مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
ما يزال الغموض يلف قضية المهندس بشير خالد الذي لقي مصرعه إثر اعتداء طاله بعد اعتقاله في قضية مشاجرة مع مسؤول في قيادة الشرطة الاتحادية، على الرغم من مضي أكثر من 10 أيام وتشكيل لجان تحقيق على مستويات عدة، فيما تتضارب الروايات بشأنها، وتثار الكثير من الاتهامات ضد وزارة الداخلية، التي تصر على تقديم معلومات "غير مقنعة" عن القضية.
وفي آخر التطورات، ظهرت زوجة المتهم الرئيس في القضية، اللواء عباس علي محمد التميمي، وقدمت شهادة عن الحادثة، لكن أبرز تفاصيل الشهادة جاءت متناقضة مع ما ورد في التحقيقات الرسمية، بالتزامن مع كشف تفاصيل جديدة وتوجيه اتهامات إلى وزارة الداخلية بإخفاء الحقائق وتدبير مؤامرة عبر "جيوش إلكترونية".
وفي سياق هذه المتابعة يقارن "صحيح العراق" بين شهادة زوجة اللواء عباس التميمي، وما ورد في نتائج التحقيقات الرسمية، ويكشف ما شابهما من تضارب، كما ينشر تفاصيل معلومات كشفت في الساعات الأخيرة تدحض الرواية الرسمية التي نشرتها وزارة الداخلية عن الحادثة.
رواية زوجة اللواء عباس:[1]
لأول مرة منذ الكشف عن قضية المهندس بشير، تحدث الطرف الآخر وهم عائلة اللواء عباس عن تفاصيل الحادثة، إذ نفت زوجة اللواء عباس علي محمد التميمي، مدير الرواتب في الشرطة الاتحادية، أي علاقة لزوجها أو لعائلتها بالمهندس المغدور، الذي توفي أمس بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الفشل الكلوي.
وفي روايتها، حاولت زوجة اللواء التأكيد على أنّ المهندس بشير لم يكن في حالة طبيعية، كما شددت أنّ زوجها وابنيها لا تربطهم أي علاقة بالشاب، كما نفت بشكل قاطع وقوع مشاجرة عند شقتهم في مجمع الأيادي السكنية أو ممارسة أي نوع من العنف بحق الضحية، وقالت إنّ "أولادها سيطروا عليه (المهندس) حتى وصلت القوات الأمنية التي ألقت القبض عليه"، وإنّ "ما حدث كان تصرفًا دفاعيًا بعد أن شعرنا بالتهديد، وكل الإجراءات التي اتُخذت كانت بالتنسيق مع الجهات الأمنية".
شهادة تناقض التحقيقات
أما اللافت في شهادة زوجة اللواء فكان ما ذكرته عن وقت وقوع الحادثة، إذ أكّدت أنّها جرت قرابة الساعة 3:45 (الرابعة إلا ربع فجرًا)، بعد الانتهاء من وجبة السحور، وما يتناقض مع التوقيت الذي ذكر في سياق نتائج التحقيقات الأولية التي أعلنتها وزارة الداخلية، إذ قال وكيل الوزارة هادي رزيج[2] إنّ المهندس بشير حضر "في الساعة 11 مساء يوم 27 آذار مارس"، وبقي في المكان حتى الساعة "2:45 فجرًا" من يوم 28 آذار مارس، مبينًا أنّ المهندس توجه إلى شقة اللواء عباس في الساعة "الثالثة إلاّ ربع فجرًا".
كما تتناقض مع كشفه النائب حسين عرب[3]، حين أكّدت أنّ المهندس بشير وصل إلى المجمع في حدود "الساعة 10:20 دقيقة" من مساء يوم 27 آذار مارس، ووقعت المشاجرة داخل المجمع في الساعة الثانية فجرًا.
شهادة زوجة تضاربت أيضًا بما يتعلق بطريقة اعتقال المهندس بشير، إذ نفت وقوع شجار واستخدمت تعبير "السيطرة على" المهندس بشير لحين وصول القوات الأمنية، وهو ما لا يتفق مع ما ثبته كاميرات المراقبة من وقوع مشاجرة داخل المجمع السكني قبل إلقاء القبض على المهندس. وعرضت وزارة الداخلية الفيديو خلال مؤتمر إعلان النتائج، فيما أكّد المتحدث باسمها مقداد ميري أنّ "مشاجرة وقعت ثم تدخل سكان المجمع وأفراد من عناصر الأمن، وسلموا بشير إلى دورية النجدة".[4]
معلومات تدحض رواية الداخلية!
