Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
في 17 أيلول سبتمبر الجاري، صادق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على توصيات اللجنة المختصة بتدقيق عقود المشاريع الممولة ضمن قانون الأمن الغذائي (قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي)، ليعيد قرار التصديق حالة جدل أثارها القانون أول مرة، لتتكرر مرة أخرى وسط اتهامات متبادلة بين أحزاب وكتل سياسية.
وأسفرت نتائج التحقيق [1] الذي أجرته اللجنة إلى 7 ملاحظات تتضمن إشارات ضمنية بالفساد في تنفيذ مشروعات القانون مثل وجود مبالغة في تسعير بعض فقرات العقود التي تم تدقيقها، بالإضافة إلى إحالة بعض المشاريع لشركات تأسست قبل التعاقد بأشهر، فضلًا عن إشارة واضحة بتزوير توقيعات بعض المديرين المفوضين. مع توصيات بإحالة تقرير اللجنة للمحكمة المختصة وهيئة النزاهة الاتحادية.
ما هو قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي؟
نتيجة لغياب الموازنة العامة للبلاد عام 2022 بسبب خلافات سياسية وعجز الحكومة عن إكمال المشاريع؛ تقدمت حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي حينها بمقترح قانون أطلق عليه "قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي"، بهدف تشريع مدفوعات طارئة لاسيما في قطاع الكهرباء وتحقيق "الأمن الغذائي"، في ظلّ عدم إقرار الموازنة.
شهد القانون تجاذبات بين حكومة تصريف الأعمال والبرلمان، وقال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عن القانون [2] إنه "يهدف لمعالجة التحديات الاقتصادية التي فرضتها أزمة ارتفاع الأسعار العالمية؛ وذلك لتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلة الغذائية، فضلًا عن تقديم الدعم العاجل لقطاع الكهرباء قبل حلول فصل الصيف لمنع أي أزمة في إنتاج الطاقة، أو انقطاع للتيار الكهربائي في عموم العراق"، ووصف عدم تمرير القانون بأنه عرقلة لدور الحكومة في تسيير الأمور اليومية.
وبعد شد وجذب استمر نحو 3 أشهر، وخلال الحكومة السابقة (حكومة تسيير الأعمال)، مرر مجلس النواب برئاسة محمد الحلبوسي، مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي.
وقال مجلس النواب في بيان [3] إن التصويت جرى "بحضور 273 نائبًا، ويهدف القانون إلى تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حد الفقر وتحقيق الاستقرار المالي في ظل التطورات العالمية الطارئة والاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بعد انتهاء نفاذ قانون الموازنة وخلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة ودفع عجلة التنمية واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل والسير بالمشروعات الجديدة ذات الأهمية".
أرقام عن القانون
في 4 تموز يوليو 2022، نشرت جريدة الوقائع العراقية [4] مشروع القانون ليصبح نافذًا بشكل رسمي، حيث تبلغ القيمة الإجمالية للقانون 25 تريليون دينار (نحو 17 مليار دولار)، خُصصت منها 4 تريليون دينار (نحو مليارين و746 مليون دولار) للكهرباء لـ"تسديد المديونية الخارجية وديون استيراد وشراء الغاز والطاقة".
وتتولى وزارة المالية إنشاء حساب يسمى "دعم الأمن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر" ويطلق عليه لأغراض هذا القانون اسم "الحساب".
ويشير القانون إلى أن الحساب يتم تمويله من الأموال الموجودة في حسابات وزارة المالية الفائضة عن إجمالي مبالغ النفقات التي نُصّ عليها في المادة 13 من قانون الإدارة المالية الاتحادي رقم 6 لسنة 2019 المعدل على أساس شهري، وبما لا يزيد عن 25 تريليون دينار لسنة 2022، وكذلك من المنح والإعانات والمساعدات والهبات المالية والعينية المقدمة من الدول والمنظمات المحلية والدولية وأي مصادر أخرى.
وفي 14 آب أغسطس أصدرت وزارة المالية التعليمات الخاصة بصلاحيات صرف قانون الأمن الغذائي والتنمية رقم 2 لسنة 2022، فيما دعت كافة الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة إلى مراجعة دائرة الموازنة لاستلام التعليمات [5].
صراع بين "فسطاط" التيار الصدري وكتل الإطار التنسيقي
تمثل الانقسام السياسي حول القانون بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، القادمة من فوز كبير في انتخابات البرلمان 2021، حيث دفع النائب الأول للبرلمان حينها حاكم الزاملي بقوة لتشريع القانون، قائلًا [6] بأن "قانون الأمن الغذائي مهم، ولم نتبنّه لأمور شخصية، وإنما لحاجة المواطن وخصوصًا الكهرباء والرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية التي تهم شريحة كبيرة من المواطنين ولاسيما الفقراء، إضافة إلى شريحة المحاضرين المجانيين والمحافظات"، كما قال.
