مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

كيف تحوّلت مصر من حلم "مركز الغاز" إلى الارتهان للإمدادات الإسرائيلية؟

كيف تحوّلت مصر من حلم "مركز الغاز" إلى الارتهان للإمدادات الإسرائيلية؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

➖ يوضح #متصدقش، في التقرير التالي، قصة اعتماد مصر على الغاز المستورد من إسرائيل، وانخفاض الإنتاج المحلي، ومحاولة الحكومة سد الفجوة عبر عقد صفقات كبرى: ⬇️⬇️


دحض الإدعاء

📌 يوم الجمعة الماضي، أعلنت وزارة البترول تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، بسبب "توقف إمدادات الغاز القادم من الشرق" في إشارة إلى إ.سـ.رائيل، بسبب "الأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة". 

◾ تعتمد خطة الطوارئ الحكومية على إيقاف إمدادات الغاز لبعض الأنشطة الصناعية، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار.

بيان "البترول" جاء بعد ساعات من إعلان الحكومة الإ.سـ.رائيلية والشركات الأجنبية العاملة في حقول الغاز لديها، وقف الإنتاج في حقلي  ليفياثان وكريش، على خلفية الحرب مع إيران.

◾ البيان الحكومي مُبهم اللغة، والذي لا يُسمي إ.سـ.رائيل ويكتفي بالإشارة إليها بأنها "الشرق"، لا يُخفي حقيقة أن مصر تعتمد على غاز دولة الاحتلال في الاستهلاك المحلي، بعد أن كان هدف استيراده منذ عام 2020 هو تسييله لإعادة تصديره فقط وتحويل مصر لمركز إقليمي لتجارة الغاز، وفق التصريحات الرسمية. 

◾ أفاقت الحكومة المصرية مؤخرًا على واقع انخفاض الإنتاج المحلي، وصعوبة الاعتماد على استقرار إمدادات الغاز الإ.سـ.رائيلي بسبب الحروب التي تشنها دولة الاحتلال، ما دفعها للتعاقد على صفقات ضخمة لاستيراد الغاز من دول أخرى.

➖ يوضح #متصدقش، في التقرير التالي، قصة اعتماد مصر على الغاز المستورد من إسرائيل، وانخفاض الإنتاج المحلي، ومحاولة الحكومة سد الفجوة عبر عقد صفقات كبرى: ⬇️⬇️

⭕ من "الجون" إلى الاستهلاك المحلي

◾ في فبراير 2018، وقعت 3 شركات؛ مصرية وإسرائيلية وأمريكية، عقدًا لتوريد 64 مليار م³ من الغاز من إسرائيل إلى مصر على مدى عشر سنوات، بقيمة تقارب 15 مليار دولار. 

◾ اعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي حينها أن الاتفاق "جون" لمصر، إذ سيمهد الطريق لتحويل البلاد إلى مركز إقليمي للطاقة، بحيث تستورد الغاز من إسرائيل عبر الأنابيب وتسيله في مصانعها ثم تُعيد تصديره.

◾ لاحقًا في 2019، عُدل الاتفاق ليرتفع العقد إلى 85 مليار م³ غاز، لمدة 15 سنة، بقيمة تبلغ نحو 19.5 مليار دولار.

◾ في يناير 2020، بدأت دولة الاحتـ.لال في تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر بعد أن كانت تستورده منها قبلها بعقد واحد من الزمن. 

◾ بحسب بيانات "الرابطة التجارية للغاز الطبيعي في إ.سـ.رائيل"، بلغت صادرات الغاز الإ.سـ.رائيلي إلى مصر 2.2 مليار م³ في عام 2020، وارتفعت إلى 4.2 مليار م³ في عام 2021، ثم 6.3 مليار م³ في عام 2022، وكان معظمه يتجه إلى التصدير.

◾ مع بدء تراجع إنتاج حقول مصر من الغاز الطبيعي عام 2023، اتجهت الحكومة إلى الاعتماد على الغاز الإ.سـ.رائيلي في تلبية احتياجات السوق المحلي.

◾ ارتفعت واردات مصر في 2023 بنسبة 38% إلى 8.7 مليار م³، وفي 2024، رغم تفاقم الحرب على غزة، استمرت واردات الغاز من إسرائيل في الارتفاع لتصل إلى 10.16 مليار م³. وخلال الربع الأول من 2025، بلغت واردات الغاز 2.55 مليار م³، بانخفاض طفيف قدره 3% عن الفترة المماثلة من 2024. 

◾ ولا تتوفر بيانات رسمية، حول القيمة الإجمالية لواردات الغاز من إ.سـ.رائيل، لكن بحسب أحدث تقرير صادر في عام 2024، من الرابطة التجارية للغاز الطبيعي في إ.سـ.رائيل، بلغت قيمة متوسط صادرات إ.سـ.رائيل من الغاز الطبيعي لمصر 3.7 مليار شيكل سنويًا (1.04 مليار دولار) منذ عام 2020 وحتى 2023.

