مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
مطلع شهر فبراير، صنفت مجلة الأمريكية، العراق في المرتبة الأخيرة بأدنى نسبة مشاركة للنساء في سوق العمل، من بين 95 دولة حول العالم.
بلغت نسبة النساء العاملات 10.76 فقط من القوى العاملة، أي من نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم فوق 15 عامًا.1
يقارن صحيح العراق في هذا التقرير بين النسب التي حددها تقرير الصحيفة الأمريكية وآخر بيانات جهاز الإحصاء في وزارة التخطيط، ويشرح أرقامًا تفصيلية عن عدد النساء المؤهلات للعمل في العراق، وأبرز عوائق وجودهن ضمن القوى العاملة بما يوازي نسبة الإناث من السكان البالغة 49.5، فضلاً عن آثار ذلك والحلول المطروحة.2
90 من النساء خارج القوى العاملة
ارتفعت النسبة التي حددتها لمشاركة النساء ضمن القوى العاملة بمقدار ضئيل جدًا عن عام 2021 بفارق 0.16.12
يبلغ عدد السكان فوق 15 سنة حسب آخر مؤشرات القوى العاملة؛ 26.09 مليون شخص، بينهم 12.97 مليون من الإناث.
حدد جهاز الإحصاء 1.38 مليون سيدة فوق 15 عامًا فقط ضمن القوى العاملة، واعتبر أكثر من 11.5 مليون خارج قوة العمل، أي بنسبة 10. ويعتبر خارج قوة العمل كل شخص لم يصنّف على أنه عامل أو عاطل عن العمل.3
في 2021، لم يتجاوز عدد العاملات فعليًا من النساء 991.2 ألف امرأة، من أصل 11.46 مليون تتراوح أعمارهن بين 15 60 عامًا سن التقاعد القانوني، بنسبة 8.6.4
من بين عدد السكان الكلي، بلغت نسبة النساء العاملات 7.6 فقط، وسجل معدل البطالة 28.2، أي نحو ضعف معدل بطالة الذكور.
وتعتبر نسبة العمالة إلى عدد السكان، أو النسبة المئوية للسكان في سن العمل مقارنة بالعاملين فعليًا، مؤشرًا لأداء الاقتصاد الوطني في توفير فرص العمل لسكانه.
قفزت نسبة البطالة بشكل عام إلى 16.5، وفق آخر إحصاء رسمي، لتسجل أعلى نسبة منذ عام 2006، وتصدرت نينوى معدلات البطالة بـ 32.8 من بين محافظات العراق.5
تقول مجلة الأمريكي في تقريرها، إنّ الرجال يستحوذون على معظم الوظائف في العراق، وتؤكّد أنّ هناك حواجز مختلفة تعوق المرأة عن العمل في البلاد، على الرغم من أنّ الحكومة العراقية بذلت بعض الجهود لتحسين حقوق المرأة.1
فيما تشير التقديرات الدولية إلى أنّ نسبة الشركات التي تشارك النساء في ملكيتها لا تتجاوز 7، أما التي تتولى النساء مناصب إدارية رفيعة فيها فتمثل 2 فقط منها.6
الأمن والتقاليد والتمييز أبرز الأسباب
تقف جملة عوامل وراء انخفاض مشاركة النساء ضمن القوى العاملة، من أبرزها الانفلات الأمني والأعراف والتقاليد.
