مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
من المقرر أنّ تنظر المحكمة الاتحادية العليا، يوم الثلاثاء المقبل (بعد غد)، في الطعون المقدمة بالقوانين الجدلية الثلاثة التي صوت عليها مجلس النواب بسلة واحدة (تعديل قانون الأحوال الشخصية، تعديل قانون العفو العام، وقانون إعادة العقارات)، بعد أنّ أصدرت أمرًا ولائيًا بوقف إجراءات تنفيذ هذه القوانين، لتصطدم برفض من مجلس القضاء الأعلى، الذي اعتبر الأمر الولائي إجراءً بلا مفعول قانوني.
وأثار الأمر أزمة بين مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية، إذ ردت المحكمة بتأكيد أنّ الأوامر الولائية الصادرة عنها "باتة وملزمة لكل السلطات"، مثلها مثل كلّ القرارات، لكن هذا لم يلق أي اكتراث من مجلس القضاء، إذ بدأت المحاكم فعليًا تطبيق بنود تعديل قانون العفو العام حتى قبل نشره في الجريدة الرسمية.
وهنا نتابع في هذا التقرير آخر تطورات الأزمة بين مجلس القضاء الأعلى برئاسة فائق زيدان، والمحكمة الاتحادية برئاسة جاسم العميري، إذ يتواصل الجدل القانوني حول صلاحيات المجلس والمحكمة.
الموعد الثلاثاء
وحددت المحكمة الاتحادية، يوم الثلاثاء 11 شباط فبراير موعدًا للنظر في الطعون المقدمة ضد التصويت على القوانين الثلاثة (العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات)، بحسب بيان رسمي صدر عنها اليوم.[1]
في حال جاء الحكم بنقض قرار البرلمان بتمرير القوانين الثلاثة بسلة واحدة، أو لأي من الأسباب التي وردت في قائمة الطعون، فإنّ ذلك يعني أنّ الأحكام التي ستكون المحاكم أصدرتها بحق المشمولين بقانون العفو العام، محل الجدل الأساسي، باطلة، وقد يعني تبعات أخرى أكبر في حال الإفراج عن المشمولين قبل البت النهائي، كما يؤكّد أستاذ في القانون تحدث إلى "صحيح العراق".
ويرى الأستاذ الجامعي، أنّ مجلس القضاء الأعلى "حشر نفسه في القضية دون أي سند قانوني"، مشيرًا في هذا الصدد إلى المادة الثالثة من قانون المجلس والتي حددت مهامه، ولم تتضمن أي نص يسمح للمجلس باتخاذ قرارات دستورية.[2]
وعلى الرغم من ذلك، باشرت الكثير من المحاكم، خاصة في مناطق الجنوب والفرات الأوسط، بتطبيق قانون العفو العام، حتى قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية.[3]
وهنا يقول الخبير في مجال القانون، إنّ "هذا الاستعجال قد يوقع المحاكم في أزمة قانونية كبيرة في حال قررت المحكمة الاتحادية قبول الطعن في قانون العفو العام، ما يعني أنّ كلّ القرارات أو الإجراءات التي ستتخذها ستكون باطلة لا محالة".
ومع أنّ قرارات المحكمة الاتحادية العليا تعتبر "باتة وملزمة لجميع السلطات وفق الدستور العراقي"، يرى خبراء في القانون أنّ هناك مجال يمكن لمجلس القضاء من خلاله أنّ يفرض رؤيته بشأن الأمر الولائي المتعلق بقانون العفو العام، بغض النظر عن الجنبة السياسية التي تحكم موقف كلّ من الجانبين.
ويقول الخبير القانوني علي التميمي[4]، إنّ "عمل المحكمة الاتحادية مشرع بموجب قانون رقم 30 لعام 2005، وهي مستقلة، وعمل مجلس القضاء بموجب القانون 45 لسنة 2027 وأيضًا هو مستقل، لكن مجلس القضاء يطبق قانون صادر من القناة التشريعية الأولى والمتمثل بمجلس النواب، والمحكمة الاتحادية ليس من صلاحيتها أن تصدر أوامر ولائية في قوانين غير منشورة في جريدة الوقائع العراقية"، مشيرًا إلى أنّ النتيجة ستكون أنّ "لدينا الأمر الولائي تطبقه المحكمة الاتحادية كما تريد، ومجلس القضاء يطبق القانون الذي صدر من مجلس النواب كما وصله وقراره صحيحًا"، فيما يؤكّد أنّ "الحل يكون في تشريع قانون المحكمة الاتحادية الدستوري كونها تعمل بقانون بريمر صادر قبل تشريع الدستور العراقي..".
بدوره، قال فائق الشيخ علي[5]، وهو عضو اللجنة القانونية سابقًا، وشارك بكتابة قانون مجلس القضاء الأعلى، إنّ المحكمة الاتحادية "لها الكلمة الأعلى من حيث الدستور"، لكنه أشار في ذات الوقت أنّ "مجلس القضاء الأعلى بموجب قانونه رقم 45 لعام (2017) له سلطة أيضًا، ويمكن القول إنّ القانون والدستور يُسعف بالفعل رئيس القضاء في توضيحه الأخير الذي طلب فيه المضي بتطبيق قانون العفو"، مبينًا أنّ "رئيس المحكمة الاتحادية في هذه المحاججة القانونية ليس بالموقف الأفضل".
وسجل الشيخ علي اعتراضه على مجمل العملية، إذ قال: "عادةً.. تُعتبر كل القوانين في العالم نافذة من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ليطلع الناس عليها وعلى وقائعها ويفهمها القضاة والمحامون والادعاء العام والمواطنون والخصوم من الطرفين، هذا هو المعتاد، والشاذ هو تضمين عبارة (يُنفذ القانون من تاريخ التصويت عليه).. إنها عبارة غير معتادة، وكأنما جاء الأمر الولائي بما يشبه عقوبة لتضمين هذه العبارة الشاذة. إن معظم العمل يجري بالاستثناءات والشواذ وليس السياق الطبيعي".