Arabi Facts Hub is a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.

nan

nan
SaheehNewsIraq

The Author

SaheehNewsIraq
nan ظهر وزير الإعمار بنكين ريكاني أمس الثلاثاء في جولة عند مشروع مجسر "الطلائع" [*]، بعد أن عبرت عاصفة مطالبات بوقف العمل الذي يجري على مسافة قريبة جدًا من جامع "زمرد خاتون" التاريخي وسط بغداد، مشيرًا إلى مواصلة المشروع على الرغم من تنبيهات المختصين التي حذرت من انهيار الموقع التاريخي. في هذا التقرير يكشف "صحيح العراق" حجم الأضرار التي سببها المشروع حتى الآن في الموقع الأثري الفريد، ويشير إلى التجاهل الذي يبديه وزير الإعمار والإسكان بوصفه المسؤول عن المشروع، بالاستناد إلى معلومات قدمها مختصون ومسؤولون في الهيئة العامة للآثار والتراث موقع العمل: يعتبر مرقد السيدة زبيدة، أو جامع زمرد خاتون، من المراقد الأثرية المشهورة القديمة في العراق، ويقع في مقبرة الشيخ معروف في جانب الكرخ من بغداد، ويضم قبرًا ينسب خطًأ إلى السيدة زبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، وتعلو المرقد منارة مخروطية الشكل، لكن المصادر التاريخية تشير إلى أنّها المرقد يعود إلى السيدة زمرد خاتون أم الناصر لدين الله العباسي، وزوجة المستضيء بأمر الله، المتوفاة عام 599 هجرية/ 1202 ميلاجي، وقربها قبر عائشة خاتون أم أحمد باشا، والي بغداد، وزوجة حسن باشا الوالي في العهد العثماني.[1] المسافة بين المشروع والمدفن الأثري وأظهرت مراجعة للخرائط أجراها "صحيح العراق"، أنّ فرق من دائرة الطرق والجسور في وزارة الإعمار ضخت كميات كبيرة من المياه بشكل مباشر باتجاه الباب الخارجي من جامع زمرد خاتون، بمسافة لا تتجاوز 15 مترًا، بعد عمليات حفر تسببت في خلل كبير ضمن أساسات الموقع الأثري.[2] فيما تظهر صور نشرتها الهيئة العامة للآثار والتراث، أعمال الحفر بمسافة قريبة جدًا من المنارة التاريخية، وقالت إن وزير الثقافة وإدارة الهيئة أجريا جولة بهدف إيقاف التجاوز على محرمات الموقع وتعديل مسار المجسر.[3] والمشروع الذي تشرف عليه وزارة الإعمار، جزء من مشاريع فك الاختناقات المرورية، الحزمة الأولى، ويتمثل بمجسر كونكريتي يرتبط بساحة الطلائع، ويعرف أيضًا بمجسر البيجية[4]، وبدأت أعمال تنفيذه في تشرين الثاني نوفمبر 2023 حين أطلقه رئيس الوزراء.[5] وتقول الوزارة، إن أعمال المشروع الذي سيشكل "محورًا مهمًا وجديدًا" لنقل حركة المركبات عبر ربط منطقة باب المعظم بمنطقة المنصور في بغداد، مستمرة عبر حفر وصب 73 ركيزة من أصل 120 ركيزة يقوم عليها المشروع، مع صب قبعاتها، وهو يتكون من جزأين؛ مجسر البيجية بطول كلي يبلغ 800 متر مع المقتربات، وعرض 25 مترًا، بواقع 12 فضاء ويربط شارع المطار بالطريق المؤدي إلى ساحة اللقاء، والثاني ‏يمتد من ساحة الطلائع مرورًا فوق شارع 14 تموز (طريق مطار المثنى)، بطول 3 كيلومترات مع المقتربات، فضلًا عن عمل استدارات مجسرة عند ‏التقاطع مع شارع 14 تموز.[6] هل تكفي "السقالات" لمنع انهيار المدفن؟ وعلى الرغم من موجة الاعتراضات، لم يصدر عن وزارة الإعمار والإسكان أي بيان أو توضيح حول مسار المجسر، بل على العكس، تواصل الوزارة نشر فيديوهات من أعمال مجسر البيجية بعنوان وتيرة العمل متسارعة في المشروع.