مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
لليوم الرابع على التوالي يواصل العشرات من المحتجين قطع الطريق الرابط بين مدينتي كركوك وأربيل، وبالتحديد أمام مقر بناية المقر المتقدم للعمليات المشتركة، قبل أن يتطور الأمر إلى نصب خيم أمام البناية، معلنين اعتصامهم، احتجاجًا على عزم الجيش إخلاء المقر وتسليمه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) كجزء من الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة.[1]
وبحسب المتحدث باسم تحالف العروبة، عزام الحمداني، فإن جماهير التحالف ترفض تسليم المقر للديمقراطي الكردستاني بسبب "ارتباطه بذاكرة سيئة لدى العرب في كركوك، بالإضافة إلى عائدية الأرض إلى وزارة النفط، وهي محرمات".
ويقول الحمداني لـ"صحيح العراق": "نقف مع المكون التركماني بالضد من تسليم المقر للديمقراطي الكردستاني، لأنه سيتحول إلى ثكنة عسكرية وتعاد الجرائم، التي شهدها المقر، خصوصًا وأن من يشغله اليوم هو الجيش وهو أسمى من كل الأحزاب".
وأضاف: "لا نقف بالضد من ممارسة أي حزب لنشاطه السياسي، إلا أننا لا نقبل بتحويل المقرات العسكرية إلى حزبية"، مبينًا "لدينا أكثر من 5 آلاف مغيب، لم يتم الكشف عن مصيرهم حتى الآن من قبل الأسايش والبيشمركة".
إلى جانب عرب كركوك، يحتج التركمان في المحافظة على إعادة المقر للحزب الكردي، ويقول المتحدث باسم الجبهة التركمانية محمد سمعان، أن "الجماهير العربية والتركمانية تواصل اعتصامها لليوم الرابع على التوالي أمام المقر المتقدم للعمليات المشتركة في محافظة كركوك، وتقدر الأعداد بنحو 300 محتج والأعداد في تزايد".
ويضم سمعان، صوته لصوت الحمداني، في أسباب رفض التركمان لتسليم المقر إلى "الديمقراطي الكردستاني"، بقوله: "المقر أصبح بعد عمليات فرض القانون عام 2017، رمزًا لسيادة الدولة، ونرفض تسليمه لأي حزب، بالإضافة إلى عائدية الأرض لوزارة النفط".
وأضاف سمعان لـ"صحيح العراق": "عثرنا في المقر على جثث لمواطنين عرب مغيبين، ونحن لا نريد العودة للمربع الأول"، قائلًا إن "المكون العربي والتركماني عانيا كثيرًا من الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأشار إلى أن "الاعتراض ليس على عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني لممارسة نشاطه السياسي في مقراته، بل للمقر المذكور"، مشيرًا إلى أن "جميع مقرات الأحزاب في كركوك بنايات متواضعة، إلا أن المقر المذكور تقدر مساحته ما بين 2 إلى 4 دونم، وهو أكبر المقرات".
نائبة تصدم الرأي العام بصور أرشيفية لجثث داخل المقر
عضو مجلس النواب ساهرة عبدالله الجبوري، نشرت عبر صفحتها في "فيسبوك" صورا "مرعبة وصادمة" لجثث داخل قنوات للصرف الصحي، قالت إنها لمواطنين من المكون العربي، عذبوا وقتلوا على يد أفراد الحزب الديمقراطي الكردستاني إبان سيطرته على هذا الموقع. [2]
موقف "العصائب" من الأزمة
أصدر زعيم حركة عصائب أهل الحق، قــ.ـيـ.ـس الخــ.ــزعـ.ـلي، أمس الأربعاء، تغريدة على حسابه بمنصة X، دعا فيها لعدم تسليم المقر إلى الديمقراطي الكردستاني. [3]
وسبق للخزعلي، أن حذر في 16 تشرين الأول أكتوبر 2019، من تسليم المقر المتقدم في محافظة كركوك إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما دعا رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي حينها إلى مراجعة القرار.[4]
من جهتها، كثفت القناة التابعة للحركة من خطابها خلال الأيام الماضية، ونشرت وثائق تحمل توقيع المحافظ راكان الجبوري، تؤكد أن المساحة التي يشغلها المقر تبلغ 8 دونم وهي تابعة لعقارات الدولة، وذلك في معرض الرد على الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن عائديته.[5]
الحزب الديمقراطي الكردستاني يرد؟
ويتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني فصائل مسلحة بالوقوف خلف المتظاهرين المعتصمين أمام المقر المتقدم لعمليات كركوك، بالتنسيق مع عمليات كركوك.
ويقول مسؤول الحزب فرع كركوك، محمد كمال، إن "أوامر وتأكيدات رسمية صدرت من رئاسة الوزراء والسلطات الأمنية لإخلاء 33 مقرا للحزب الديمقراطي في عموم كركوك من التشكيلات الأمنية والفصائل المسلحة، لافتًا إلى أن كتب وأوامر الاخلاء صادرة منذ فترات طويلة، إلا أن "جهات معادية تحاول حماية مصالحها القومية على حساب استحقاقنا السياسي والسكاني والدستوري".
