مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
كيف عادت صيدليات 19011 إلى سوق الدواء مرة أخرى؟ (أكبر)
المحكمة الاقتصادية توافق على جدولة نصف المديونية
وملاكها مازالوا قيد التحقيقات بسبب ديون "فترة الريبة"
بعد إفلاسها وإغلاقها عامين، أعلنت سلسلة صيدليات 19011، عودتها من جديد إلى سوق الدواء المصرية، بإعلان افتتاح فرع جديد في مدينة نصر، بحسب ما نشرته في 4 أبريل الجاري، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، وشارك في حفل الافتتاح عدد من المشاهير ولاعبي كرة القدم .
وكانت المحكمة الاقتصادية، قد أصدرت في يونيو 2022 قرارها بإعلان إفلاس "شركة ألفا" المالكة لسلسلة صيدليات 19011، بعد تعثرها في سداد ديون متراكمة لصالح عدد من البنوك وشركات توزيع الأدوية بلغت قيمتها 3.8 مليار جنيه.
وفي نهاية مارس الماضي 2024، وافقت المحكمة الاقتصادية على خطة إعادة تشغيل الشركة وجدولة سداد جزء من الديون، وفقًا للمادة 163 من قانون الإفلاس رقم 11 لسنة 2018، ولكن رغم ذلك مازال مالكو الشركة قيد تحقيقات نيابة الأموال العامة بسبب ديون "فترة الريبة".
صحيح مصر يرصد طريق عودة سلسلة صيدليات 19011 إلى السوق، وهي التي آثارت جدلًا واسعًا في مصر، أثناء التوسع في شراء الصيدليات بالمخالفة للقانون، بسبب تشابه اسم أحد ملاكها السابقين مع اسم نجل رئيس الجمهورية الحالي، وهو الصيدلي محمود حمدي عبد الفتاح السيسي. (1) (2)
دحض الإدعاء
إعادة ظهور
في 31 مارس، ظهر من جديد أحمد الأنصاري، رئيس مجلس إدارة شركة "ألفا" المالكة للسلسلة خلال إفطار رمضاني في أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، بعد الانزواء عن المجال العام منذ إعلان الإفلاس قبل عامين، وأعلن الأنصاري عودة السلسلة مرة أخرى للسوق المصرية، بجانب إضافة أعمال طبية جديدة لأنشطة الشركة مثل خدمات الطبيب المنزلي والتمريض على مدار 24 ساعة، والتخطيط لوصول السلسلة بشكلها الجديد إلى 15 فرعًا بنهاية العام الحالي 2024.
تحدث صحيح مصر إلى أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة، والذي قال إن الأنصاري بعد قرار إعلان الإفلاس في يونيو 2022، تقدم في أكتوبر 2022 إلى المحكمة الاقتصادية -بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة- بطلب إعادة هيكلة الشركة، بناء على المادة 163 من قانون الإفلاس رقم 11 لسنة 2018.
= وتنص المادة 163 من القانون على: "لقاضي التفليسة من تلقاء نفسه أو بناء على الُمفلس أن يندب لجنة إعادة الهيكلة لوضع خطة لاستمرار تشغيل تجارة المفلس، إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة أو مصلحة المفلس أو الدائنين". (3)
= وفي نوفمبر 2022، حصل الأنصاري -بحسب المصدر- على موافقة مبدئية من المحكمة على التشغيل لمدة 10 سنوات لسداد الديون، وتعيين أمناء للدائنين، وبعدها تقدم الأنصاري بخطة لجدولة الديون سواء مع البنوك أو مع شركات الأدوية.
حجم الديون وخطة الجدولة
وفي مارس 2024، حصل الأنصاري على موافقة نهائية من المحكمة بإعادة التشغيل، ولكن جاءت الموافقة على جدولة نحو 45% فقط من الديون بقيمة 1.8 مليار جنيه من أصل إجمالي المديونية البالغة 3.8 مليار جنيه، فيما تستمر تحقيقات نيابة الأموال العامة مع مالكي الشركة حول بقية المديونية وقيمتها 2 مليار جنيه، وما إن كان شاب عملية جمعها أي تلاعب.