[7] لكن نبيل الصفار المتحدث باسم الوزارة، أكّد لـ "صحيح العراق" أنّ العمل يجري الآن "بعيدًا عن الجزء المحاذي لمقبرة الشيخ معروف ومنارة قبر زمرد خاتون، بانتظار حسم آلية استئناف العمل بالتنسيق مع دائرة الآثار والتراث". ويتلخص الحلّ الذي يقترحه وزير الإعمار بنكين ريكاني، والذي أشار إليه الصفار أيضًا بـ "بنصب الحمالات والسقالات (سكلات)، لربط البرج أو الشاخص الأثري (المنارة المخروطية) لتجنب وقوع أضرار أثناء أعمال الحفر وصب الركائز". وهنا يقول مسؤول رفيع في دائرة الآثار والتراث لـ "صحيح العراق"، إنّ الرأي الرسمي للهيئة يرفض هذا الاقتراح بشكل قاطع، كما سبق أنّ رفضت التصاميم الأولية للمشروع نهاية عام 2023، مبينًا أنّ "الجهات المسؤولة في الوزارة تجاهلت الرفض الأولي للمشروع ومضت فيه، والآن تحاول التنصل عن مسؤوليتها باقتراح حلول شكلية لن تحمي الموقع الأثري ولا تعالج الخلل الذي أصابه". "انهيارات موثقة" مقابل تعهد شفهي! ويؤكّد المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، أنّ أعمال الحفر وضخ المياه "أدت بالفعل تضرر الموقع وانهيار بعض الأجزاء من مسجد زمرد خاتون، وهي أضرار وثقتها لجنة من هيئة التراث أجرت كشفًا على الموقع مؤخرًا وحددت حجم التعارضات". وشهدت الأيام القليلة الماضية اجتماعات بين هيئة التراث ووزارة الإعمار لكنها لم تفض إلى نتيجة مقبولة كما علم "صحيح العراق" من المسؤول الذي حضر هذه الاجتماعات، إذ بين أنّ "المشكلة تتمثل في رأي وزارة الاعمار التي تريد وضع السقالات على المنارة والمضي بأعمال التشييد، بينما ترى الهيئة أنّ وضع السقالات ليس الحل، بل يجب صيانة أساسات الموقع بالكامل ثم إكمال المشروع لأن الاهتزازات أدت إلى أضرار كبيرة، ويمكن أن تقع انهيارات أكبر في حال المضي بالعمل بهذا الشكل". يقول المسؤول أيضًا إنّ وزير الإعمار بنكين ريكاني "أعطى تعهدات شفهية" بضمان عدم تضرر الموقع الأثري "لكن هذه الضمانات لا يمكن قبولها، وتشترط الهيئة مخاطبات حكومية رسمية تضمن سلامة الموقع كليًا وعدم تضرره"، مشيرًا إلى أنّ "مشروع كان بالأساس ضمن مقبرة الشيخ معروف، لكن تم تعديل المخططات الخاصة بجزء المقبرة ليكون خارجها". وكانت الوزارة أصدرت في كانون الأول ديسمبر 2023، بعد تداول أخبار عن عزم الحكومة إزالة مقبرة الشيخ المعروف لتنفيذ المشروع، بيانًا أشار إلى أنّ المشروع كان يتضمن شارعًا داخل مقبرة الشيخ معروف، لكن الحكومة "قررت استبداله بمجسر لتقليل عدد القبور التي يتم رفعها"، ونفت "ما يشاع حول رفع المقبرة بالكامل، وإنما القبور التي تتقاطع مع أعمدة المجسر التي سيتم تقليصها للحد الأدنى بإنشاء مجسر ذي فضاءات طويلة"، موضحة أنّ "جميع الرفات سيتم نقلها على نفقة الوزارة وبإشراف العلماء"، كما أكّدت في ذات الوقت أنّ "العمل داخل المقابر ليس جديدًا لأغراض المصلحة العامة، وحتى مقبرة الشيخ معروف نفسها تم رفع عدد من قبورها في التسعينات لأغراض بناء الجامع والشارع وغيرها الكثير من الأمثلة داخل العراق وخارجه".[8] اجتماع آخر قريبًا بدوره، كشف مدير عام الصيانة والحفاظ على الآثار في الهيئة العامة للآثار والتراث محمد البياتي، عن اجتماع قريب آخر بين الهيئة ووزارة الإعمار على أمل الوصول إلى حل "يضمن سلامة الموقع الأثري". ولم يخف البياتي في تصريحه لـ "صحيح العراق"، المخاوف بشأن مضي المشروع بالشكل الحالي، محذرًا من أنّ "الوضع خطر جدًا وغير مطمئن بالنسبة للموقع"، فيما بيّن أنّ "الاجتماع سيجري بحضور رئيس الهيئة والممثل القانوني لـ "تحديد مصير العمل وطريقة حل المشكلة". وسبق أنّ نفت هيئة الآثار والتراث، موافقتها أو وزارة الثقافة على إطلاق الأعمال الجارية قرب جامع زمرد خاتون، إذ ناشد البياتي، في منشور على صفحته في "فيسبوك" رئيس الوزراء بالتدخل وإيقاف العمل، مؤكدًا أنّ "وزارة الثقافة والسياحة والآثار، والهيئة العامة للآثار والتراث رفضتا إعطاء موافقة للحفر قرب الجامع، والذي يبعد تقريبا 15 مترًا وهو ضمن محرمات الموقع الشاخص الأثري"، وقال إنّ العمل "سيؤدي إلى سقوط هذا الأثر المهم لبغداد والعالم، وهو مخالف لما جاء بقانون الآثار المرقم 55 لسنة 2002 التجاوز على المحرمات والموقع الأثري"، داعيًا إلى "البحث عن طريقة أخرى من قبل المنفذين لإكمال المشروع كأن يكون جسرًا معلقًا أو تغيير مسار المجسر".