◾ وفي عام 2023، مثلت واردات الغاز الطبيعي 86% من حجم التبادل التجاري بين مصر وإ.سـ.رائيل، بقيمة 2.27 مليار دولار، بحسب بيانات "الرابطة التجارية للغاز الطبيعي". كما دفعت زيادة صادرات الغاز، إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 21% في عام 2024 ليصل إلى 3.2 مليار دولار.

⭕ انخفاض الإنتاج بسبب الرغبة في تسريع الإنتاج

◾ خلال عام 2024، بلغ إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 49.4 مليار متر مكعب، وهو أقل مستوى من الإنتاج منذ عام 2018 (58.6 مليار متر مكعب) الذي حققنا فيه الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بعد اكتشاف حقل ظُهر.

◾ الانخفاض جاء للعام الثالث على التوالي؛ إذ بلغ الإنتاج 57.1 مليار متر مكعب عام 2023، و64.5 مليار متر مكعب عام 2022.

◾ تُرجع الحكومة سبب انخفاض إنتاج الغاز إلى تباطؤ الشركاء الأجانب في عمليات الإنتاج وتطوير الحقول خلال الفترة الماضية لتراكم مستحقاتهم بسبب الأزمة الاقتصادية.

◾ في المقابل، أكدت تقارير صحفية وخبراء أن تراجع الإنتاج في حقل ظهر، وهو حقل الغاز الرئيسي في البلاد، سببه ضغط الحكومة لإسراع وتيرة الإنتاج عما كانت مخططة سلفًا، ما أدى إلى تسرب المياه في الحقل وانخفاض إنتاجه. 

◾ ويوضح أستاذ هندسة النفط، حسام فرحات عبد العزيز، في تصريحات سابقة لـ"بي بي سي"، أن توسع مصر في الاستخدام الجائر لحقل ظُهر لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، ألحق أضرارًا بالغة في مستويات إنتاجه، كما أن تراكم مستحقات الشركات الأجنبية، عَطل تطوير حقل ظُهر، وغيره من حقول الدلتا والبرلس.

◾ عوضت مصر انخفاض الإنتاج المحلي، بزيادة الاعتماد على الغاز المستورد من إ.سـ.رائيل حتى تراوحت نسبته بين 40 - 60% من إجمالي وارداتها من الغاز الطبيعي، وفقًا لوكالة رويترز، وهو ما يغطي 15٪ إلى 20%، من الاحتياجات المحلية.

◾ انخفاض واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر قد يُشكل تهديدًا في الحفاظ على تشغيل محطات الكهرباء بنفس القدرة، حتى مع إمدادات المازوت؛ إذ توضح بيانات مؤسسة "Ember" البحثية الدولية في مجال الطاقة، أن 81.7% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة في مصر عام 2024 كانت من الغاز الطبيعي. 

⭕ استيراد غاز طبيعي أكثر

◾ في مايو الماضي، واجهت مصر انخفاضًا مفاجئًا، من وارداتها اليومية من الغاز الطبيعي الإ.سـ.رائيلي، ووصل إلى 300 مليون قدم مكعب يوميًا، بدلًا من 800 مليون، بسبب أعمال صيانة في حقول الغاز الإ.سـ.رائيلية، قبل أن تعود في بداية يونيو الجاري إلى مستوياتها المعتادة، بحسب مسؤول تحدث إلى موقع "بلومبرج الشرق".

◾ لتنويع مصادر الغاز الطبيعي، ومواجهة الانخفاضات المفاجئة في حجم الواردات، والتي تؤثر إما على النشاط الصناعي، أو تؤدي لتخفيف أحمال الكهرباء، لجأت مصر للاتفاق على أكبر صفقة استيراد شحنات غاز طبيعي في تاريخها بقيمة تقارب 15 مليار دولار، بحسب مصادر تحدث إلى وكالتي الأنباء "رويترز" و"بلومبرج" في 12 يونيو الماضي.

◾ تشمل الصفقة 160 شحنة غاز طبيعي، لتلبية احتياجات الأشهر المتبقية من عام 2025، وعام 2026، و130 شحنة أخرى في عام 2027، وستورد الشحنات شركات عالمية، بينها أرامكو السعودية، وشل البريطانية، وترافيجورا السنغافورية، وبتروشاينا الصينية.

◾ ولا يُعتبر هذه الصفقات بديلة للغاز الإسرائيلي، الذي تلتزم مصر بشرائه حتى 2035، لكنها حلًا لمواجهة استمرار نقص الإنتاج المحلي وعدم استقرار واردات الغاز من "الشرق".