مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل ستحدث الحكومة تغييرًا في رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد؟

هل ستحدث الحكومة تغييرًا في رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد؟
SaheehNewsIraq

الكاتب

SaheehNewsIraq
nan بعد أيام من المناشدات التي أطلقها سكان العاصمة بغداد ومدن عراقية عدة لإيجاد حلّ لرائحة الكبريت الخانقة التي تملأ أجواء مناطقهم، قررت الحكومة أخيرًا تشكيل لجنة تدرس حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة، وتكشف أسبابها وتعمل على معالجتها. قبل ذلك، قال المتحدث باسم وزارة البيئة لؤي المختار في حديث لوكالة الأنباء الرسمية، إنّ تلوث الأجواء برائحة الكبريت "لا يدعو للقلق"، ودعا فقط إلى "تجنب التواجد في الهواء الطلق" أثناء انتشار الرائحة، وإغلاق النوافذ لـ "ضمان جودة الهواء داخل المنازل"، كما دعا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي إلى "أخذ استراحة داخلية"، أو ارتداء الكمامات "عند الاضطرار للخروج كإجراء احترازي".[*] وقلل المتحدث أيضًا من أهمية خرائط أشارت إلى تسجيل نسب تلوث كبيرة جدًا على امتداد مناطق واسعة من العراق، إذ قال إنّ "ما يتم تداوله من خرائط جوية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتمد على الصور الفضائية، قد لا يعكس بدقة مستويات التلوث على الأرض، لأن الصور الفضائية توفر رؤية عامة، لكنها لا تقدم بيانات دقيقة حول تراكيز الملوثات في الهواء عند مستوى الأرض". في هذا التوضيح يشرح "صحيح العراق" مدى خطورة التعرض على فترات طويلة للانبعاثات الكبريتية، والذي قد يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات المرتبطة بالأمراض القلبية والتنفسية، على خلاف ما صدر عن متحدث وزارة البيئة، كما يشير إلى دلائل تكرار انتشار رائحة الكبريت. رائحة الكبريت؟ يعود انتشار رائحة الكبريت بتركيز عالٍ في أجواء العراق إلى أسباب عدة محتملة أبرزها الانبعاثات الناجمة عن المصادر الصناعية وحرق النفايات، كما يلي:[1] المصانع والمصافي: عمليات تكرير النفط وتصنيع المواد الكيميائية تنتج غازات تحتوي على مركبات الكبريت، مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO₂). هذه الغازات قد تتفاعل في الهواء لتكوين مركبات كبريتية أخرى، مما يسبب رائحة الكبريت. المحارق الصناعية: حرق النفايات الصناعية التي تحتوي على مركبات الكبريت قد يطلق الغازات ذات الرائحة الكبريتية. مصدر كبير للتلوث! ويعتبر انتشار رائحة الكبريت بشكل ملحوظ في منطقة معينة، مؤشرًا على وجود مصدر كبير للتلوث مرتبط بالمواد الكيميائية الضارة الناتجة عن الأنشطة البشرية والطبيعية.[2] في بغداد ساهمت مصادر عدة في التلوث الكبير بانبعاثات الكبريت، بحسب ما أقرت وزارة البيئة، إذ قال الوكيل الفني للوزارة جاسم الفلاحي[3]، إنّ الرائحة ناجمة عن "مخلفات محطات توليد الطاقة التي تستخدم الوقود الثقيل، مثل محطة الدورة، ومعامل الأسفلت، ومعامل الطابوق، ومواقع تراكم النفايات والطمر غير الصحي، خاصة معسكر الرشيد، ومواقع النهروان والنباعي والتاجي وما تتعرض له من حرق عشوائي خلال الليل، إضافة إلى كور الصهر". أمراض قاتلة ووفيات أكثر! وعلى خلاف تصريح المتحدث باسم الوزارة، تمثل الانبعاثات الكبريتية، مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO₂)، وكبريتيد الهيدروجين (H₂S)، تهديدًا كبيرًا للصحة العامة، ويمكن أنّ يؤدي التعرض لهذه الغازات إلى العديد من المشاكل الصحية الخطيرة، خاصة عند التركيزات العالية أو على المدى الطويل. وتشمل أخطر المشاكل الصحية الناجمة عن الانبعاثات الكبريتية ما يلي، استنادًا إلى تحذيرات صادرة عن منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها:[4] 1. الأمراض التنفسية: يعتبر ثاني أكسيد الكبريت مهيجًا قويًا للجهاز التنفسي، ويؤدي التعرض لتركيزات مرتفعة منه إلى تضييق الممرات الهوائية، مما يزيد من أعراض الربو ويؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية الحاد أو المزمن، خاصة بالنسبة للأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة. كما يمكن أن يسبب التعرض الحاد لثاني أكسيد الكبريت تضييقًا مفاجئًا للقصبات الهوائية، وهو ما يعرف بتشنج القصبات، ويؤدي إلى ضيق شديد في التنفس. 