النائب حسين عرب كشف أيضًا معلومات جديدة بخصوص الحادثة، مؤكدًا أنّ التفاصيل التي نشرتها وزارة الداخلية عن القضية كاذبة، وهدفها التستر على "الجريمة"، ومن بين هذه المعلومات:
المهندس بشير كان قد قطع تذاكر للسفر إلى دبي مع عدد من أفراد عائلته، وتوجه الى شقة اللواء عباس في مجمع الأيادي قبل ذلك بساعات.
عائلته تقول إنّ لا تعرف طبيعة العلاقة بين المهندس بشير واللواء عباس.
الشاب المغدور في جسمه 25 ضربة وجرح من آثار التعذيب وبأحجام مختلفة وضربة خلف الرأس بآلة غير حادة، مثل مسدس أو غيره.
المغدور نقل إلى مستشفى اليرموك قبل نقله إلى سجن التسفيرات بيومين.
التقرير يقر بحالة المصاب وهذه الضربة لا تؤهله للخروج من المستشفى لكن الشرطة أخرجته من المستشفى.
بالأثناء، أكّد ذو الفقار المكصوصي، نقيب المهندسين العراقيين، أنّ المهندس بشير جزء من النقابة ويزاول عمله في مكتب استشاري ويشرف على الكثير من الأبنية، وبما يناقض ما أشارت إليه وزارة الداخلية من أنّ الضحية كان "يعاني حالة هستيرية".
كما كشف عن وثيقتين رسميتين تنسفان أساس رواية وزارة الداخلية، التي قالت إنّ الاعتداء وقع على المهندس من قبل النزلاء في سجن التسفيرات، وهو ما أدى لاحقًا إلى وفاته:
الوثيقة الأولى؛ تقرير طبي يثبت تعرض المهندس بشير إلى إصابة شديدة في منطقة مؤخرة الرأس خلال احتجازه في مركز شرطة حطين، وينص على: "تعرض المهندس إلى إصابة في منطقة الرأس بعمق غير معلوم وبأبعاد (3*3 سم)"، ويوصي بأنّ المهندس لم يكن في حالة تسمح بمغادرته المستشفى، لكن الضباط المسؤول عن نقله ويدعى "الملازم أنمار"، أخرجه من المستشفى.[5]
الوثيقة الثانية؛ محضر رسمي من قبل سجن التسفيرات يكشف عن رفض ضابط الخفر المسؤول "الرائد سعد" استلام المهندس بشير، إذ كتب: "أعتذر عن استلام الموقوف لسوء حالته الصحية".[6]
وأكّد نقيب المهندسين، أنّ المهندس الراحل تعرض إلى "اعتداء في مركز شرطة حطين قبل نقله إلى التسفيرات، ثم تعرض إلى اعتداء آخر في سجن التسفيرات".
وكانت وزارة الداخلية قدمت أكثر من رواية وموقف حول ملابسات اعتقال المهندس بشير خالد، وأسباب وفاته، لكنها كانت "مستفزة" وتهدف إلى تشويه صورة الضحية، على حد تعبير النائب عرب، الذي قال إنّ البيانات التي تصدر عن المتحدث باسم الوزارة "تستفز الناس أكثر ولا تحترم عقول العراقيين".
عرب تحدث أيضًا عن معلومات تشير إلى أنّ "الجماعة (قادة الداخلية) يلتقون في بيت بمنطقة الزوية، ويجهزون عددًا من المدونين لشن حملة إعلامية ضده"، مطالبًا رئيس الوزراء بـ "منع توجه الوزارات والوزراء بهذا الاتجاه"، فيما شدد أنّ "من المعيب أن يتحولوا إلى تيكتوكرية يمارسون سياسات التمجيد والقائد الضرورة".[7]
بعد ذلك بساعات، أعلن عرب عزمه تقديم استقالته من مجلس النواب يوم غد الخميس 10 نيسان أبريل، دون أنّ يشير إلى تفاصيل أكثر.[8]
وسبق لـ"صحيح العراق" ان أعد توضيحاً حول التضليل الذي مارسته وزارة الداخلية في قضية المهندس ونفي تصريحات صدرت بالفعل من الناطق باسمها.[9]