وهاجم كمال من أسماهم بـ"الأيادي الشوفينية والمتعصبين"، بـ"عرقلة عودة الحزب الديمقراطي إلى مقاره السياسية ومزاولة نشاطاته"، مستغرباً من "استغلال ملف مقار الحزب الديمقراطي من قبل شخصيات معدودة من المكون العربي والتركماني للتغطية على مشاكلهم وصراعاتهم العميقة"، على حد قوله.[6]
ولم يصدر عن الحكومة الاتحادية في بغداد أي تعليق رسمي حول الموضوع حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
الحزب والمقر
ويعود بناء المقر السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك إلى عام 2012 من قبل رئاسة الحزب، شمالي المحافظة، وعلى الطريق الرابط بين كركوك وأربيل على مساحة تقدر بـ8 دوانم. [7]
وتقول وسائل إعلام تابعة للحزب إن المقر بني بأمواله وبطريقة قانونية، فيما تتهم أحزاب عربية وتركمانية، بأن الأرض التي بني عليها المقر مغتصبة من وزارة النفط، كما في الوثائق التي نشرتها العصائب. [8]
ظل المقر تحت سيطرة البارتي حتى 2017 حين غادره بعد توتر الأوضاع مع بغداد وتنفيذ عمليات "فرض الأمن" بالمحافظة في عهد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.
ماذا جرى في 2017؟
توترت الأوضاع بين بغداد وحكومة إقليم كردستان على خلفية إصرار رئيس الإقليم آنذاك، مسعود بارزاني، على إجراء استفتاء على الاستقلال من العراق في 15 أيلول سبتمبر 2017، وشمول المحافظة بالاستفتاء.[9]
وبعد نحو شهر من إعلان الاستفتاء، وبالتحديد في 15 تشرين الأول أكتوبر 2017 أطلق رئيس مجلس الوزراء حينها، حيدر العبادي، عمليات عسكرية واسعة، أطلق عليها اسم "فرض الأمن"، لاستعادة محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها مع سيطرة سلطات إقليم كردستان عليها من بعد 2003، حيث فرضت القوات سيطرتها على المحافظة وغالبية حقول النفط والقواعد العسكرية الرئيسية في محيط محافظة كركوك، وعلى إثرها انسحب الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأخلى مقراته في المحافظة، بما فيها المقر السياسي، وهو أكبر المقرات بالمحافظة.[10]
اتهامات متبادلة بين "البارتي" و"اليكتي"
وتبادل الحزبان الكرديان الاتهامات فيما بينهما حول سبب فقدان السيطرة على كركوك وإخضاعها لسلطة بغداد، حيث اتهم مسؤولون في الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) بزعامة مسعود بارزاني، منافسه التاريخي الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) الذي أسسه وترأسه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني “بالخيانة” لتخليه عن الأكراد، إلا أن هيرو أحمد، أرملة طالباني، الذي تولى منصب رئيس الجمهورية بين عامي 2005 و2014 وتوفي في تشرين الأول أكتوبر 2017، نفت تلك الاتهامات. وقالت هيرو طالباني إن حزبها حاول لكنه فشل في إقناع الحكومة العراقية بعدم تنفيذ عن خطة الهجوم على كركوك عبر اتصالات مع ممثلين للحكومتين الأمريكية والعراقية.[11]
كما نفى بافل طالباني، رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ونجل زعيمه الراحل جلال طالباني، قيامه بإبرام صفقة مع الحكومتين العراقية والإيرانية أدت لتسليم كركوك للقوات العراقية والحشد الشعبي، واتهم قادة الديمقراطي الكردستاني، بارتكاب سلسلة من الأخطاء الاستراتيجية التي تسببت في المأزق الراهن.[12]
اتفاق على عودة مقرات البارتي
في الصفحة 23 من المنهاج الوزاري لحكومة السوداني، والذي بموجبه تشكلت الحكومة، بعد اتفاق الأحزاب المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة (الذي يضم الإطار التنسيقي وتحالف السيادة، وحزبي الاتحاد والديمقراطي الكردستانيين) المشكل للحكومة، يظهر تعهد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في النقطة 13 على: "حق ممارسة جميع الأحزاب الكردستانية وغيرها نشاطاتها وفعالياتها السياسية الدستورية في نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين وإخلاء مقرات الأحزاب التي تم إشغالها من قبل الآخرين".[13]
ومع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات في كانون الأول ديسمبر المقبل، واستعداد الأحزاب لخوض السباق، بينها الديمقراطي الكردستاني الذي يهدف للعودة إلى ممارسة عمله في كركوك، من خلال إعادة فتح مقراته المغلقة منذ عام 2017، ففي شباط فبراير الماضي، أعلن البارتي، أنه سيعود لفتح كافة مقراته، مشدداً على أن كركوك "لن تنفصل عن هويتها"، إلا أن المجلس العربي في كركوك عبر عن رفضه "تسليم بناية المقر المتقدم للعمليات المشتركة" التي كانت تشكل مقر قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، إلى "أي حزب سياسي حفاظاً على هيبة القوات الأمنية".[14]