وعينت المحكمة مراقبًا على حسابات الشركة للتأكد من انتظام واستمرار خطة جدولة الديون، وعدم التهرب منها. وتشمل المديونية قروضًا للبنوك ومستحقات شركات الأدوية وإيجارات متأخرة على مقرات الفروع القديمة، ورواتب العاملين السابقين.
وبدأت الشركة في سداد أول أقساط خطة الجدولة المعتمدة من المحكمة للبنوك خلال الأسبوع الأخير من مارس، بحسب المصدر، وذلك قبل الإعلان عن العودة للعمل من جديد.
وتتركز معظم الديون لصالح بنكي قطر الوطني ومصر، إذ تدين " ألفا" لصالح بنك قطر بمبلغ 990 مليون جنيه، و لبنك مصر بـ65 مليون جنيه، وباقي المديونية البالغة مبلغ المليار و800 مليون موزع على عدد 18 شركة.
ويقول المصدر، إن الشركة سددت ضمن خطة المديونية نحو 150 مليون جنيه لبنك قطر الوطني، و20 مليون جنيه لبنك مصر، 20 مليون أخرى لشركات الأدوية على أن تستمر الجدولة حتى العام 2026.
** مازالت الاتهامات بالتلاعب قائمة
رفضت المحكمة الاقتصادية جدولة إجمالي الديون المستحقة على "ألفا"، إذ أن مسؤولي الشركة مازالوا يخضعون للتحقيق في قضية التلاعب والتدليس بالعملاء، وجمع 2 مليار جنيه خلال فترة يسميها القانون بـ"فترة الريبة"، وهي الفترة ما بين بداية تعثر الشركة في سداد مديونياتها وإعلان إفلاسها.
ويعتبر القانون -بحسب أستاذ قانون تجاري- أن الأموال التي حصلتها الشركة على صورة قروض وديون، خلال فترة الريبة، جُمعت بالتلاعب والتدليس، وقدرت المحكمة في قضية صيدليات 19011 بداية التعثر الشركة من يونيو 2020 وحتى إعلان الإفلاس في يونيو 2022.
وحصلت الشركة من البنوك والشركات خلال تلك الفترة على مبالغ تقدر بـ 2 مليار جنيه، ويقول أستاذ القانون التجاري، إن القانون يعتبر الحصول على تلك الديون خلال فترة الريبة مماطلة وتلاعب بأموال العملاء، لأن الشركة حصلت على تلك الأموال وحررت شيكات وهي تعلم أنها غير قادرة على السداد ديونها القديمة من الأساس.
ويقول هاني سامح، محامي الدائنين، لصحيح مصر، إن إعادة تشغيل الشركة إجراء روتيني ولن ينقذ الشركة من الديون، مشيرا إلى أن إجمالي أصول الشركة لا تتعدى 400 ألف جنيه، في حين إجمالي مديونياتها قاربت على الـ 4 مليار جنيه.
وأشار سامح أن ملاك آلفا الحاليين أو المتخارجين منها، مازالوا قيد التحقيقات في نيابة الأموال بتهمة الاستيلاء على الأموال الخاصة والعامة خلال فترة الريبة، وإذا أحيلت القضية للمحاكمة، لن يدرج مبلغ الـ 2 مليار في خطة جدولة الديون، لأن الملاك أصبحوا يحاكمون جنائيًا، وذلك وفقا للمادة 55 من قانون الإفلاس.
وتنص المادة 55 من قانون 11 لسنة 2018 الخاص بإشهار الإفلاس، على: "لا يجوز قبول سداد الدين إذ أقيمت بشأنه دعوى جنائية".
شركاء جدد لإنقاذ الشركة
ردا على ذلك، يقول مصدر في مجلس إدارة الشركة، أن مستثمرين مصريين يستعدون لشراء حصة من شركة "آلفا" والمشاركة في خطة إنقاذها وإعادتها للسوق مرة أخرى، ولكن المصدر رفض الإفصاح عن أسماء الشركاء الجدد، ولم يدل إلا بأنهم مستثمرين مصريين وليسوا عربًا أو أجانب.
