مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

غزّيون في مصر يأملون العودة لا التهجير.. يعانون من صعوبات في "العمل" والدراسة والدخل

غزّيون في مصر يأملون العودة لا التهجير..  يعانون من صعوبات في "العمل" والدراسة والدخل
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

📌  بالتزامن مع الطلب المتكرر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سكان من غزة إلى الأردن ومصر، ينتظر "غزيون"، اضطرتهم الحرب لمغادرة القطاع، العودة إلى وطنهم، رغم إدراكهم لحجم الدمار والخراب الذي لحق به بسبب العـ.دوان الإسـ.رائيلي. 

◾ أسباب عديدة تدفع فلسطينيو غزة الموجودين في مصر في الرغبة بالعودة، أبرزها الاشتياق للأهل والبلد، والصعوبات القانونية والاقتصادية التي واجهوها بلا أمل في حلها.  

في التقرير التالي، تحدث فريق متصدقش مع 4 من أهل غزة، نزحوا إلى مصر في ظروف مختلفة، لنعرف منهم لماذا يرغبون في العودة. 

أرواحنا في غزة

منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، استضافت مصر نحو 100 ألف فلسطيني وصلوا عبر معبر رفح، وفق تصريحات للسفير الفلسطيني في القاهرة، دياب اللوح.

يتفق معظم الذين تحدثت إليهم #متصدقش أن حبهم العميق لغزة، وتعلقهم الشديد بها، إلى جانب رغبتهم في لمّ شمل أسرهم، من أهم الأسباب التي تدفعهم للتخطيط للعودة إلى القطاع. 

في 6 مايو 2024، اليوم الأخير لتشغيل معبر رفح، قبل إغلاقه إثر سيطرة قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني منه، نجح معتصم*، 36 عام، برفقة زوجته وابنتيه في الهروب من الحرب ودخول مصر، بعدما دفع نحو 15 ألف دولار "رسوم تنسيق" لشركة هلا، المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني.

◾ رغم إنفاقه هذا المبلغ الضخم، الذي يقول إنه جمعه بصعوبة، يفكر "معتصم" في العودة إلى غزة. "هناك كلمة نرددها دائمًا: هنعمرها. حتى لو لم يعد هناك بيت نعود إليه، وإن اضطررنا للنوم في الشارع، فهذا ليس جديدًا على شعبنا في غزة. هنكون سعداء ومرتاحين واحنا راجعين على أرضنا بين أهلنا وناسنا". 

◾ عبد الرحمن*، 27 سنة، العائل الوحيد لأسرة من أب وأختين من ذوي الإعاقة البصرية، قدم إلى مصر قبل الحرب بشهرين لإجراء جراحة في عينه، وبعدما اندلعت الحرب طلب منه أهله البقاء خوفًا عليه. يقول إنه ينتظر بفارغ الصبر إعادة فتح المعبر للعودة إلى أهله في غزة، ويخشى من الأخبار الواردة عن "التوطين" في مصر بعيدًا عن عائلته. 

◾ في 1 فبراير 2025، أعيد فتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر للمرة الأولى منذ 7 مايو 2024، لعبور 50 مريضًا، معظمهم من الأطفال، برفقة 53 مرافقًا، لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية. استمرت عمليات الإجلاء في اليومين التاليين بأعداد مقاربة، في إطار صفقة التبادل.

تعمل بعثة من الاتحاد الأوروبي على مراقبة معبر رفح بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية، حيث يقتصر تشغيله على اتجاه واحد فقط، مما يسمح بخروج سكان غزة إلى مصر دون إمكانية عودتهم إلى القطاع. 

◾ وفي 28 يناير 2025، أكد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سكان غزة المقيمين في الخارج لن يُسمح لهم بالعودة عبر المعبر خلال المرحلة الحالية.

إقامة مؤقتة خوفًا على "القضية"

تمكنت ربا* برفقة 3 من أفراد أسرتها من دخول مصر، في مارس 2024، بعد دفع كل منهم 5 آلاف دولار لشركة هلا، وهي مبالغ جُمعت بشق الأنفس بمساعدة الأقارب والتبرعات عبر الإنترنت كما تحكي.

تدرك السيدة حجم الدمار الذي لحق بغزة، تقول "حتى لو فتحو المعبر ايش ضايل نرجع عليه؟"، رغم ذلك تفكر في العودة وتُعزي السبب لحالة عدم اليقين التي تعيشها وأسرتها. 