[9] بالمقابل، يقول المتحدث باسم وزارة الإعمار نبيل الصفار لـ "صحيح العراق"، إنّ "جميع الأعمال والمشاريع التي تنفذها الوزارة لا تبدأ إلاّ بعد الموافقة والتنسيق والتعاون مع جميع الجهات ذات العلاقة، سواء وزارة النفط والنقل والثقافة والآثار، من أجل الاتفاق على رفع التعارضات ووضع الخطط المناسبة لضمان عدم إحداث ضرر لأي جهة". وأضاف الصفار، أنّ "مجسر الطلائع الذي من المقرر إنجازه منتصف العام المقبل، شهد تنسيقًا وترتيبًا مع هيئة الآثار والجهات ذات العلاقة لضمان عدم إحداث أي ضرر بالأماكن التراثية والتاريخية"، رافضًا التعليق حول إمكانية تغيير مسار الجسر، واكتفى بالإشارة إلى أنّ "الوزارة على تواصل مع الجهات المعنية". وبحسب آخر الإجراءات فإنّ وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني، وجّه الأقسام الهندسية بضرورة وضع خطة عاجلة بالتشاور مع هيئة الآثار ووضع الحلول الهندسية المناسبة لموقع جامع زمرد خاتون، ورفع التجاوزات القريبة وكل ما من شأنه التأثير على الموقع الأثري، وتقديم خطة سريعة لإجراء صيانة إنقاذية للمكان خلال الفترة القادمة.[10] مخالفة قانونية صريحة! ونص قانون الآثار والتراث العراقي رقم 55 لسنة 2002، في الفقرة ثالثًا من المادة 9 على: "تلتزم الجهات المعنية بالمحافظة على المواقع الأثرية والتراثية والتاريخية عند وضع المشروعات العامة الصناعية والزراعية والإسكانية ومشروعات تخطيط المدن والقرى ومشروعات تعبيد الطرق باستحصال الموافقة التحريرية على ذلك من السلطة الآثارية قبل إعداد تلك المشروعات أو عند تغييرها". كما نصت الفقرة الخامسة من ذات المادة على: "لا تمنح إجازة البناء في المناطق التي تضم مواقع أثرية وفي الأماكن القريبة منها بحدود كيلومتر واحد إلا بعد موافقة السلطة الاثارية التحريرية خلال (30) يومًا من تاريخ تقديم طلب الإجازة". ونصت المادة 15 من القانون على "منع التجاوز على المواقع الأثرية والتراثية والتاريخية بما فيها التلول والأراضي المنبسطة التي عثر فيها على الملتقطات الأثرية وإن لم يتم نشرها في الجريدة الرسمية وكانت في ظروف يمكن للشخص المعتاد العلم بها".[11] وبحسب الصور المتداولة، فإنّ أعمال الحفر وضخ كميات كبيرة من المياه بمسافة قريبة من منارة زمرد خاتون التاريخية، يهدد بانهيار أجمل تجسيد للقباب المخروطية في العراق، فهي تجمع عناصر معمارية وزخرفية تمثل نقلة نوعية في فنون العمارة بين الأجيال السابقة واللاحقة. ويتكون المبنى من غرفة مثمنة من الداخل والخارج يبلغ طول ضلعها 7.65 متر من الخارج وترتفع بمقدار 8.30 متر، وجدرانها سميكة جدًا تزيد في أسفلها على ثلاثة أمتار، ويتوسط المدخل أحد أضلاعها الشمالية وينفتح عليه من الجهة اليسرى ببوابة سلم يقود إلى السطح من داخل الجدران.[12] ويحذر مختصون من أنّ استمرار أعمال الحفر قرب القبة التاريخية التي بلغ عمرها 800 سنة، وتعتبر من أهم القباب على مستوى العالم، والحفريات التي تجري بالقرب منها قد تؤدي إلى انهيارها.[13]

Other SaheehNewsIraq