2. الأمراض القلبية: يزيد التعرض طويل الأمد للانبعاثات الكبريتية من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، نتيجة زيادة الالتهابات المزمنة في الجسم والتي تؤثر على صحة القلب والشرايين. كما تشير بعض الدراسات إلى أنّ التعرض المستمر لثاني أكسيد الكبريت يزيد من ارتفاع ضغط الدم، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. 3. الوفاة المبكرة: بحسب منظمة الصحة العالمية (WHO)، يساهم التعرض المطول لتركيزات مرتفعة من ثاني أكسيد الكبريت في زيادة معدلات الوفيات المرتبطة بالأمراض القلبية والتنفسية، ويعتبر الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة هم الأكثر عرضة لخطر الوفاة المبكرة. 4. تهيج العينين والجلد: يمكن أيضًا أنّ يسبب التعرض لثاني أكسيد الكبريت تهيج العينين، مما يؤدي إلى الحرقان والاحمرار، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة حساسية العين للضوء وتدهور الرؤية بشكل مؤقت. فيما يسبب التعرض لكبريتيد الهيدروجين تهيج الجلد، خاصة إذا كان الشخص قريبًا من المصدر الملوث. 5. تسمم كبريتيد الهيدروجين (H₂S): يعتبر كبريتيد الهيدروجين، حتى عند التركيزات المنخفضة، خطيرًا للغاية، ويمكن أنّ يكون التعرض لتركيزات عالية قاتلًا، إذ تبدأ الأعراض بالغثيان والصداع، وقد تتفاقم إلى فقدان الوعي والموت. 6. التأثيرات على الأطفال والأجنة: يعتبر الأطفال من الفئات الأكثر عرضة للتأثر بالانبعاثات الكبريتية، ويمكن أن تؤدي هذه الانبعاثات إلى تدهور وظائف الرئة لدى الأطفال وزيادة التهابات الجهاز التنفسي. أما بالنسية النساء الحوامل اللاتي يتعرضن لانبعاثات الكبريتية بشكل منتظم، فقد يواجهن مخاطر متزايدة لحدوث مضاعفات أثناء الحمل، مثل الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المواليد. التلوث هائل! وسبق لمركز أبحاث الطاقة والهواء النقي "CREA"، ومنظمة "غرينبيس" الهندية، أن أصدرا تقريرًا عام 2020، أكدا فيه مخاطر انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت، إذ تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أسوأ المناطق تلوثًا بهذا الغاز والذي يسبب السكتة الدماغية، وأمراض القلب، والربو، وسرطان الرئة، إضافةً للوفاة المبكرة.[5] فيما أكد موقع "IQ air"، المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية، أنّ مستويات التلوث في بغداد تجاوزت مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، والتي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها. وارتفعت مؤشرات التلوث في الأيام الماضية إلى أكثر من 200 درجة، في الوقت الذي يجب أن يتراوح المؤشر الطبيعي بين 0 - 50 درجة.[6] وبلغ مستوى التلوث اليوم الأحد 13 تشرين الأول أكتوبر، 164 درجة، وهي نسبة مرتفعة أيضًا توجب على السكان تجنب ممارسة الرياضة في الهواء الطلق واغلاق النوافذ لتجنب الهواء الخارجي الملوث، وكذلك ارتداء قناعًا في الهواء الطلق وتشغيل جهاز تنقية الهواء.[7] بدوره، يشير موقع مؤشر الهواء "Air quality index" الأميركي، إلى أنّ مستوى التلوث في سماء بغداد اليوم، وصل إلى 170 درجة، وهو ما يعتبر ملوث وخطر على الصحة، مرجحًا ارتفاع نسبة التلوث خلال الأيام المقبلة.[8] وبحسب مرصد العراق الاخضر، فإنّ الرائحة الكريهة التي تملأ سماء بغداد بشكل متكرر، ناجمة عن استخدام نفط عالي الكبريت في محطات توليد الكهرباء ومعامل الطابوق.[9] وزير البيئة: خرائط التلوث ليست دقيقة وعلى الرغم من ذلك، يقول وزير البيئة نزار ئاميدي في بيان رسمي[10]، إنّ "ما يتم تداوله من صور وخرائط جوية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتمد على نشر صور فضائية، قد لا تعكس بدقة مستويات التلوث على الأرض، إذ أن الصور الفضائية توفر رؤية عامة والانتشار على مساحات واسعة لكنها لا تقدم بيانات دقيقة عن تراكيز الملوثات في الهواء على مستوى سطح الأرض والقريب من المواطنين". في الوقت ذاته، أكّد ئاميدي "وزارة البيئة سبق لها أن اتخذت، من خلال فرقها الرقابية المنتشرة في بغداد، إجراءات عقابية متعددة على كافة الأنشطة الملوثة، ووجهت كل الجهات ذات العلاقة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لخفض الانبعاثات وإيقاف مصادرها"، كما أكّد "وزارة البيئة مستنفرة بكل كوادرها لمعرفة أسباب تفاقم رائحة الكبريت في الوقت الحالي". وجاء بيان الوزير إثر توجيه صدر من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، نص على تشكيل لجنة متخصصة من وزارات البيئة والكهرباء والنفط، مع أمانة بغداد، من أجل دراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها.[10]