يواجه الغزيون في مصر صعوبات كبيرة نتيجة عدم تقنين أوضاعهم القانونية، إذ منحتهم السلطات المصرية عقب عبورهم معبر رفح، إقامات مؤقتة مدتها 45 يومًا فقط.

"المعاملة جيدة وهناك تساهل أمني، لكن عدم امتلاك إقامة قانونية، وعدم وجود وسيلة للحصول عليها، يجعلنا نشعر بانعدام الاستقرار، ويجعل المستقبل مجهولًا"، تقول ربا، مشيرة إلى محاولتها التقدم لاكتساب الجنسية المصرية، لأن والدتها مصرية، لكنها فوجئت بأن السلطات أوقفت هذا الحق للفلسطينيين مؤخرًا. 

تنتهج مصر، بجانب معظم الدول العربية، سياسة تهدف إلى الحفاظ على القضية الفلسطينية عبر منع "التوطين"، إذ تعتبر أن منح الفلسطينيين إقامات دائمة قد يُفسر من قِبَل إسرائيل والمجتمع الدولي كقبول ضمني لتوطينهم في مصر، مما يتعارض مع مطالب حق العودة.

وفي تصريح سابق لصحيفة الشرق الأوسط في مايو 2024، قال مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، محمد نجم، إن "منح تصاريح للفلسطينيين سيفتح الباب أمام مزيد من سكان غزة لمغادرة القطاع، مما قد يشجع على الهجرة الجماعية ويسهم في تنفيذ المخطط الإسرائيلي".

 ولا تشمل القوانين الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، ومنهم القادمين من غزة، إذ لا تعترف مصر بهم كلاجئين رسميين تحت ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي لا تقدم لهم أي خدمات داخل مصر.

ورغم شكواه من صعوبة الإقامة ورغبته في العودة، يقول ناصر*، البالغ من العمر 43 عامًا، الذي قدم إلى مصر بعد بيع سيارته وكل ممتلكاته: "يكفي مصر أنها الدولة الوحيدة التي استقبلتنا".

⭕ حرمان من الفرص والعمل اللائق 

◾ الوضع القانوني الحالي للغزيين في مصر، يحرمهم من العديد من الفرص لتحسين حياتهم، مثل السفر للعمل أو الدراسة في الخارج، إذ ترفض معظم دول العالم منحهم تأشيرات، باستثناء عدد قليل من الدول، منهم سلطنة عمان وماليزيا وجنوب أفريقيا.

◾ بسبب الإقامة أيضًا، لا يستطيع الفلسطينيون القادمون من غزة افتتاح أي عمل خاص، كما يواجهون صعوبة في الحصول على وظائف بعقود رسمية، مما يضطرهم إلى العمل بشكل غير رسمي في وظائف ذات أجور منخفضة.

يقول عبد الرحمن* إن الأجور المعروضة للوظائف تتراوح بين 3 إلى 6 آلاف جنيه، وهي بالطبع لا تكفي للإنفاق على نفسه وعلى عائلته في غزة عند تحويلها إلى الشيكل الذي يعادل 14 جنيهًا مصريًا.

ويزداد الأمر صعوبة مع ارتفاع أسعار السلع في غزة بسبب القيود المفروضة من الاحتلال على دخول البضائع والمساعدات، ويعلق عبد الرحمن بحسرة: "راتب شهر هنا لا يكفي حتى لشراء كيس طحين لأسرتي". 

إلى جانب قلة فرص العمل وانخفاض الأجور، يشتكي معتصم*، الذي كان يملك مكتب محاماة في غزة، من عدم قدرته على ممارسة المهنة الوحيدة التي يجيدها، لذلك، ورغم حبه للإقامة في مصر، يفضل العودة إلى غزة حتى لو كان منفرداً بدون عائلته، حتى يستطيع استئناف عمله.

تمتد الصعوبات إلى مناحي مختلفة من حياة الفلسطينيين القادمين من غزة إلى مصر، إذ لا يُسمح لهم بامتلاك شريحة اتصال أو فتح حساب بنكي، ما يصعب عليهم استلام الحوالات المالية من ذويهم في الخارج أو من المتبرعين في الداخل، والتي يعتمدون عليها في تأمين احتياجاتهم المعيشية. 

