مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
قال خلال برنامجه الذي يعرض على قناة الجنوب الفضائية ما نصه:
دستوريا المحكمة الاتحادية وجهت البرلمان بتعديل قانون الانتخابات وتغيير المفوضية.
الحقيقة:
تصريح مضلل، لأن المحكمة الاتحادية لم توجه البرلمان بتغيير قانون الانتخابات أو تغيير المفوضية، بل أوصت مجلس النواب بتعديل القانون والاعتماد على العد والفرز اليدوي، بدلاً من الإلكتروني، وهذا ما اعتبره خبراء القانون بأنه رأي، وليس إلزاما.
إلزام مجلس النواب بتعديل القانون، يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات التي نص عليها الدستور.
ومن خلال العودة إلى الموقع الرسمي للمحكمة الاتحادية، نجد أن المحكمة أصدرت قرارها المرقم 159 اتحادية 2021 في 27 12 2021 والمتعلق بالدعوى المقامة لغرض إلغاء نتائج الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب لعام 2021، حيث ردت الدعوى استنادا إلى أحكام المادة 93سابعا من الدستور، المتعلقة باختصاص مصادقتها على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
وورد في رد الدعوى ما نصه تجد هذه المحكمة بوجوب حصول تدخل تشريعي من قبل مجلس النواب القادم لتعديل قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 9 لسنة 2020 واعتماد نظام العد والفرز اليدوي بدلا من العد والفرز الالكتروني.
وبحسب المادة 93 من الدستور العراقي، فإن واجبات المحكمة الاتحادية تنحصر في الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة و تفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، وكذلك الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية.
والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وينظم ذلك بقانون، والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب، بالإضافة إلى الفصل في منازعات أخرى تتعلق بتفسير القوانين.
ولم يرد في الدستور أن هناك سلطة من قبل المحكمة الاتحادية الى السلطة التشريعية مجلس النواب بإجباره على تعديل قانون الانتخابات.
الخبير القانوني أحمد العبادي، قال إن ما قدمته المحكمة الاتحادية بشأن تعديل قانون الانتخابات كان مجرد «رأي»، وبالتالي هو غير ملزم لمجلس النواب.
رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم محمد عبود قال في حوار صحفي المادة 93 من الدستور حددت اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا والتي من ضمنها النظر في القضايا التي تتعلق بدستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور، وايضا الطعن بصحة القرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات التي تصدر من السلطة الاتحادية.
ولم يذكر أن هناك إلزاما من الاتحادية على مجلس النواب في تعديل القوانين.
نشرت قناة معلومة لعقلك على يوتيوب في 14 آذارمارس 2023 تقريراً مصوراً حمل عنوان لن تصدق ما هي عقوبة الزنا عند الغربان، شمل جملة ادعاءات ومزاعم باسم العلم، وعالم الحيوان، كما استشهد بنصوص دينية إسلامية.
وزعمت القناة التي يتابعها 2.23 مليون شخص أن لطيور الغراب محاكم تتألف من قضاة ومتهمين، تماماً مثل ما لدى البشر.
وذهب التقرير أبعد من ذلك حيث زعم أن محاكم الغربان أكثر عدلاً من محاكم البشر.
وتنقسم الجرائم لدى الغربان إلى ثلاثة أقسام، لكل منها عقوبة محددة طبقاً للتقرير، والجريمة الأولى هي سرقة طعام صغار الغراب، وعقوبتها نتف ريش الطائر السارق حتى لا يتمكن من الطيران بين أقرانه.
والجريمة الثانية هي إتلاف عشٍ أو هدمه، وهنا تعقد محكمة خاصة تلزم الغراب المعتدي ببناء عش جديد بدل الذي هدمه.
أما الجريمة الثالثة فهي الاعتداء على أنثى واغتصابها، وهنا يعاقب المتهم بالقتل من خلال نقره، وتعقد للقتلى والمتوفين جنازة ومراسم دفن، وفق ما ورد في التقرير.
