوماسية، يمكن أن تؤثر التهم الجنائية، خاصة التهم البالغة الخطورة مثل القتل العمد، على طبيعة العلاقة الدبلوماسية بين العراق ودول أخرى، كما يشير 3 خبراء في القانون تحدث إليهم "صحيح العراق".
في القانون الدولي، وتحديدًا وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، يتمتع الدبلوماسيون بحصانة دبلوماسية تمنع معظم الإجراءات القانونية المحلية من التأثير عليهم في الدولة المضيفة. ومع ذلك، فإن هذه الحصانة يمكن رفعها في حالات معينة بواسطة الدولة المُرسِلة، إذا ارتأى الطرفان ضرورة ذلك، خاصة في الجرائم الخطيرة.
ومن الناحية القانونية، ووفقًا للاتفاقيات الدولية، فإن ترامب، باعتباره رئيس دولة، يتمتع بحصانة دبلوماسية لا تجعله عرضة للملاحقة القضائية في دولة أخرى، كما ينص على ذلك اتفاق فيينا. وفي حال زار العراق، سيكون من الصعب أيضًا تطبيق المذكرة بسبب هذه الحصانة والمصالح الوطنية التي قد تتداخل.
وعلى هذا الأساس يرى أستاذ في القانون، أنّ مذكرة الاعتقال الصادرة عن القضاء العراقي بحق ترامب "دون أي قيمة حقيقية"، خاصة في ظل شكل العلاقة القائمة حاليًا بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، ويعتقد في الوقت ذاته أنّ العلاقات بين العراق والولايات المتحدة "لن تتأثر بهذا الأمر"، مشيرًا في حديث لـ "صحيح العراق"، إلى أنّ العلاقات "ستمضي بشكل معتاد مع وجود ترامب دون أن يتغير أي شيء".
ويتفق خبيران في القانون الدولي الجنائي، مع هذا الرأي، مؤكدين لـ "صحيح العراق"، أنّ أمر القبض الصادر بحق ترامب من قبل القضاء العراقي "لا يعدو إجراءً شكليًا لا قيمة له"، كما أكدا أنّ التطورات الراهنة "توجب على العراق مراعاة المصالح والقضايا الاستراتيجية في رسم ملامح طبيعة العلاقة مع إدارة ترامب للسنوات الأربع المقبلة".
فائق زيدان "سيندم كثيرًا"
على الجانب الآخر، أي بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، لن تمر هذه الخطوة التي اتخذها مجلس القضاء الأعلى دون رد، إذ يقول غابريال صوما مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب [7]، إنّ "فائق زيدان متهم بالتساهل مع إيران"، ويقول أيضًا إنّ "القضاء العراقي أصبح قضاءً يمثل الفكر الإيراني والنفوذ الإيراني في العراق ويجب وضع حد لهذا التدخل".
ويشدد صوما، أنّ فائق زيدان "سيندم كثيرًا على ما فعله بوصول الرئيس ترامب"، ويرى أنّ "الشخص الذي يصدر مذكرة توقيف بهذه الطريقة شخصًا غير مسؤول ولا يهتم بالعواقب".[8]
السوداني وعبد اللطيف تجاهلا القضية
وسارع كلّ من رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى تهنئة ترامب رسميًا، متجاهلين قضية مذكرة الاعتقال الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى.
وعبر حسابه في منصة إكس، قال رئيس الجمهورية، "أتقدم بالتهنئة للرئيس ترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية. نتمنى له ولإدارته التوفيق في قيادة الولايات المتحدة نحو مزيد من التقدم والازدهار. كما نتطلع إلى مرحلة جديدة يسودها الأمل في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز العلاقات البناءة التي تخدم مصالح وتطلعات الشعوب".[9]
فيما كتب السوداني عبر إكس أيضًا: "نهنئ الرئيس المنتخب دونالد ترامب ونائبه جيمس ديفيد فانس والشعب الأمريكي بنجاح العملية الانتخابية، ونؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات متعددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين".[10]
سوريا سبقت العراق
في عام 2019، أقام محامون سوريون دعوى قضائية ضد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتهمة "النيل من هيبة الدولة السورية والاعتداء على سيادتها وسلخ أجزاء منها والتدخل في الشؤون الداخلية السورية"، وطالبت الدعوى التي وجهها عدد من أعضاء نقابة المحامين في حلب بإنزال أقصى العقوبات بحق ترامب.[11]
وفي عام 2020، أكّد نقيب محامي سوريا في نظام الأسد، فراس الفارس، عزمه رفع دعوى قضائية ضد ترامب، بسبب نيته في عام 2017 على استهداف رأس النظام بشار الأسد.[12]