"نضطر لاتباع طرق غير قانونية، من خلال اللجوء إلى أشخاص مصريين لاستخراج شرائح اتصال، أو استلام حوالات من الخارج"، يقول معتصم.

◾ ويُعد تحمل تكاليف الإيجار أصعب ما يواجه الفلسطينيين القادمين من غزة إلى مصر، وفقًا لشهادات عدد ممن تحدثوا إلى "متصدقش"، حيث لا يمتلك أغلبهم مصدر دخل ثابت يغطي هذه النفقات، ويضطرون للاعتماد على  على الدعم الذي تقدمه المنظمات الخيرية وشبكات الإغاثة التطوعية، والذي يكون غير مستقر.  

التعليم: الرسوم بالدولار

بسبب وضعهم القانوني، لا يستطيع الفلسطينيون القادمون إلى مصر بعد 7 أكتوبر 2023 إلحاق أبنائهم بالمدارس، سواء كانت خاصة أو حكومية، على عكس بقية الجنسيات العربية أو الأجنبية التي تمتلك وثيقة لجوء أو إقامة.

◾ وحسبما نقل موقع مدى مصر عن مسؤول بالسفارة الفلسطينية في القاهرة، هناك ما يقرب من 21 ألف طالب في مرحلتي التعليم الأساسي والجامعي، فروا من غزة إلى مصر بعد الحرب. 

◾ ومع طول فترة الإقامة، أعلنت وزارة التعليم الفلسطينية إطلاق برامج تعليمية عن بعد لطلاب قطاع غزة في مصر، فيما سمحت مؤسسة الأزهر لهم بالتسجيل والالتحاق بالتعليم الأزهري مقابل رسوم منخفضة. 

◾ رغم ذلك، يعاني طلاب قطاع غزة الذين كانوا يدرسون في مصر من قبل بداية الحرب من ارتفاع قيمة المصروفات التي تُدفع بالدولار. 

يقول أحمد* من غزة، وهو طالب بالسنة الأخيرة بكلية طب جامعة الفيوم، إنه يدفع رسومًا سنوية تبلغ نحو 3 آلاف دولار: "بالرغم من التخفيض، يظل المبلغ مرتفعًا بالنسبة للطلاب من القطاع الذين استشهد ذووهم أو فقدوا مصادر دخلهم في الحرب، مما أدى إلى توقفهم عن إرسال المصاريف. وقد جعل ذلك الكثيرين يتعثرون في دفع المصروفات وتحمل تكلفة المعيشة، مما اضطرهم إلى اللجوء لجمع التبرعات".

هل صعوبة الإقامة في مصر دافع للعودة؟

في ظل غياب أي مصدر دخل، وعجز العديد من الأسر عن تلبية احتياجاتها الأساسية، إضافة إلى غياب أي أفق لتسوية أوضاعهم القانونية، يجد كثيرون أنفسهم ميالين للعودة، حتى لو بدا الخيار غير منطقي.

في حديث لـ"متصدقش" مع أحد المسؤولين عن العمليات الإغاثية في المنظمة الدولية للهجرة (IOM) بمصر، والذي فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن معظم الأسر القادمة من غزة التي تتلقى خدمات المنظمة تعيش أوضاعًا قاسية.

وأوضح أن أكثر من 80% يخططون للعودة عقب فتح المعبر، إذ يرى الكثيرون أن البقاء في هذه الظروف لا جدوى منه، قائلين: "الأفضل أن نعود إلى أرضنا، نبنيها من جديد، أو نموت فيها".

وعن الظروف القاسية التي تنتظره عند العودة إلى القطاع الذي دمرت إسرائيل معظم أجزائه، فيقول عبد الرحمن، الذي فقد أخاه وعانت أسرته من النزوح عدة مرات خلال الحرب، وتدمّرت معظم أجزاء منزله: "نريد العودة لنخفف عن أهلنا الذين أنهكتهم الحرب، ونحمل عنهم بعضًا من المعاناة. وحتى لو لم أجد وظيفة، على الأقل سأكون بجانب أسرتي، في أرضي".

#اعرف

المصادر في أول تعليق ⬇️⬇️

لو عندكم أي خبر أو معلومة محتاجين تتأكدوا منها ابعتولنا على رسايل الصفحة أو على ايميلنا: [email protected]