مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
🟥 في 13 شباط فبراير 2023، قال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إنّ "ملف الاستثمار هو جزء من برنامج وأولويات الحكومة وخطط الدولة التنموية"[1]، لكن الحكومة لم تنجح في تطبيق موازنتها الاستثمارية للعام الماضي، كما هو الحال بالنسبة للحكومات الثلاث التي سبقتها.
🚨 في هذا التقرير يشرح "صحيح العراق" مدى التفاوت بين خطط الاستثمار والتطبيق الحكومي منذ عام 2017، بعد التفرغ من معارك التحرير، والأسباب ومخاطر الإخفاق الاستثماري.
🟥 السوداني لم ينجح
◾️ تظهر بيانات وزارة المالية عن حجم الاستثمارات الحكومية لعام 2023 التي راجعها "صحيح العراق"، أنّ الحكومة لم تنفق سوى 25.6% من حجم الموازنة الاستثمارية المقررة ضمن قانون الموازنة العامة لحين شهر نوفمبر الماضي.[2]
◾️ بلغت الموازنة الاستثمارية المقررة للعام 2023، 48.2 تريليون دينار، منها 38.2 تريليون دينار من الخزينة بما فيها البرنامج الحكومي، أي الأموال التي تخصصها الدولة، مقابل نحو 10 تريليونات دينار للاستثمار عبر القروض الأجنبية، و18 مليار دينار فقط عن طريق المصرف العراقي للتجارة.[3]
◾️ تشير بيانات وزارة المالية، إلى أنّ الحكومة أنفقت 12.33 تريليون دينار فقط من هذه المبالغ للاستثمار حتى تشرين الثاني نوفمبر الماضي.
◾️ تصدر قطاع المباني استثمارات الحكومة بـ6.41 تريليون دينار، ثم قطاع النقل والاتصالات بـ2.8 تريليون دينار.
◾️ وعلى الرغم من تعهد السوداني بتنمية القطاعين الصناعي والزراعي في إطار توجه حكومته للإصلاح الاقتصادي، والحد من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، إلّا أن الحكومة لم تستثمر سوى 1.32 تريليون دينار في القطاع الصناعي، وتذيل القطاع الزراعي قائمة الاستثمارات بـ460.6 مليار دينار فقط.[4]
◾️ أما في قطاع التعليم، فقد استثمرت الحكومة 1.31 تريليون دينار، كما تشير بيانات وزارة المالية حتى نوفمبر 2023.
◾️ توزعت استثمارات الحكومة على 5 أنواع، تصدرها المنهج الاستثماري بـ6.5 تريليونات دينار، واستثمارات "تنمية الأقاليم" بـ 4.53 تريليون دينار، مع 1.14 تريليون دينار من خلال برنامج "البترودولار".
◾️ كما استثمرت الحكومة 77.46 مليار دينار من خلال "استراتيجية التخفيف من الفقر"، و5 مليارات دينار فقط لـ"إنعاش الأهوار".
🟥 بيانات الإنفاق الاستثماري "2017 - 2022"
◾️ تبيّن مراجعة قوائم الإنفاق الحكومي للسنوات الست التي سبقت الموازنة الثلاثية، أنّ الحكومات الثلاث التي سبقت حكومة السوداني، أخفقت أيضًا في تطبيق موازنتها الاستثمارية، وبنسب متفاوتة، مع الأخذ بنظر الاعتبار اعتماد حكومة مصطفى الكاظمي على موازنة طوارئ عام 2022، وعدم إقرار موازنة عامة في 2020.
◾️ بلغت الموازنة الاستثمارية في ظل حكومة حيدر العبادي عام 2017 25.4 تريليون دينار[5]، أنفقت الحكومة منها 14.7 تريليون دينار[5*]، فيما أنفقت 12.3 تريليون دينار [5**] من موازنتها للعام التالي من أصل 24.6 تريليون دينار.[5***]
◾️ انخفض الإنفاق الاستثماري بشكل ملحوظ في 2019 بعد وصول عادل عبد المهدي، حيث بلغ 9.9 تريليون دينار [6] فقط من حجم الموازنة المرصودة بقيمة 33 تريليون دينار.[6*]
◾️ في 2020، فشلت الحكومة في إقرار موازنة عامة، ولم يتجاوز الإنفاق الاستثماري 3.2 تريليون دينار [7]، ثم ارتفع حجم الاستثمار في العام التالي إلى 10.9 تريليون دينار[7*]، من أصل 28.5 تريليون دينار رصدتها الموازنة لذلك العام.
◾️ واستمر الارتفاع في عام 2022، إذ بلغ الإنفاق الاستثماري 12 تريليون دينار [8] ، على الرغم من عدم إقرار قانون للموازنة المالية العامة.
❓ لماذا لم تنجح الحكومة في تطبيق الموازنة الاستثمارية؟
◾️ تبرز أسباب عدة وراء إخفاق حكومة السوداني، في تطبيق الموازنة الاستثمارية للعام الماضي، ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي لـ"صحيح العراق"، إنّ أحدها هو المناكفات السياسية التي انشغلت بها الحكومة، وتركيزها على ملف الانتخابات المحلية.
