Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
مطلع هذا العام، بدأت "اللجنة العليا لحصر السلاح بيد الدولة"[*] خطة جديدة للحد من انتشار الأسلحة تقوم على أساس شرائها من المواطنين، وأطلقت حتى الآن مرحلتين من الخطة تشمل تسجيل الأسلحة وشراء المتوسطة منها، كما أكّدت وزارة الداخلية أمس الأربعاء.[1]
وتشمل الأسلحة المتوسطة الرشاشات من أنواع "بي كيه سي"، و"آر بي كيه" وما هو في حجمها والقنابل اليدوية، أما الخفيفة فهي المسدسات بأنواعها وكذلك البنادق من نوع كلاشنكوف وما يوازيها، وتشمل الثقيلة مدافع الهاون والقاذفات من نوع "آر بي جي" والتي تطلق عادة عن بعد لمسافات محدودة.
في هذا التقرير يراجع "صحيح العراق" جدوى هذه الخطوات ضمن محاولات السيطرة على "السلاح المنفلت" بقياس المبالغ المرصودة إلى حجم الأسلحة المنتشرة في العراق، كما يشير إلى تأثيرات هذه الخطوة على سوق السلاح.
آلية جمع السلاح
خلال آذار مارس الماضي، أعلنت وزارة الداخلية تهيئة 697 مركزًا في 15 محافظة لشراء الأسلحة من الأهالي، في محاولة لضبط السلاح المنفلت، ورصدت 16 مليار دينار لعمليات الشراء، بواقع ملياري دينار للعاصمة بغداد، ومليار دينار لكل واحدة من المحافظات الأخرى، باستثناء إقليم كردستان.[2]
تزامنت هذه الإجراءات مع إجراء لجنة ثانية لتنظيم حصر وتنظيم السلاح بيد الدولة، وباشرت بإصدار إجازات حيازة للمسجلين، عن طريق استمارة إلكترونية.[3]
وبعد الانتهاء من عملية الشراء، تخطط الحكومة للتعامل مع الأسلحة غير المسجلة باعتبارها خارجة على القانون، ومصادرتها بعمليات تفتيش، مع عقوبات قاسية للمخالفين تصل إلى "السجن المؤبد.[5]
الداخلية ستشتري نوعان فقط
وستسمح وزارة الداخلية بوجود قطعة واحدة من السلاح الخفيف في كل منزل، مع منع حيازة الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بعد انتهاء عملية التسجيل[6]، مع عرض مبالغ تصل إلى "ضعف قيمة السلاح" لتشجيع المواطنين على بيع أسلحتهم إلى وزارة داخلية.[7]
فيما حددت الوزارة أسعار الأسلحة المتوسطة التي ستشتريها في المرحلة الراهنة بين 3 - 5.9 مليون دينار، حسب جودة السلاح، وهي تشمل بنادق "بي كي سي" و"آر بي كي" فقط.[8]
كم بندقية ستشتري الدولة الآن؟
وخصصت الدولة 16 مليار دينار لشراء الأسلحة في هذه المرحلة، وهي تكفي لشراء نحو 5330 قطعة سلاح في أفضل الأحوال، أي باعتماد الحد الأدنى الذي أعلنته الوزارة والبالغ 3 ملايين دينار.
أما في حال اعتماد متوسط السعر البالغ 4.5 مليون دينار، فإنّ عدد الأسلحة التي ستشتريها وزارة الداخلية لن يزيد عن 3555 قطعة سلاح فقط.
ماذا ستحقق الداخلية؟
ويقدر عدد الأسلحة المتوسطة خارج سلطة الدولة بـ 5 ملايين قطعة على الأقل، وفق ضابط رفيع تحدث لـ "صحيح العراق"، ما يعني أنّ المبالغ المرصودة لن تكفي إلاّ لشراء نحو 0.1% من الأسلحة المنتشرة في حال دفعت الحد الأدنى البالغ 3 ملايين دينار.