لا يدعم ولا يعترف نحو 70 من الرجال، وأكثر من 50 من الشباب بحقوق المرأة في التعلم والعمل، ولا يؤمن بدور للنساء في توفير أسباب العيش أو المساهمة في التنمية وصناعة القرار سوى 1 من الذكور بعمر 18 سنة أو أكثر.7
تقوم المرأة في العراق بـ 86 من أعمال العناية المنزلية غير مدفوعة الأجر، وتنفق ما لا يقل عن 6 ساعات يوميًا للعناية بالمنزل والأطفال، مقابل أقل من ساعة واحدة ينفقها الرجال للقيام بنفس النوع من العمل، ما يعني فقرًا في الزمن اللازم لقيامها بالعمل المدفوع الأجر، وإمكانية أدائه بكفاءة.8
يعد التمايز في وظائف القطاع العام والأجور لصالح الذكور، سببًا مباشرًا للإحجام أو ترك الكثير من النساء سوق العمل، ويشير تقرير سابق للبنك الدولي إلى وجود تفضيل واسع للذكور بالنسبة للوظائف في القطاع العام، حيث تسود الأعراف والتقاليد الخاصة بالدور التقليدي للمرأة داخل البيت، ورفض اختلاط الجنسين.9
كما تمثل الحواجز القانونية، ونقص وسائل الانتقال المأمونة والملائمة، وقلة مراكز رعاية الأطفال الجيدة وميسورة التكلفة، وتدني مستويات الشمول المالي إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة، أسبابًا أخرى لعدم رغبة النساء في العمل.10
فاتورة غياب النساء عن سوق العمل
يصنف برنامج الغذاء العالمي، الأسر التي تعيلها نساء كأشد المتضررين من ارتفاع نسبة الفقر في العراق ضمن تقريره عام 2016، ويوضح أنّ أربعة من كل خمسة نساء معيلات لأسرهن، يقبعن خارج قوة العمل في معظم المحافظات العراقية.11
في حين يساهم دفع المزيد من النساء إلى سوق العمل في تحسين الاقتصاد العراقي بشكل ملحوظ، ورفع إجمالي الناتج المحلي بفارق هائل.8
وتتمثل الحلول المطروحة بتوفير خدمات رعاية الطفل، وإيجاد بيئة عمل آمنة تراعي الاعتبارات الأسرية، مع تخصيص موازنات حكومية تراعي تحقيق المساواة بين الجنسين، وتطوير قدرات رائدات الأعمال من خلال توفير بيئة مناسبة.
في هذا الإطار أيضًا يحث البنك الدولي على تنظيم أنشطة تدريب مهني للنساء الريفيات، وتنمية قدرات المنظمات غير الحكومية للمشاركة في الأنشطة التي تهدف إلى التمكين الاقتصادي للمرأة.6
كما ينصح بتنفيذ الجوانب القانونية المتصلة بالشمول الاقتصادي للنساء، أي معالجة العوائق التي تحول دون وصول الإناث إلى الخدمات المالية، حيث تسجل المنطقة العربية أكبر فجوة على مستوى العالم.12
يحتفي العالم كل عام في 8 آذار مارس الذي يحل غدًا الجمعة بيوم المرأة العالمي، وما حققته من إنجازات على مستوى التمكين والتطور في كافة المجالات، فيما تحتفل دوائر الدولة والمنظمات المدنية المهتمة بحقوق المرأة بهذه المناسبة.
المرأة من وزارة إلى شُعبة:
في عام 2004، تشكلت أول وزارة لشؤون المرأة بعد انتهاء حقبة النظام السابق، وشغلت العديد من الوزيرات المنصب فيها، بدءًا من نرمين عثمان، ثم أزهار الشيخلي عام 2005، وفاتن عبد الرحمن محمود، عام 2006، ومجددًا نرمين عثمان 2007، ثم نوال مجيد السامرائي عام 2008 قدمت استقالتها احتجاجًا على افتقار الوزارة لتقديم الخدمات للنساء، بعدها أتت خلود عزارة آل معجون، عام 2009، و ابتهال كاصد الزيدي عام 2011، وآخرهن بيان نوري، عام 2015 التي أقيلت بعد إلغاء الوزارة في ذات العام.1
وفي حكومة رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبد المهدي، عام 2019، تسنمت النائبة حنان الفتلاوي، منصب مستشارة لشؤون المرأة، تلتها العديد من النساء في هذا المنصب، واقتصر نشاطهن على برامج لتمكين النساء ووضع مشاريع قوانين تحمي المرأة والطفل، وتحد من العنف التي لم تقر إلى الآن.2
إلى جانب ذلك، هناك لجنة للمرأة داخل البرلمان، فضلاًا عن دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأيضًا تحتوي الوزارات ومؤسسات الدولة على قسم لتمكين المرأة وتحقيق التوازن في النوع الاجتماعي،3 وأيضًا هناك هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والتي تحظى بشراكة وتعاون مباشرين مع الحكومة في ملف المرأة، إلا أن آخر نشاط نُشر لها في شهر آب أغسطس 2023.4
مشاريع وخطط عدة:
أطلقت في العراق العشرات من المشاريع والخطط الخاصة بالمرأة، ففي عام 2020، أطلقت الحكومة العراقية خطة العمل الوطنية الثانية لتنفيذ ومتابعة قرار مجلس الأمن الدولي 1325 الخاص بالمرأة والسلام والأمن، وتمتد الخطة بين عام 2021 إلى 2024، وركزت على زيادة نسبة عدد النساء العاملات في برامج الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار وخلق نساء قادرات ومؤثرات في إدارة المفاوضات وبناء السلام.5
عام 2021، أطلقت الحكومة خطة حول التمكين الاقتصادي للمرأة العراقية للعامين 20212022 لخلق فرص اقتصادية أكثر أمام المرأة.6
وعام 2022، أطلقت الحكومة مؤتمر الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة من أجل صياغة الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية 2023 2030، كما تم التعاون مع هيئة الأمم المتّحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسّكان وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتّحدة مع دائرة تمكين المرأة.7
ما هو الواقع؟
لكن كل تلك الخطوات والبرامج، لم تنجح في وقف الانتهاكات التي تسجل بحق المرأة العراقية، ولا في تعديل التشريعات والقوانين التي تضطهدهن، إذ تنص المادة 41 في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، مثلًا، على حق تأديب الزوج لزوجته،8 كما تساعد المادة 409 من ذات القانون، على استمرار جرائم الشرف وتبيح للرجل قتل زوجته أو أمه أو شقيقته أو إحدى قريباته، دون دليل، حيث تقول المادة: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته او احد محارمه في حالة تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال او قتل أحدهما أو اعتدى عليهما او على احدهما اعتداء افضى الى الموت او الى عاهة مستديمة..9
وهنا أشارت دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى قرارات محكمة التمييز والمحاكم الأخرى، التي تستند على أغلب قراراتها في تكييف أفعال الضرب والاعتداء الواقع على الزوجة وفق المادة 412 من قانون العقوبات، والتي تصل فيها إلى السجن 15 سنة، إلا أنها عند فرض العقوبة لا تلتزم بما ورد في هذه المادة، وقد تنزل بالعقوبة إلى الحبس البسيط لمدة سنة واحدة، فيما تستند محاكم أخرى إلى المادة 413 من القانون، والتي تقضي بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة مع ايقاف التنفيذ، أو حتى شهر واحد فقط، مع وجود التقارير الطبية التي تثبت الاعتداء الواقع على الزوجة، وأحيانًا وفق أحكام المادة 415 من القانون، والتي تعالج جريمة الضرب الخفيف، وتكتفي بإيقاع عقوبة الغرامة فقط.10
وبحسب الخبير القانوني، علي التميمي، فإنه وفقًا للقانون العراقي النافذ إذا تعرضت المرأة للتعنيف من قبل الزوج أو الأب أو الأخ تكون عقوبته من سنة إلى ثلاثة أشهر، وربما يقرر القاضي الحكم عليه لأشهر عديدة، فهذا يعتمد على تفاصيل القضية.11
تعنيف المرأة لا زال مستمرًا
وفقًا لخطة التنمية المستدامة لعام 2015 2030، التي أطلقها جهاز الإحصاء المركزي في وزارة التخطيط، فإن التعنيف الذي يمارس ضد المرأة يكون بأشكال مختلفة، منها الزواج المبكر والاعتداء الجنسي وتشويه الأعضاء التناسلية وأيضًا حرمان المرأة من مزاولة حقوقها الاجتماعية والعنف السياسي والمنزلي.12
عام 2022 صدرت نتائج المسح الوطني الاجتماعي والصحي المتكامل للمرأة العراقية الذي تم تنفيذه بالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء وهيئة إحصاء إقليم كردستان، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان حول الزواج المبكر، وكانت نسبة النساء اللواتي تزوجن قبل بلوغهن سن 18 عامًا في العراق 25.5، بينما في إقليم كردستان 22.6 من نسب الزواج.13
وعام 2023، أجرت منظمة اليونيسيف مسحًا عنقوديًا لمعرفة نسبة الزواج في الإقليم، وكانت النتيجة بالنسبة للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا وتزوجن لأول مرة قبل بلوغهن سن 18 هي 28 سواء في المناطق الحضرية أو الريفية، و7 من هؤلاء النساء كن متزوجات حتى قبل بلوغهن سن 15 عامًا.14
في 21 كانون الثاني يناير الماضي، ذكرت دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، بأن هناك 7 آلاف و362 ضحية عنف أسري، خلال عام 2023، كما أن وزارة الداخلية سجلت 573 حالة عنف خلال أسبوع واحد من مطلع شهر كانون الثاني يناير 2023.15
ووفقًا للمسوحات العنقودية المتعددة التي أجرتها الأمم المتحدة في العراق في العام 2018، فإن حوالي 7.4 من الفتيات يتعرضن للختان كل عام.16