في نفس السياق والمحتوى نشرت قنوات تنشط على موقع يوتيوب في فترات مختلفة، مثل قناة مجلة لماذا والتي يتابعها 3.11 مليون شخص، وقناة معلومات تهمك، وحصدت هذه الفيديوهات ملايين المشاهدات.
وأظهر البحث، أن وسائل إعلام سورية وأخرى عربية، تحظى بمتابعة واسعة من الجمهور، نشرت مواداً حول ما يسمى بـ محاكم الغربان، دون أن تسند المعلومات التي ذكرتها إلى مصادرة معتبرة، مكتفية بذكر دراسات علمية دون تحديد هذه الدراسات، ومن هذه الوسائل، موقع أورينت نيوز السوري المعارض، وموقع فضائية الميادين اللبنانية، وموقع جريدة النهار اللبنانية، وهذا الأخير تحول إلى مصدر لمواقع أخرى، أعادت نشر ذات المعلومات باسم العلم.
لكن هل فعلاً تعقد الغربان محاكم رسمية وهل تعقد جنازات ومراسم دفن؟
تحرى فريق حقيقة الموضوع فوجد من خلال البحث على محرك غوغل عدة دراسات وأبحاث علمية تنفي المزاعم الواردة في الفيديوهات.
من بين هذه الدراسات كتاب عقل الغراب وهو كتاب مهم للباحث الأمريكي من أصول بولندية بيرند هينريخ، حيث ينفي فيه بشكل قطعي ما يشاع حول عقد الغربان لمحاكم وما إلى ذلك.
ينقل موقع العلوم الحقيقية في مقابلة أجراها مع الباحث عام 2020: ليس لدي اهتمام بهذه الشائعات. الغربان يستثارون عندما يقتل فرد من المجموعة، في الوقت الذي قد لا تعير الحيوانات الاجتماعية اهتماماً لأمر كهذا، لكن أن يصل الأمر إلى دفن وجنازة؟ ليس هناك وجود لذلك.
وكشف البحث أيضاً أن المزاعم التي تعتمدها هذه القنوات والتقارير مقتبسة من كتاب آيات الإعجاز العلمي، الحيوان في القرآن الكريم، لمؤلفه زغلول النجار، وقد تعرض الكتاب خلال السنوات الماضية لانتقادات علمية عديدة.
في بحث نشره موقع مؤمنون بلا حدود بعنوان بين العقل والأسطورة: محكمة الغربان أنموذجاً ينتقد الباحث سامح محمد إسماعيل ما ورد في كتاب زغلول النجار فيقول: يستحق هذا الكلام المرسل وقفة مطولة؛ فالمؤمن لا يعنيه كثيراً أن يمتلك الغراب هذا النسق القانونى المهيب ليصدق قصة ابنيْ آدم من عدمها، فلماذا التدليس المهترئ والاختلاق الساذج لتأكيد الإيمان بشكل يضر بقضية الإيمان ذاتها.
ويتابع الباحث: هذا المشهد الأسطوري الأقرب إلى دنيا الحكايا وعوالم الحواديث، يعني أن الغراب طائر عاقل له كامل الأهلية، يسن القوانين والتشريعات، ويعقد المحاكمات التى تصدر أحكاماً يتم تنفيذها على الفور! فهل الغراب وفقا لذلك مكلف؟ فكائن يمتلك هذا النسق الأخلاقي والتنظيمي، لابد أن يكون مكلفاً من السماء، فلا يمكن أن يذهب هذا النضج التشريعي والفكري سدى !!.
وفي النتيجة نجد أن الادعاء بأن الغربان تعقد محاكم، ومراسم جنازة، وتدفن القتلى والمتوفين، ادعاء غير صحيح، ولا أساس علمي له.
كما أن معظم هذه المزاعم مقتبسة من سرديات أوردها الباحث الإسلامي زغلول النجار في السطر 12 من الصفحة 407 من كتابه آيات الإعجاز العلمي، الحيوان في القرآن الكريم دون مسند أو منهجية علمية.