مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
بينما كانت الصواريخ الإيرانية تنهمر على أهداف للاحتلال الإسرائيلي على امتداد الأراضي المحتلة، قطع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني نشاطات على جدول أعماله في القصر الحكومي بعد جلسة الحكومة الاعتيادية، وتوجه سريعًا إلى مقر قيادة العمليات المشتركة، إذ تتوقع القيادة العسكرية العراقية أنّ تتعرض عشرات الأهداف داخل العراق إلى ضربات انتقامية إسرائيلية.[1]
في هذا التقرير يكشف "صحيح العراق" عن جانب من كواليس التحضيرات العسكرية والأمنية العراقية تحسبًا لقصف إسرائيلي متوقع، ويرصد الحركة في الأجواء العراقية، بالتزامن مع القصف الإيراني.
إيران تنتقم أخيرًا
بشكل مباغت هذه المرة، قصفت إيران الكيان الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، وسقط عدد غير قليل منها بشكل مباشر على تل أبيب ومناطق واسعة من الأراضي المحتلة[2]، انتقامًا لاغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله، فيما قالت إنّها سترد بشكل "مدمر" في حال قررت إسرائيل الرد.[3]
تنسيقية المقاومة على الخط
بالتزامن، أصدرت ما تعرف باسم "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، بيانًا اطلع عليه "صحيح العراق"، توعد القواعد والمصالح الأميركية في العراق في حال "تدخل الأميركان في أي عمل عدائي ضد الجمهورية الإسلامية (إيران)، أو في حال استخدم العدو الصهيوني للأجواء العراقية لتنفيذ أي عمليات قصف لأراضيها". والتنسيقية هي الجهة القيادية المسؤولة عن نشاطات الفصائل المسلحة المنخرطة في هجمات المساندة لغزة بعد السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023.
"لم نهاجم عين الأسد!"
بعد دقائق قليلة، صدر بيان آخر باسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، ينفي تنفيذ الحركة التي تضم أبرز الفصائل الموالية للمرشد الإيراني الأعلى، هجومًا على قاعدة عين الأسد، حيث تنتشر معظم القوات الأميركية في العراق. وقالت الحركة إنّ "عملية استهداف قاعدة عين الأسد التي أعلن عنها الأميركان، هي عمل مشبوه قد يكون لجماعة مرتبطة بالأميركان أنفسهم".[4]
أجواء مغلقة.. ولا طائرات فوق الهلال الخصيب
في الأثناء رصد "صحيح العراق" انحسار كبير لحركة الطائرات في أجواء المنطقة، بما فيها العراق والأردن وسوريا ولبنان، وصولاً إلى أجواء الأراضي المحتلة.[5]
بدوره، أعلن وزير النقل رزاق محيبس إغلاق الأجواء العراقية بشكل كامل، وإيقاف حركة الطيران بشكل تام في جميع المطارات العراقية بشكل مؤقت. وقال
إنّ "الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية باشرت إخلاء الأجواء العراقية من الطائرات القادمة والمغادرة والعابرة بشكل تدريجي؛ من أجل المحافظة على سلامة المسافرين الوافدين إلى مطارات العراق و كذلك الطائرات التي تعبر أجواءنا".[6]
القيادة العسكرية تحذر الفصائل..
وبالعودة إلى أجواء القيادة العسكرية العراقية في مقر العمليات المشتركة حيث ظهر السوداني يراقب تطورات الأحداث إلى جانب عدد من كبار القيادات والضباط، فإنّ شعورًا كبيرًا يسود بأنّ الانتقام الذي تحضر له قوات الاحتلال الإسرائيلي، سيشمل العراق في وقت أقرب مما كان متوقعًا خلال اليومين الماضيين.
وعلم "صحيح العراق" من قائد ميداني لفصيل مسلح، أنّ تحذيرًا صريحًا ورد إلى قيادات الفصائل بشكل عام، يتحدث عن بنك الأهداف التي يتوقع أنّ يقصفها الاحتلال الإسرائيلي داخل العراق، من بينها مواقع وأهداف لهذه الفصائل، فضلاً عن منشآت حيوية أخرى.
40 هدفًا داخل العراق!
ويقول القائد الذي نتحفظ على كشف هويته، إنّ التحذير ورد من مسؤول رفيع جدًا ضمن القيادة العسكرية للقوات المسلحة العراقية، ولكنه صدر بشكل شفوي، لتجنب الإرباك الذي قد ينجم عن تسرب برقية التحذير في حال صدرت بشكل رسمي.
وحددت القيادة العسكرية العراقية 40 هدفًا، من المتوقع أن تستهدفها طائرات قوات الاحتلال الإسرائيلي، والكلام للقيادي، تتضمن بعض الشخصيات المرتبطة بالعمليات الهجومية التي تشنها الفصائل نحو الأراضي المحتلة.