وبالقياس إلى متوسط المبلغ المرصود لكل قطعة سلاح (4.5 مليون دينار)، فإنّ وزارة الداخلية لن تشتري أكثر من 0.07% من مجموع الأسلحة المنتشرة خارج سلطة الدولة، وهي نسبة "لا تذكر" على حد تعبير الضابط الذي نتحفظ على كشف هويته.
السوق السوداء انتعشت!
فضلاً عن ذلك، شهدت سوق الأسلحة السوداء نشاطًا أكبر منذ إعلان وزارة الداخلية نيتها شراء الأسلحة، خاصة بعد أن تعهدت بقيمة مضاعفة مقابلها.
ويؤكّد 3 من تجار السلاح، أحدهم يعمل في سوق "مريدي"، أشهر أسواق الأسحلة غير القانونية في العراق، ارتفاع الطلب على الأسلحة، بعد إطلاق إجراءات وزارة الداخلية وتخصيص الأموال لشرائها من المواطنين.
يقول التاجر لـ "صحيح العراق"، إنّ "الطلب تزايد على الأسلحة الخفيفة، خاصة من نوع كلاشنكوف، قبل أن تحدد وزارة الداخلية أنواعًا محددة للشراء في هذه المرحلة"، مبينًا أنّ "سعر الكلاشنكوف الروسية المستخدمة والقديمة ارتفع من 700 ألف دينار إلى 900 ألف دينار".
ويضيف أنّ "بيان الداخلية حرك سوق السلاح أكثر من الفترة السابقة، فازداد الطلب بالإضافة إلى دخول أنواع مختلفة من السلاح بهدف تحقيق الأرباح"، هو ما ينسجم مع رأي خبراء ومراقبين.[9]
ماذا عن أسلحة الفصائل؟
وتمثل الجماعات والفصائل المسلحة أخطر مظاهر "السلاح المنفلت"، لكن هذه الحملة لن تشملها على الإطلاق، وفق ما أكّده الضابط لـ "صحيح العراق"، مبينًا أنّ "السيطرة على أسلحة الفصائل يتطلب إجراءات مغايرة تمامًا، يسبقها اتفاق سياسي لضمان عدم الانجرار إلى صدام أو اقتتال داخلي".
ولطالما شهد العراق مواقف تحبس الأنفاس، بسبب سلاح الجماعات المسلحة، كان آخرها ما حدث بعد الانسداد السياسي في 2022، الذي تحول إلى أعمال عنف وصراع مسلح في بغداد بين سرايا السلام التابع للتيار الصدري وفصائل موالية للمرشد الإيراني علي خامنئي[10]، فضلاً عن الصدامات المستمرة والاغتيالات.[11]
ولا تقل أسلحة العشائر خطورة، إذ تملك العشائر ترسانة ضخمة من الأسلحة معظمها من تركة الجيش السابق، فيما أسهمت الحرب ضد تنظيم "داعـ ـش" بتعزيز هذه الترسانة، حين اعتمدت عليها السلطات بشكل كبير في العمليات القتالية ومسك الأرض، كما يشير شيخ عشيرة بني مالك في البصرة، ضرغام عرمش المالكي.[12]
قانونيًا:
وينظم قانون 57 لسنة 2017 حيازة وتجارة الأسلحة، إذ ينص على عقوبات مشددة على كل من هرب أو صنع أو تاجر بالأسلحة أو عتادها من دون إجازة، حيث تصل إلى السجن المؤبد والإعدام، أما حمل السلاح وحيازته دون إجازة فالعقاب هو الحبس سنة وغرامة لا تزيد عن مليون دينار. [13]
ويعد العراق من بين أكثر 25 دولة حيازة للسلاح، كما تشير دراسة أعدها
آرون كارب المحاضر في جامعة دومينيون الأميركية، نشرت عام 2018.[14]
سوق مريدي
ويظل "سوق مريدي" داخل مدينة الصدر (الثورة سابقًا)، المكان الأشهر لتجارة السلاح، حيث يمكن شراء أي قطعة منه بسهولة"[15]، لكن تجار السوق لا يتعاملون مع الزبائن إلاّ عبر "وسطاء موثوقين" لضمان تجنب الملاحقة الأمنية والقانونية، كما يوضح تاجر السلاح لـ "صحيح العراق".