مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل تحققت وزيرة الاتصالات إنجازات على مدار سنتين؟

هل تحققت وزيرة الاتصالات إنجازات على مدار سنتين؟
SaheehNewsIraq

الكاتب

SaheehNewsIraq
nan خلال الأسبوع الماضي وضع عشرات النواب تواقيعهم على طلب لاستجواب وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن "مخالفات إدارية وخروقات قانونية"، على حد تعبير رئيس لجنة الاتصالات في مجلس النواب، ما دفع الياسري إلى الظهور في مقابلة تلفزيونية للرد باستعراض "إنجازات" قالت إنّها حققتها على مدار سنتين. انتقدت الياسري غير مرة الحديث عن التقصير في الوزارة من قبل رئيسة لجنة الاتصالات، واعتبرته "رجمًا بالغيب" وتضليلاً للبرلمان والرأي العام، وأكّدت أنّها سترد بـ "الأرقام والأدلة"، لكنها على خلاف ما قالته قدمت بدورها معلومات مضللة، في محاولة لإظهار تقدم على مستوى الخدمات والجوانب المتعلقة بمسؤوليتها. في هذا التوضيح يسلط "صحيح العراق" الضوء على جملة من المعلومات المضللة التي ساقتها وزيرة الاتصالات ضمن الرد على ما جاء في طلب الاستجواب المقدم إلى رئاسة مجلس النواب: تصريح مضلل عن التخصيصات! قالت الوزيرة هيام الياسري، إنّها لم تستلم منذ توليها المنصب "أي تخصيص من الدولة غير الرواتب.. وكل احتياجات الوزارة يتم تمويلها من إيرادات الوزارة..".[1] التصريح مضلل، إذ أنّ بيانات وزارة المالية تشير بشكل واضح إلى أنّ وزارة الاتصالات حصلت على تخصيصات من الموازنة خارج بند رواتب الموظفين خلال العام الماضي. ويظهر من المراجعة التي أجراها "صحيح العراق"، أنّ موازنة وزارة الاتصالات قفزت خلال العام الماضي، أي خلال أول سنة من فترة الوزيرة الياسري، بفارق أضعاف، لتبلغ 113.8 مليار دينار، منها 12 مليار دينار فقط للرواتب.[2] وأنفقت الوزارة الموازنة بالكامل خلال العام الماضي، كما يوضح جدول المصروفات الحقيقية للوزارة ضمن تقرير وزارة المالية الرسمي. فيما بلغت مصروفات وزارة الاتصالات للعام 2022، والذي تسلمت الياسري مسؤوليتها قبل شهرين من نهايته، 13.14 مليار دينار، أي أنّ الوزارة تسلمت خلال السنة الأولى من عهد الوزيرة تخصيصات من الموازنة العامة.[3] تصريح مضلل عن الكيبل الضوئي! قالت وزيرة الاتصالات: "دخلت الكيبل الضوئي لأول مرة إلى العراق.. وحسنت الخدمة". التصريح مضلل، إذ أنّ إدخال خدمة الإنترنت عبر الكيبل الضوئي سبق وصول الياسري إلى منصبها بأشهر. وأعلن عن خدمة المشروع الوطني للإنترنت عبر الكيبل الضوئي، لأول مرة، في نيسان أبريل عام 2022، أي قبل أن يمنح البرلمان الثقة لهذه الحكومة بـ 6 أشهر.[4] تصريح مضلل عن البريد! قالت وزيرة الاتصالات إنّها رفعت ترتيب العراق على مؤشر التنمية البريدية من 109 إلى 97 خلال سنة. التصريح مضلل، إذ أنّ ترتيب العراق على مؤشر التنمية البريدية التي حدده الاتحاد البريدي العالمي (UPU)، ارتفع قبل فترة الياسري أيضًا. ويعرف المؤشر بالرمز "2IPD"، وهو يقيس أداء خدمة البريد بناءً على أربعة معايير رئيسية: الموثوقية (Reliability): يتعلق بجودة وفعالية الخدمة البريدية، ويشمل السرعة والدقة في تسليم البريد. الوصول (Reach): يقيس مدى انتشار الخدمة البريدية على المستوى الدولي. يتم النظر إلى عدد الاتفاقيات الثنائية بين البلدان ومدى توافر الخدمات البريدية على مستوى العالم. الأهمية (Relevance): يتعلق بتنوع الخدمات المقدمة، مثل الشحن الدولي، والخدمات المالية البريدية، والتجارة الإلكترونية. القدرة على الصمود (Resilience): يقيس مدى قدرة النظام البريدي على مواجهة الأزمات والتكيف مع التغيرات، مثل الابتكار والاستدامة البيئية. وراجع "صحيح العراق" تقارير الاتحاد البريدي العالمي للسنوات الماضية، ووجد أنّ ترتيب العراق ارتفع من 109 إلى 97 خلال الفترة من تشرين الأول أكتوبر 2021، إلى تشرين الأول أكتوبر 2022، أي قبل أن تبدأ الوزيرة مهام عملها رسميًا.