ماذا عن الموانئ العراقية؟
ولا تقتصر الأهداف المتوقعة على مواقع الفصائل أو شخصياتها، إذ سبق أنّ صدرت تحذيرات برلمانية من ضربة إسرائيلية قد تستهدف الموانئ العراقية. ودعا النائب ياسر الحسيني رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى التحرك الفوري لنقل "أكثر من 4 آلاف طن من المواد شديدة الانفجار من الموانئ العراق"، مشددًا أنّ وجودها يمكن أن يؤدي إلى "نسف الموانئ وتهديد حياة أكثر من مليوني إنسان"، في حال تعرض العراق إلى ضربة شبيهة بضربة ميناء الحديدة في اليمن.[7]
بالمقابل، نفت قيادة العمليات المشتركة هذه المعلومات، لكنها كشفت في الوقت ذاته عن تعليمات صدرت من السوداني إلى الوزارات والدوائر المعنية التي تتعامل مع المواد الكيمائية، أو الزراعية، والمنشآت النفطية، وكذلك الصحية، والاعتدة والمتفجرات، بما فيه ذلك جميع الجهات الأمنية والتصنيع الحربي، بأن تتخذ كل الإجراءات الفورية ذات العلاقة بشروط وسلامة الخزن والبعثرة، وتأمين الحماية والوقاية، وتشكيل لجان فرعية لهذا الغرض، الأمر الذي يشير بوضوح إلى المخاوف السائدة من القصف الإسرائيلي المحتمل.[8]
بدوره أصطحب مدير الموانئ العراقية فرحان الفرطوسي الصحفيين إلى ميناء أم قصر، لنفي ادعاءات النائب، مؤكدًا أن المواد شديدة الانفجار يتم نقلها فور وصولها إلى الجهات المستوردة، ولا يتم خزنها في الموانئ[9]، لكن النائب ياسر الحسيني عاد لتأكيد معلوماته، ونشر وثائق وصورًا لحاويات في الميناء تضم أكياسًا بيضاء كبيرة، قال إنها مواد شديدة الانفجار مخزونة في الميناء منذ 4 سنوات.[10]
الفصائل: النفط مقابل السلام
أما الفصائل فقد هددت على لسان القيادي في كتائب سيد الشهداء عباس الزيدي الولايات المتحدة وإسرائيل بتدمير كل موانئ المنطقة في حال تعرضت الموانئ العراقية إلى هجمات. وقال الزيدي: "لن تجرؤ الولايات المتحدة أو نتنياهو على قصف الموانئ العراقية لأنهم يعلمون أن ذلك سيسبب أزمة نفط عالمية، إذ أن محور المقاومة سيرد، إذا لم يكن سيصعد أصلًا، باتجاه الطاقة، وسنستخدم ورقة الطاقة مقابل السلام"، مضيفًا: "نحن نتحكم بقواعد الاشتباك، وستحترق كل موانئ المنطقة التي تتعامل مع أميركا والكيان الصهيوني، وهي مرصودة، وكل منشآت النفط، واليوم محور المقاومة وحزب الله استهدف حقلاً للغاز".[11]
ضربات "المقاومة" بعد اغتيال نصر الله
وكثفت فصائل العراقية من ضرباتها بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، إذ تشير البيانات الرسمية التي أعلنها إعلام هذه الفصائل إلى تنفيذ 11 هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة تجاه أهداف قال إنها إسرائيلية، بمعدل أكثر من هجومين خلال اليوم الواحد، حتى تاريخ يوم أمس الثلاثاء 30 أيلول سبتمبر، إلا أن معظم تلك الهجمات.ولا تذكر هذه البيانات الأهداف التي تقصفها الفصائل على وجه التحديد، لكنها تصفها بـ "الحيوية"، وهي غالبًا تقع في حيفا وإيلات وتل أبيب والجولان.
وتوزعت الهجمات بعد اغتيال نصر الله كما يلي:[12]
هجوم واحد جنوب الأراضي المحتلة - طيران مسير
هجومان شمال الأراضي المحتلة - طيران مسير
استهداف الجولان - طيران مسير
استهداف تل أبيب - طيران مسير
ثلاث هجمات على أم الرشاش "إيلات" - طيران مسير
هجومين على هدفين منفصلين في الأراضي المحتلة - سرب من الطيران المسير
استهداف 4 أهداف بالصواريخ والطيران المسير في مناطق حيفا والميناء هناك، إضافة إلى هدف آخر وسط الأراضي المحتلة، وهدف ثالث لم يكشف موقعه.
هجوم مطار بغداد
وبلغ التوتر في بغداد ذروته، حين سقطت صواريخ من نوع كاتيوشا على مواقع ضمن مطار بغداد، بعد هجوم استهدف قاعدة "فكتوري" العسكرية في المطار والتي تستضيف قوات أميركية، وهي عملية لم تتبناها حركة "المقاومة في العراق".[13]
وعقب الهجوم، أعلنت وزارة الداخلية إجراء تحقيق بحق القوة الماسكة للمنطقة في منطقة العامرية ببغداد والتي حصل من قاطع مسؤوليتها إطلاق الصواريخ، وإيداع آمر القوة التوقيف لـ "معرفة أسباب وملابسات هذا التهاون".[14]
حراك السوداني لم يفض إلى شيء!
على المستوى السياسي، أجرى السوداني حراكًا محمومًا على المستوى الداخلي والخارجي، عقب اغتيال نصر الله، في محاولة لتجنب انزلاق العراق إلى الحرب التي باتت أقرب من أي وقت مضى بعد القصف الإيراني العنيف.[15]
ويقول الناطق باسم الحكومة باسم العوادي[16]، إن ما لمسه رئيس الوزراء في نيويورك، في الأيام الخمسة واللقاءات الثلاثين التي أجراها، هو عدم وجود مسار للتهدئة والأوضاع ماضية نحو التصعيد في المنطقة، مشيرًا إلى أنّ موقف العراق محدد بثلاثة مسارات حتى الآن.
وتتفهم الحكومة مواقف الفصائل المسلحة التي انخرطت في الهجمات المساندة لجبهة غزة ولبنان، كما يوضح المتحدث باسم الحكومة، لكنه أكّد أيضًا أنّ "الحكومة تسعى حالياً لاحتواء كل ردود الفعل في إطار موقف الدولة"، مبينًا أنّ "العراق كان سينخرط بهذه الحرب، لكن جهود رئيس الوزراء خلقت توازنات سياسية ساهمت بخفض التوتر، فالأطراف الفاعلة كانت متفهمة لموقف الحكومة العراقية، ولم تتحرك إلا في 40% - 50% من سقوف تحركها المتوقع، وهذا ما نعمل على استمراره".