◾️ يشير الشيخلي في حديثه لـ"صحيح العراق"، إلى أنّ الأزمة السياسية أدت إلى تعطيل معظم المشاريع الاستثمارية التي تضمنتها الخطة الحكومية، واقتصار الإنفاق على الموازنة التشغيلية، أي أموال الرواتب والنفقات اليومية العامة للوزارات والمؤسسات.
◾️ تأخر إقرار الموازنة وتعليمات تنفيذها، يبرز كسبب آخر حال دون تطبيق الخطة الاستثمارية للحكومة، كما يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ"صحيح العراق، مبينًا أنّ هذا التأخير تسبب في "تأخر إقرار الخطط السنوية للوزارات والمحافظات، باعتبارها مرتبطة أساسًا بالموازنة وحجم التخصيصات".
◾️ وأقر البرلمان قانون الموازنة في 12 يونيو 2023، ولم تطبق بنودها إلّا بعد إقرار تعليمات تسهيل تنفيذ قانون الموازنة في 8 أغسطس الماضي، أي قبل 5 أشهر فقط من نهاية السنة المالية.[9]
◾️ إلى جانب ذلك، تعد القوانين وبيئة العمل في العراق من العقبات الأساسية بما يتعلق بالاستثمار. وتقر الحكومة ذاتها بمشاكل تتعلق بهذه القوانين، مؤكدة ضرورة إعادة النظر فيها لتتلاءم مع أهداف التنمية.[10]
❓ ماذا يعني الإخفاق الحكومي الاستثماري؟
◾️ بالعودة إلى بيانات وزارة المالية، تراكمت نحو 75% من الموازنة الاستثمارية في خزائن الحكومة، كان من المقرر أن تتحول إلى مشاريع ذات مردود اجتماعي مثل المدارس ومشاريع الإسكان، فضلاً عن خطة التخفيف من الفقر ومشاريع البيئة وقطاع التكنولوجيا، ورفع الإنتاج في القطاع الزراعي والصناعي.
◾️ ووفقًا لوزارة التخطيط، فإنّ التركيز الحكومي الاستثماري خلال العام الماضي، كان من المفترض أن ينصب على "البنية التحتية الأساسية العملاقة للإسكان والطاقة"، فضلاً عن 50 مستشفى، و3 آلاف مدرسة.[11]
◾️ يحتاج العراق، وفق آخر البيانات الحكومية، إلى 8 آلاف مدرسة جديد، وإعادة تأهيل 5% من المدارس الموجودة بالفعل بشكل سنوي، في حين يكشف تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف"، أنّ الميزانية الوطنية خصصت في السنوات القليلة الماضية أقل من 6% للقطاع التعليمي، ممّا يضع العراق في أسفل الترتيب لدول الشرق الأوسط.[12]
◾️ تؤكّد تقارير الأمم المتحدة [13] أيضًا استمرار زيادة معدلات الفقر في العراق، وتشير إلى إنّ "ما يقرب من خُمس العراقيين ما يزالون يعيشون تحت خط الفقر".
◾️ على مستوى القطاع الصحي، أعادت الحكومة تأهيل "أكثر من 50 مشروعًا، وإضافة 1700 سرير للمؤسسات الصحية"، لكن على الرغم من ذلك تبرز حاجة ملحة إلى مزيد من مؤسسات الرعاية الصحية والمستشفيات، كما تؤكّد وزارة الصحة.[14]
◾️ وهنا يشير الشيخلي إلى ضرورة استثمار الوفرة مالية خلال هذا العام بـ "وجود نحو 1300 مشروع استثماري ضمن أجندة الحكومة"، ويعتقد أنّ من الضروري رفع التخصيصات الاستثمارية في إطار التعديلات المطروحة ضمن قانون الموازنة.
◾️ ويقول الخبير في مجال الاقتصاد لـ "صحيح العراق"، إنّ الحكومات المحلية الجديدة يمكن أن تساهم بشكل فاعل في هذه المهمة "عبر مشاريع استراتيجية وتنشيط الخدمات" في المحافظات، في حال نجحت الحكومة الاتحادية في تمويلها ومراقبة أدائها بشكل يمنع هدر الأموال، ويضمن تنفيذ هذه المشاريع وفق الجداول الزمنية المحددة.
◾️ وخلال العام الماضي، قدرت وزارة التخطيط الاستثمارات المطلوبة ضمن خطة التنمية الوطنية (2024 - 2028) بـ 182 تريليون دينار، أي بفارق 169 تريليون دينار عن مستوى التنفيذ للعام الماضي.[15]
◾️ وتوقعت الوزارة في خطتها للتنمية أنّ يُسهم القطاع العام في حجم الاستثمارات المطلوبة بحدود 141.8 ترليون دينار، بنسبة 78%، مقابل 40.2 تريليون دينار للقطاع الخاص بـ 22%.