مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها حسابات إسرائيلية، مقطعًا مصورًا لشخص يقف على حافة نهر دجلة وبيده وحوله نسخ من القرآن الكريم المحترقة، مع اتهامات إلى أنصار التيار الصدري بحرق هذه النسخ إثر حديث زعيم التيار مقتدى الصدر عن "تحريف القرآن".
ويرتبط الاتهام بمقطع من إحدى محاضرات الصدر الدينية في تفسير القرآن، حين تناول زعيم التيار فرضية "التحريف"، والذي انتشر على نحو واسع خلال الساعات القليلة الماضية مع تعليقات عن اعتقاد الصدر "بأن القرآن الكريم محرف وأن النسخة الأصلية سيظهرها المهدي" في آخر الزمان.[*]
الحقائق
المنشورات مضللة، إذ أنّ نسخ القرآن الكريم التي وثقها الفيديو احترقت إثر حادث وقع في مجمع الفلوجي، حيث التهمت النيران مكتبات كانت تضم نسخًا من القرآن الكريم، ثم نقلت إلى ضفاف دجلة تجنبًا لإتلافها بطريقة غير شرعية، كما أنّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لم يقل بتحريف القرآن.
وبعد تداول فيديو النسخ المحترقة من القرآن الكريم وإثارة اتهامات حول التيار الصدري، سارع رئيس خلية الإعلام الأمني سعد معن، إلى إصدار توضيح أشار فيه إلى أنّ "مقاطع الفيديو التي نشرت مشاهد للقرآن الكريم على ضفاف نهر دجلة، مرتبطة بحريق مجمع الفلوجي، الذي التهمت النيران مكتباته، مبينًا أنّ نسخ القرآن التي أصابها الحريق "وضعت على ضفة نهر دجلة تكريمًا لقدسيته، ولا علاقة لهذا الأمر بالتفسيرات المغلوطة التي تم تداولها".[1]
وجاء تداول الفيديو بعد أيام من اتهام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالقول بتحريف القرآن، بالاستناد إلى رأي ورد خلال محاضرة دينية للصدر.[2]
ونجد بالمراجعة أنّ المقطع المتداول مضلل أيضًا، إذ أنّ حديث الصدر ورد في سياق استعراض تفسيرات حول "ترتيب القرآن" و"تحريف القرآن"، ضمن محاضرة امتدت لـ 25 دقيقة، ولم يتبن فيها الصدر الرأي القائل بالتحريف.
وتحدث الصدر خلال محاضرة بعنوان ("مِنَّةُ المُقْتَدِرِ وَفُيُوضَاتُ المُتَصَدِّر" سُورَةُ المُرسَلات - المُحاضَرَةُ "٣")، ونشرها حساب وزير الصدر صالح العراقي قبل أسبوعين ضمن سلسلة محاضرات يلقيها الصدر، ثم انتشر مقطع مجتزأ منها مع اتهامات للصدر بالقول بالتحريف خلال الأيام القليلة الماضية.[3]
ومن خلال الاستماع والتدقيق في النسخة الكاملة من محاضرة الصدر[4]، نجد أنّ الحديث جاء في سياق تفسير آية "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، حيث قدم الصدر عدة تفسيرات حول "ترتيب القرآن" و"تحريف القرآن".
وفي سياق الآراء القائلة بـ "تحريف القرآن" قدم الصدر عدة تفسيرات ومن الجانبين السني والشيعي، وأشار إلى من يرفضها أيضًا استنادًا إلى ما جاء في الآية "وإنا له لحافظون".
وفي ختام المحاضرة، في الدقيقة 21 تحديدًا، قدم الصدر رأيه الخاص، إذ قال: "نستطيع أن نضع حلين وسطين، الأول القول بإمكان تحريف القرآن وإن لم يكن هناك دليل فعلي على ذلك، إلا أنه يمكن أن يحرف بعد 100 سنة أو 1000 سنة، والثاني أنّه بالفعل محرف لكنه تحريف معنوي لا تحريف مادي، أي تحريف تفسيره ومعانيه (..)، أو الانحراف عن تطبيق آياته التي تتضمن الأوامر والنواهي وعدم الالتزام بها (..) أي عدم تطبيقه أو عدم طاعته، والنتيجة أن القرآن ممكن أن يحرف وإن لم يكن محرف حقيقة، وأنه محرف من ناحية تفسيره وعدم طاعته".