[5] تصريح مضلل جودة الإنترنت! قالت وزيرة الاتصالات إنّ المواطن العراقي الذي يشترك بخدمة الإنترنت عبر الكيبل الضوئي "يكون سعيد جدًا"، وأكّدت أنّ سرعة الإنترنت عبر هذا الكيبل تصل إلى "100 ميغا بايت". التصريح مضلل أيضًا، إذ أنّ خدمة الإنترنت عبر الكيبل الضوئي ما تزال رديئة، وفق ما يظهره المؤشر العالمي لقياس جودة الإنترنت، وهو مقياس يُستخدم لتقييم أداء الإنترنت في مختلف البلدان بناءً على عدة عوامل مثل السرعة، التوافر، الأسعار، والتأثير الاجتماعي. ونجد بمراجعة بيانات المؤشر أنّ العراق يرزح في المرتبة 118 من بين 161 دولة من حيث خدمات "Fixed Broadband"، أي خدمات الإنترنت عبر خطوط ثابتة، مثل كابلات الألياف الضوئية، الخطوط الأرضية (DSL)، أو الأقمار الصناعية. ويظهر المؤشر أنّ سرعة خدمة الإنترنت عبر كابلات الألياف الضوئية في العراق لا تتجاوز 33.35 ميغا بت في الثانية فقط.[6] حجب المواقع الإباحية.. تصريح مضلل أيضًا! قالت وزيرة الاتصالات، إنّ مشاهدات المواقع الإباحية من العراق انخفضت من 750 مليون مشاهدة خلال شهر واحد، قبل استلامها الوزارة، إلى 99 مليون مشاهدة فقط لأعلى 500 موقع. التصريح مضلل أيضًا، إذ أنّ الياسري قدمت بيانات لا تأخذ بنظر الاعتبار المشاهدات التي تمر عبر تطبيقات كسر الحجب المعروفة بـ "تطبيقات VPN". وتحقق "صحيح العراق" أنّ الإحصائية التي قدمتها الياسري لا تعكس أي نتائج حقيقية للخطوة التي اتخذتها الوزارة بحجب المواقع الإباحية، بالاستناد إلى آراء 3 خبراء تقنيين أكّدوا أنّ الوصول إلى هذه المواقع ما يزال متاحًا وبسهولة. ويمكن تجاوز الحجب الذي فرضته الوزارة عن طريق الشبكة الافتراضية الخاصة "VPN"، إذ يتم تشفير حركة البيانات الخاصة بالمستخدم واخفاء هويته، وتنشئ هذه الشبكة بشكل أساسي قناة اتصال للبيانات بين الجهاز المحلي وخادم آخر في موقع على بعد آلاف الأميال من الموقع الأصلي.[7] وهنا تقول وزيرة الاتصالات "برامج كسر الحجب ليست هي الحل الناجع، وهي ليست مجانية ومو كل واحد يشتريها، وما تطول إذا كانت مجانية". والمعلومات هنا أيضًا مضللة، إذ تشيع برامج كسر الحظر المجانية بشكل واسع في العراق، ومنها على سبيل المثال سايفون (Psiphon)، هو برنامج مجاني يُستخدم بشكل واسع في العراق لتجاوز الرقابة على الإنترنت والوصول إلى المواقع والتطبيقات المحظورة، إذ يعمل عن طريق إنشاء اتصال مشفر عبر شبكة خوادم آمنة، مما يتيح للمستخدمين تغيير عنوان IP الخاص بهم إلى دولة أخرى. قالت الوزيرة أيضًا في سياق حديثها عن "منجز" حجب المواقع الإباحية: "هم بالعالم أخرجوا العراق من القائمة.. وقالوا العراق لم يعد من الأعلى مشاهدة. العراق صار في مؤخرة القائمة". والتصريح هنا أيضًا مضلل، إذ أنّ العراق لم يكن على قائمة أعلى المشاهدات، قبل توليها المنصب، كما لم تعلن أي جهة مختصة أنّ العراق بات خارج القائمة بعد الحجب. ويظهر بالتدقيق، أنّ العراق ليس من بين الدول الـ 20 التي الأولى من حيث مشاهدة المواقع الإباحية الشهيرة[8]. بينما تظهر بيانات شركة "semruh" الأميركية المتخصصة في التسويق وتوفير المنصات والبيانات حول تصنيف المواقع، أنّ عدد المشاهدات للمواقع الاباحية من قبل العراقيين ما تزال مرتفعة حتى بعد الحظر.[9] رحلة حجب المواقع الاباحية وتعود قضية حجب المواقع الإباحية، إلى أيلول سبتمبر 2015، حين صوت البرلمان العراقي، بحضور 190 نائبًا، لصالح قرار يلزم وزارة الإتصالات بحجب المواقع الإباحية الموجودة على شبكة الإنترنت، إلا إن القرار لم يتم تفعيله بشكل تام.[10] وفي عام 2019، جمع عضو اللجنة القانونية النيابية حسين العقابي، تواقيع نيابية لتشريع قانون "حجب المواقع الإباحية"، إلاّ أنّ البرلمان لم يشرع القانون، ولم يناقش أو يصوت عليه.[11] في نهاية عام 2022، وجهت الياسري بحجب المواقع الإباحية في العراق، باستثناء إقليم كردستان.[12] وفي عام 2023، وجهت المحكمة الاتحادية العليا، بإلزام الجهات المعنية، بحجب المواقع الإلكترونية والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر المواد الإباحية والمخلة بالآداب و المسيئة للأديان والمعتقدات والأشخاص في البلاد.[13]