مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
منذ الثلاثاء الماضي، عندما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا لإعادة تفعيل سياسة "الضغوط القصوى" ضد إيران، والقلق يتصاعد في العراق مع تحذيرات من صيف لاهب، باعتبار أنّ الإجراءات الأميركية تتضمن إلغاء أو تعديل أي استثناء ممنوح يمنح إيران فائدة اقتصادية، بما في ذلك الاستثناء المؤقت الممنوح للعراق لاستيراد الغاز من إيران، ما يعني فقدان جزء كبير من الطاقة الكهربائية مع حلول الصيف.
في الأثناء تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحًا لوزارة الخارجية الأميركية يتحدث عن إمكانية تجديد الإعفاء، نصه: "ندرس خيار تجديد الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز الإيراني"[*]، وهنا يتحقق "صحيح العراق" من حقيقة هذه المعلومات عبر البحث وتصريح مسؤول في وزارة في لجنة الكهرباء والطاقة النيابية:
الحقائق:
من خلال البحث في المواقع الرسمية لوزارة الخارجية الأميركية لم يتم العثور على أي تصريح بشأن العراق خلال اليومين الماضيين.[2]
كما أنّ هذه المعلومات لا تستند إلى أساس في المصادر الإعلامية الأميركية والصحف الغربية، وتقتصر مصادرها على وكالات محلية وصفحات مدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نقلت منصة "وان نيوز" المحلية عن مصدر وصفته بـ "مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية"، قوله: "ندرس جميع الخيارات حول تجديد الإعفاء الممنوح للعراق لشراء غاز إيران"، دون تقديم أي تفاصيل أكثر حول المصدر.[3]
ما هو توجيه ترامب الجديد؟
وفي 4 شباط فبراير، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا لإعادة تفعيل سياسة "الضغوط القصوى" ضد إيران[4]، مستهدفًا تقليص صادراتها النفطية إلى الصفر. وتضمن الأمر التنفيذي 5 توجيهات لوزارة الخزانة من بينها: "فرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات تنفيذية فورية ضد أي أفراد أو كيانات يثبت انتهاكهم للعقوبات المفروضة على إيران".
كما تضمن: "إطلاق حملة قوية ومتواصلة لضمان تنفيذ العقوبات ومنع وصول النظام الإيراني وميليشياته إلى الموارد المالية"، إضافة إلى "إعادة النظر في أي تراخيص أو توجيهات سابقة تمنح إيران أو ميليشياتها أي تخفيف اقتصادي أو مالي، وإلغاؤها عند الضرورة".
ونصت الأمر كذلك، على "إلغاء أو تعديل الإعفاءات من العقوبات، لا سيما تلك التي تمنح إيران مزايا اقتصادية، مثل الإعفاءات المتعلقة بمشروع ميناء تشابهار"، و"منع إيران من استخدام النظام المالي في العراق ودول الخليج للالتفاف على العقوبات الأميركية".
ورغم أن القرار لم يتضمن نصًا تصريحًا بإلغاء الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، إلا أنّ النص المرتبط بإلغاء الإعفاءات من العقوبات ومنع استخدام النظام المالي العراقي، قرأت باعتبارها إشارة إلى أنّ الإعفاء المؤقت الذي ينتهي بحلول آذار مارس المقبل، لن يجدد، وبالتالي فقدان العراق لنحو 9 آلاف ميغا واط من حجم إنتاج الكهرباء.[5]
العراق يحتاج الإعفاءات إلى 2028
ويوم الخميس الماضي، دعا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إدارة دونالد ترامب إلى مواصلة اعفاء العراق في استيراد الغاز الإيراني. وقال السوداني في مقابلة تلفزيونية[6]، إن "الإدارة (الأميركية) السابقة كانت تعطينا استثناءً من هذه العقوبات"، مردفا بالقول إن "حكومتنا لم تكتفِ بطلب الاستثناء، إنما بادرنا أيضاً إلى استثمار الغاز المصاحب".
وأضاف أن "العراق لديه رؤية واضحة. في سنة 2028 سينتهي استيراد الغاز، وسيكون هناك استقلال للطاقة بشكل واضح"، مؤكدا أنه "بالمحصلة نحتاج إلى استمرار هذا الاستثناء طيلة هذه الفترة". كما أشار السوداني الى أن العراق بدأ "عملية ربط للطاقة مع دول الجوار حتى نغطي احتياجاتنا، وهذا جزء من مفهوم التكامل الذي نسعى إليه مع الأشقاء".
ولم يتلق السوداني أي رد رسمي على هذه الطلب، حتى الآن، بحسب ما علمه "صحيح العراق"، من نائب عن لجنة الكهرباء والطاقة في مجلس النواب، لكن "الأجواء تدعو للتفاؤل"، على حد تعبيره.
ماهو الإعفاء الأميركي
في الثاني من مايو/ أيار عام 2019، قررت الولايات المتحدة الأميركية إنهاء كافة الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول لاستيراد النفط الإيراني، في إطار تشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي، فيما يعد العراق الدولة الوحيدة المستثناة من العقوبات النفطية على إيران، حيث تستمر بغداد في استيراد الغاز الطبيعي والكهرباء من طهران بموجب إعفاء يتجدد بين فترة وأخرى.[7]
وينص الإعفاء على حظر استخدام الأموال إلا في "معاملات غير خاضعة للعقوبات" مثل شراء السلع الإنسانية ومنها المنتجات الغذائية والزراعية.
وتعتمد المحطات الكهربائية العراقية بشكل كبير على الغاز الإيراني، لكن بفعل العقوبات الأميركية على طهران، لا يمكن لبغداد أن تدفع مستحقات استيراد الغاز من إيران مباشرة، بل ينبغي أن تستخدم طهران تلك الأموال لشراء سلع غذائية أو صحية. وهذه الآلية معقدة وغالبًا ما تنتج عنها تأخيرات تسوقها طهران كحجة لقطع الإمدادات التي تغطي ثلث احتياجات العراق، لحض بغداد على دفع مستحقاتها.[8]