ويستند موقف الزاملي، إلى مواقف زعيم التيار مقتدى الصدر المؤيد بقوة لتشريع القانون، وبعد سلسة تغريدات [7] حث فيها إلى تشريع القانون اعتبر الصدر تصويت البرلمان على القانون بأنه "انتصار آخر لفسطاط الإصلاح وقد ثبت للجميع قـوة البرلمان التي لم يسبق لها مثيل في السنوات المنصرمة"، مستدركًا: "لكن القلق كل القلق من تسلّط الفاسدين على هذا القانون وتطبيقه فلا ينبغي التغافل عن أن تواجد الكتلة الصدرية حاليًا لا يتعدى البرلمان ولا وجود لها في التشكيلة الوزارية الحالية".
وعليه اقترح الصدر "تشكيل لجنة برلمانية رقابية ومن اللجان المتخصصة وذات الصلة لمنع التلاعب والفساد في تطبيق بنود قانون الأمن الغذائي وإلا ضاعت لقمة الشعب مرة أخرى وسوف لن أتهاون في كشف كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت الشعب".
على الجانب الآخر، كان الإطار التنسيقي يبدي معارضة للقانون، إضافة إلى اشتراطات ومقترحات فُسرت أنها لعرقلة تمرير القانون المدعوم من التيار الصدري.
من بين مقترحات الإطار التنسيقي قدمت كتلة دولة القانون أكبر كتل الإطار التنسيقي، مقترحًا [8] قالت إنه يوازي قانون لأمن الغذائي، مطالبةً وزارة المالية ببيان المبالغ المتبقية لديها من تخصيصات 1/12 من العام 2021 من أجل تناقل هذه الأموال إلى الوزارات المعنية بالأمن الغذائي.
أما كتلة صادقون، الجناح السياسي لـ.ـعصـ.ـائب أهـ.ـل الحـ.ـق، فقدم زعيمها قـ.ـيـس الخـ.ـزعـ.ـلي 4 شروط [9] للتصويت على قانون الأمن الغذائي في البرلمان العراقي، تمثلت في:
1. عدم مخالفة قرار المحكمة الاتحادية الخاص بصلاحيات حكومة تصريف الأمور اليومية.
2. اقتصار المنافع الحاصلة بسبب الوفرة المالية من زيادة أسعار النفط من حقول محافظات الوسط والجنوب على المحافظات غير المنتظمة بإقليم.
3. تضمين حقوق المحاضرين المجّانيّين والمتعاقدين.
4. تضمين حقوق المفسوخة عقودهم من الحـ.ـشد الشـ.ـعـ.ـبي.
موقف السوداني حين كان نائبًا
لم يكن موقف محمد شياع السوداني حين كان نائبًا في البرلمان مغايرًا لمواقف الإطار التنسيقي الذي دعم توليه رئاسة الحكومة لاحقًا، فقبل نحو شهرين من تصويت البرلمان على قانون الأمن الغذائي، أبدى السوداني ملاحظات على القانون [10]، متوعدًا بالامتناع عن تمريره في حال لم يتم الأخذ بالملاحظات.
ومن بين ملاحظات السوداني: "عدم التوسع خارج نطاق الأمن الغذائي والخدمات المستعجلة، واعتماد تعليمات العقود الحكومية، وإلغاء الاستثناءات بشأن عقود استيراد مفردات البطاقة التموينية، منعاً للفساد، واعتماد مؤشر نسبة الفقر، والنسبة السكانية في توزيع تخصيصات تنمية الأقاليم في المحافظات، وكذلك دعم مخرجات أو مدخلات الزراعة".
في النهاية تم تمرير القانون، وقد أُخذت بمطالب وملاحظات الإطار التنسيقي، وصُوّت عليه بالإيجاب من 273 نائبًا بينهم نواب الإطار الذين أبدوا اعتراضًا سابقًا.
لكن مع ذلك، وبعد أن ترأس السوداني الحكومة، أعاد فتح ملف قانون الأمن الغذائي مجددًا بأن شكّل لجنة للتحقيق في مشاريعه، وعادت معه حالة الجدل والاتهامات السياسية المتبادلة، لتتجدد مرة أخرى بعد الإعلان عن نتائج تحقيق اللجنة. ولا يبدو أن هذا الملف في طريقه للإغلاق قريبًا إذ تضمنت النقطة الأولى من توصيات اللجنة إحالة تقريرها إلى المحكمة المختصة وهيئة النزاهة الاتحادية.