Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
يطلق في الأوساط الإعلامية على الموسيقار العراقي الشهير نصير شمة "صاحب الوتر الثامن"، وتتداول بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات غير دقيقة عن قصة الوتر الثامن، وتنسب بعضها ادعاءات غير دقيقة إلى الموسيقار نفسه[*]، فما قصة "الوتر الثامن"؟ وهل اكتشفه شمة، أسوة باكتشاف زرياب للوتر الخامس في العصر العباسي؟
في هذا التقرير يسلط "صحيح العراق" الضوء على تاريخ العود، والمدرسة العراقية لهذه الآلة، وقصة نصير شمة مع الوتر الثامن.
تاريخ العود
بحسب بحث للدكتور يوسف طنوس، نائب رئيس جامعة الروح القدس في الكسليك (لبنان)، فإن العود يُعتبر ملك الآلات الموسيقية العربية وسلطانها وأساسها، وهو الأكثر كمالاً بينها. هو مرافق المغنّين ومحور الأوركسترا العربية المعروفة بـ”التخت” الشرقي. وهو الذي يفسّر نظريات السلّم الموسيقي العربي.
لا يُعرف مخترع آلة العود، ولكن هناك قصص وروايات مختلفة عن أصله إذ ينسب البعض اختراعه إلى لامك ابن قابيل ابن آدم (أبي البشر)، بينما نجده، ولو بأشكال متنوّعة وأسماء مختلفة، في معظم الحضارات، حيث انتشر في بلاد ما بين النهرين وفي بلاد فارس وآسيا الصغرى والشرق الأوسط والشرق الأقصى وأوروبا. والعود هو الآلة الوتريّة الأكثر انتشارًا في العالم كلّه.
ويشير الباحث، إلى أن الأبحاث الأثرية في الأناضول دلت على وجود العود أيام "الحيثيين" قبل حوالي 3000 سنة، كما كان مستعملًا في روما أيام القياصرة، وقد عرفه أيضًا البيزنطيون، وقلّما خلت حضارة في العالم من آلة العود أو من عائلتها الوترية أو شبيهاتها.[1]
أنواع العود العربي
يندرج تحت نوع العود العربي عدد من الأصناف أو الأنواع، وهي تنقسم إلى:
العود العراقي: ويحتوي على فتحات للصوت بيضاوية الشكل، وهي غير مزخرفة، كما أن أوتاره مشدودة بالجزء الأسفل للعود، ويعتبر من الأنواع خفيفة الوزن والصغيرة مقارنةً بالنوع السوري، ومن ناحية الصوت فصوت العود العراقي يشبه صوت الغيتار.[2]
العود السوري: يكون في العادة متوسط الحجم، وتكون رقبته طويلة، وباستطاعته أن يصدر العديد من النغمات المختلفة، ولكن صوته قوي، ويكون أطول من باقي الأنواع الأخرى، ويحتوي على 13 وترًا ووتر إضافي.[2+]
العود المصري: يمتاز بعمق وثقل صوته، وهو أكبر أنواع آلات العود، ويصنع عادةً من خشب شجر الصنوبر، وهو من أكثر الأنواع التي تكون مزخرفة، وقد يأخذ شكلًا بيضويًا أكثر من باقي الأنواع.
أوتار العود:
بحسب أحد البحوث، فإن للعود نوعين من الأوتار: الغليظة (التي تصدر الترددات المنخفضة)، وتصنع من مادة ذيل الفرس أو الخيوط الحريرية الصناعية وتغلف بمادة النحاس، وتلك التي تصدر (الترددات الحادة) من مادة النايلون أو البلاستيك، وتركب الأوتار موازية لسطح وجه العود، ومن أهم السمات التي ارتبطت بالأوتار في المدرسة التقليدية بالعزف على آلة العود هو الاكتفاء بالعود ذي الأوتار الخمسة في معظم النشاطات، كما تم في بعض الحالات إضافة الوتر السادس (قرار الراست)، خدمة أجواء الطرب التي كانت سائدة، ولما للأصوات العريضة من أثر في إثارة أجواء الهدوء والطرب، تم في بعض الحالات إضافة الوتر السادس (جواب جهاركاه) وذلك للهروب من التنقل بين الأوضاع.[3]
وبحسب الموسيقار العراقي مصطفى زاير، فإن صناعة آلة العود وتطورت بمرور الزمن حتى ظهر الفنان المعروف زرياب في العصر العباسي، فهو الذي أضاف وترًا جديدًا إلى العود الذي كان يتألف من 3 أوتار، فأصبحت 4، وعند سفره إلى الأندلس، زادها إلى 5 أوتار، فزاد من جمالية العزف على هذه الآلة. واستقر العود من بعد زرياب لفترات طويلة على 5 أوتار في اليونان وتركيا في بداية القرن الماضي، ثم أضافوا الوتر السادس، وكان أسفل الأوتار".