وأشار المصدر إلى أن الشركاء الجدد يساهمون بالفعل في إدارة جدولة المديونية، ولكن دون الدخول إلى شراكة رسمية "على الورق"، بسبب ما يفرضه قانون الإفلاس، إذ تمنع المادة 72 من القانون المدين من نقل أي جزء من ملكية الشركة لآخرين أثناء عملية التصالح.
وكان قد تخارج من إدارة الشركة الدكتور نعيم الصباغ، أحد مؤسسيها، كما تخارج أيضًا صاحب الاسم المتشابه مع اسم نجل الرئيس الدكتور محمود حمدي عبد الفتاح السيسي، في يونيو 2020، أي قبل شهر من بداية تعثر الشركة، بحسب المصدر.
من الاستحواذ إلى الإفلاس
** وكانت قد تأسست سلسلة 19011 المملوكة لشركة "ألفا" في العام 2017، برأس مال قيمته 40 مليون جنيه و10 صيدليات، وسرعان ما ارتفع رأس المال بعد عامين إلى 200 مليون جنيه و120 صيدلية. (5)
= في فبراير 2019، استحوذت الشركة على صيدليات "إيمدج" وعدد فروعها 17 صيدلية، بقيمة 80 مليون جنيه. وفي أبريل 2020، استحوذت 19011 على 100 % من أسهم مجموعة صيدليات رشدى فى صفقة تجاوزت 360 مليون جنيه، ليصل عدد فروعها إلى أكثر من 200 صيدلية. (6)
= وبحسب المصدر الذي تحدث إلى صحيح مصر، إن جزءًا من الديون المتراكمة على الشركة، وقيمته مليار و200 مليون، هي ديون قديمة على مجموعتي صيدليات رشدي وإيمدج بالأساس، وكان على الشركة تسديدها بعد الاستحواذ على فروع السلسلتين.
= استحوذت ألفا على كل تلك الصيدليات رغم أن القانون رقم 127 لسنة 1955 الخاص بمزاولة مهنة الصيدلة، يمنع امتلاك أي صيدلي لأكثر من صيدليتين. (4)
= وكانت 19011 تتحايل على القانون عبر إبرام عقد إيجار مع الصيدلي صاحب الرخصة، وعقد آخر يسمح بوضع العلامة التجارية للسلسلة على لافتة الصيدلية، في مقابل إيجار شهري أو نسبة من الأرباح يحصل عليها الصيدلي صاحب الرخصة من السلسلة، بحسب مصدر في القطاع الدوائي تحدثت إلى صحيح مصر.
= وهو ما أكده الدكتور نعيم الصباغ، واحد من السبعة المؤسسين، إذ قال إن عدد صيدليات السلسلة البالغ 120 صيدلية، لا تمتلك شركة "ألفا" منهم إلا 20 صيدلية فقط، والـ100 صيدلية الباقية هي شراكة بين السلسلة مع صيادلة أخرين، بالإدارة لمدة معينة.
= في يونيو 2020 بدأ الانهيار، إذ لم تستطع الشركة سداد أقساط مديونياتها إلى شركات توزيع الأدوية، والتي حصلوا عليها بنظام "الشيكات المؤجلة". وفي أغسطس 2020، توقفت شركة التوزيع عن توريد الأدوية لمجموعة الصيدليات.
= تأزم الموقف بشكل أكبر بسبب القروض التي حصلت عليها الشركة من البنوك بضمان أصول الصيدليات وعدم تسديد أقساطها.
= في نوفمبر 2020، بدأ الموظفون في المجموعة في احتجاجات بسبب تأخر المرتبات، وتفاقم الأمر بتقديم شكاوى إلى مكتب العمل بعد الانقطاع عن تسديد المرتبات.
= ويقول المصدر، إن الديون تراكمت على الصيدليات بسبب ما وصفه بخطأ في إدارة التعاقدات الدوائية، إذ توسعت السلسلة في افتتاح الفروع وشراء الأدوية دون تقييم حقيقي لحاجة السوق.