مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
قال خلال لقاء متلفز على قناة الفلوجة الفضائية: "العراق خلال السنوات السابقة يدفع أموال شراء الغاز الإيراني بنوعين، إما على شكل نفط خام يتم إرساله إلى إيران أو عن طريق أموال ترسل بالطائرات إلى إيران".
الحقيقة:
تصريح مضلل، فبسبب العقوبات الأمريكية على إيران، اعتمد العراق آلية خاصة لدفع الأموال، وهي عن طريق إيداع أموال الغاز في حساب مصرفي خاص داخل العراق بالدينار العراقي لدى مصرف التجارة "تي بي أي"، لكن في الوقت نفسه لن تتمكن إيران من سحب الأموال، بل تتمكن من استخدامها لشراء سلع من خارج العراق، وبعد أن قدمت واشنطن تسهيلات للعراق وسمحت له بدفع ثمن الغاز الإيراني طالما لم يكن بالدولار، كانت الأموال تودع في صندوق الاعتماد، ولم يكن بين الآليات المعتمدة سابقا تصدير النفط إلى إيران أو تحويل أموال بالطائرات.
في 13 من الشهر الجاري، اتفق العراق مع إيران على تمديد عقدين لشراء الغاز من طهران لمدة 5 سنوات إضافية، وفقا لتصريحات نقلتها وكالة “مهر” الإيرانية عن وزير النفط الإيراني جواد أوجي.
سيغذي الغاز الإيراني محطتي كهرباء بغداد والبصرة، بحسب الوزير الذي قال إنه تم، توقيع مذكرة تعاون بين البلدين في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات خلال لقائه وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل في بغداد [1].
يستورد العراق 40 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من إيران، وأدّى التوقف السابق للإمدادات إلى فقدان ما يفوق 7000 ميغاواط من الكهرباء، ما وصل بالطاقة الإنتاجية إلى حوالي 15 ألف ميغاواط، في حين أنَّ المطلوب لتلبية احتياجات البلاد من الكهرباء يناهز 24 ألف ميغاواط، بحسب وزارة الكهرباء العراقية [2].
كيف يسدد العراق أموال الغاز إلى إيران؟
أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى العبادي أنه فيما يتعلق بطرق سداد مستحقات تدفقات الغاز الإيراني إلى العراق، أن الدفع يجري عبر "نظام تسديد للفواتير وفق عدادات قيمة الغاز المجهز".
وتابع العبادي أنه الدفع يجري بصورة شهرية دورية منتظمة، مقابل تدفقات الغاز من إيران، وفق تصريحاته الخاصة إلى منصة الطاقة [3].
ماذا عن السنوات السابقة؟
في 15 حزيران يونيو 2022، أعلنت وزارة الكهرباء، البدء فعلياً بعملية تسديد ديون الغاز الإيراني المتأخرة عن العام 2020 عبر الاقتراض الداخلي من المصرف العراقي للتجارة وأودعت الأموال من قبل وزارة المالية بصندوق الاعتماد، أي أن تسديد الديون لم يكن عبر أموال بالطائرات أو مقابل النفط [4].
ماذا عن العقوبات الأميركية؟
في 15 نيسان أربيل 2023، قال وزير الكهرباء زياد علي فاضل، إن "وزارة الكهرباء سددت المستحقات المالية بالكامل إلى الجانب الإيراني"، واستدرك بالقول، إن "المشكلة الحقيقية تتعلق بالعقوبات الأمريكية على إيران والتي تمنع وصول تلك المبالغ المودعة في المصارف العراقية، مع ذلك لا يزال الجانب الإيراني يصدر الغاز إلى وزارة الكهرباء بالكميات اللازمة" [5].
الإعفاءات الأميركية
فرضت واشنطن عقوبات صارمة على قطاع الطاقة الإيراني في العام 2018، لكنها منحت العراق سلسلة من الإعفاءات المؤقتة على مدار السنوات الماضية، تسمح لبغداد بشراء الغاز من طهران.
ويضمن الإعفاء الأميركي المؤقت أن يكون بمقدور العراق تلبية حاجاته من الطاقة في الأجل القصير بينما يتخذ خطوات لتقليل اعتماده على واردات الطاقة الإيرانية.. وتقول الخارجية الأمريكية "نحن على تواصل منتظم مع الحكومة العراقية لدعم إجراءات لتحسين استقلالية العراق في الطاقة” [6].
تدفع بغداد ثمن الواردات من طريق إيداع الدينار العراقي عبر المصرف العراقي للتجارة المملوك للدولة، ما يسمحُ مبدئياً لإيران باستخدامه لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات.
ويقول رئيس مجلس إدارة المصرف فيصل الهيمص لوكالة فرانس برس إنه "في حال انتهى الاستثناء، أكيد أن المصرف لا يمكنه أن يدفع لأي مستحقات غاز، ولا يمكن أن يتعامل مع أي كيان إيراني بخصوص الغاز والكهرباء، بالتأكيد" [7].
حساب مصرفي عراقي لتجاوز العقوبات
يقول الأمين العام للغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة، إن "العراق يودع أموال الكهرباء والغاز الإيرانية في حساب مصرفي باسم الشركة الوطنية للغاز وتوزيع الكهرباء، لكن هذا ليس بمعنى قدرة إيران على الوصول إلى هذه الأموال". وأضاف: إن "أموال إيران موجودة في بنك خاضع لرقابة أمريكا، ولا يُسمح إلا باستيراد البضائع غير الخاضعة للعقوبات، حيث أنه في مارس الماضي، تم استيراد مليار دولار من البضائع إلى إيران من خلال هذا المسار ودفع مستحقات إيران لتركمانستان من خلاله ايضا" [8].
ماهي آلية "الأغراض الخاصة"؟
يقول الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، أن "العقوبات الأميركية على إيران تسببت بمنع التحويلات المالية بالدولار الى ايران، لذلك اعتمد العراق على (آلية الأغراض الخاصة)، والتى تسمح له بدفع ثمن الطاقة الإيرانية المستوردة عن طريق إيداع أموال بالدينار العراقي فى حساب مصرفى خاص داخل العراق وهو المصرف التجارى العراقى (تي بي اي)".
وأضاف أن "إيران يمكنها استخدام تلك الأموال لشراء البضائع الإنسانية حصرًا، أي إيران لن تكون قادرة على سحب الأموال، لكنها ستتمكن من استخدامها لشراء سلع من خارج العراق" [9].
وهذا يعني أن الآلية المعتمدة لدفع مستحقات الغاز الإيراني، لم يكن عن طريق أموال ترسل بالطائرات أو مقابل نفط يتم تصديره إلى طهران.
لأن إيران تعتبر من البلدان المصدرة للنفط وليس المستوردة، حيث سجّلت صادرات النفط الإيراني قفزة قياسية، خلال العام المالي المنتهي في 21 آذار مارس 2023، مدعومة بارتفاع أسعار النفط على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية [10].