واستطرد: "بعدها جاء روحي خماش وسالم عبد الكريم، ورفعا هذا الوتر من الأسفل وجعلاه متسلسلا كبقية الأوتار من القرار إلى الجواب، وخرج صناع هذا العود في خمسينيات القرن الماضي عن المألوف والنمطية، فالشغف بالعود حوله من آلة موسيقية إلى مادة إبداعية لدى أشهر صانعيها، كالراحل محمد فاضل.[4]
هل اكتشف نصير شمة الوتر الثامن؟
وبحسب الموسيقار العراقي الشهير نصير شمة، فإنه بعد إضافة زرياب للوتر الخامس، أضاف محمد سالم بيك، الوتر السادس قبل 180 سنة، وفي عصر القصبجي أضيف الوتر السابع، وعزف على العود السباعي روحي الخماش وقدمه للجمهور.
وعن قصة شمة مع الوتر الثامن، فيقول إنه نفذ ذلك ولم يكن المكتشف، قائلاً: "أنا نفذت العود المثمن (إضافة الوتر الثامن) وهو ليس من اختراعي، بل هو عود الفارابي، فمنذ أكثر من 1000 سنة خطط الفارابي هذا العود بثمانية أوتار وأهداه إلى الوالي، وقد عثرتُ على المخطوطة وقمت بتحقيقه عام 1986 وأنا طالب، وقدمته في بغداد، وكان بمثابة أطروحة دكتوراه، لأنه بحث استغرق سنة من البحث، وسنة أخرى في صناعته".
ويقول شمة "العلم الفلسفي الذي طرحه الفارابي لهذا العود هو أن يستوعب كل الأصوات البشرية: الباص والتينور والألتو والسوبرانو والميتاسوبرانو، والبشر يقعون في نطاق هذه الأصوات، وكلها يستوعبها العود المثمن، وهو اختراع عبقري للفارابي، يكاد يجمع كل أوكتافات «آلة القانون» التي اخترعها الفارابي أيضا".[5]
من هو نصير شمة؟
موسيقي وعازف عود عراقي، ولد عام 1963 في مدينة الكوت مركز محافظة واسط، أنهى دراسته الجامعية في معهد الدراسات الموسيقية "النغمية" في بغداد عام 1987، وبدأ بإعطاء دروس العزف على العود بعد 3 سنوات من تخرجه مع مواصلة دراسته الخاصة.
وفي 1993، حصل على وظيفة للتدريس بالمعهد العالي للموسيقى في تونس.[6]
شمة، متزوج من الشاعرة السورية لينا الطيبي، ولديهما فتاة تدعى "ليل"، يعيشون في أوروبا.
كما أسس شمة، بيت العود العربي في مصر عام 1998، وهو أول مركز متخصص وشامل لكل آلات العود والناي والقانون والبزق، واستطاع من خلاله أن يعمل على تخريج مجموعة من العازفين طوروا العود ومزجوه بآلات أخرى.
نجا نصير شمه من الموت بأعجوبة عندما كان في العشرين من عمره، ووفق ما رواه بنفسه فإنه اعتقل من قبل النظام السابق، نهاية ثمانينيات القرن الماضي، لاتهامه بالهروب من الخدمة العسكرية ومعارضة النظام، فحكم عليه بالإعدام مع المئات غيره، إلا أنه نجا بفضل أحد المسؤولين الذي كان حاضرًا في إحدى حفلاته بحضور الفنان المصري الراحل نور الشريف، وإطرائه على أدائه، حيث قال "كيف نعدم شخصًا قال عنه نور الشريف كلامًا كبيرًا وجميلًا؟".[7]