يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

بين الادعاء بتنظيم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤتمراً صحفياً للإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، واستهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ حوثي، مروراً برواج فيديو يدعي ناشروه أنه يظهر اختراق المخابرات العامة المصرية لغرف التحكم في سد النهضة الإثيوبي، وصولاً إلى تكرار شائعة وفاة الفنان المصري عادل إمام، تعدّدت المعلومات المضللة التي راجت عربياً هذا الأسبوع، وكانت موضع تحقّق منصات تدقيق معلومات عربية.

"مؤتمر صحفي لوقف إطلاق النار في غزة"

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار منسوبة إلى القناة 12 العبرية، تفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة في مؤتمر صحفي.

تحقق فريق مرصد "كاشف" الفلسطيني من صحة هذه الأخبار المنسوبة للقناة العبرية، وتوصل إلى زيفها، بعد العودة إلى صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني الذي لم يٌنشر عليه هكذا خبر.

ونقلت القناة 12 العبرية عن مكتب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أنه على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف المحدثة لإطلاق سراح المحتجزين، فإن حماس ما زالت متمسكة برفضها.

وعلق ويتكوف على رد حماس على مقترحه لوقف إطلاق النار في غزة بأنه "غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي إلا إلى تراجعنا".

وفي الشأن الفلسطيني أيضاً، راجت صورة من مدرجات كرة قدم لجماهير ترفع لافتة تضامنية مع فلسطين، مرفقة بادعاء أن الصورة التقطت أثناء مباراة نهائي بطولة أبطال أوروبا الأخيرة.

أجرى "كاشف" بحثاً عكسياً عن أصل الصورة، ووجد أنها قديمة، وتعود في الأصل إلى رفع جماهير باريس سان جيرمان لافتة تضامنية تدعو لتحرير فلسطين عام 2024، ولا علاقة لها بالنهائي الأوروبي.

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي برونو ريتايو حينها رفع اللافتة، قائلاً: "لا مكان لهذه اللافتة داخل الملعب"، مضيفاً: "في حال تكرار ذلك، سنضطر لمنع الأندية التي لا تطبق القوانين من رفع لافتات".

كما تداولت حسابات على مواقع التواصل فيديو قالوا إنه يظهر استهداف جماعة الحوثي لمطار بن غوريون الإسرائيلي للمرة الثالثة خلال هذا الأسبوع.

فحص المرصد الفلسطيني "تحقق" الفيديو المنشر باستخدام أداة Sightengine، وتوصل إلى أنها مولدة بالذكاء الاصطناعي. علاوة على ذلك، وجد فريق المرصد أن آخر استهداف لمطار بن غوريون وقع بتاريخ الرابع من أيار/مايو 2025؛ أي قبل نحو ثلاثة أسابيع من نشر الفيديو.

"المخابرات المصرية تخترق سد النهضة"

راج فيديو على منصات التواصل الاجتماعي ادعى ناشروه أنه يظهر "المخابرات العامة المصرية وهي تخترق غرف التحكم في عمق سد النهضة الأثيوبي".

دققت منصة "متصدقش" المصرية في الفيديو، وتوصلت إلى أنه مركب من عدة فيديوهات منشورة على منصة "تيك توك" بين نيسان/أبريل وتموز/يوليو 2024. 

وكان أول من نشر الفيديو على "تيك توك" شخص يدعى "Belay Tegabe" وهو أثيوبي يبدو أنه يعمل في موقع بناء سد النهضة، ويشارك بشكل متكرر فيديوهات شخصية له من موقع السد.

وفي إطار حملات التضليل الإعلامي المرتبطة بالشأن المصري، أدلى الإعلامي المصري نشأت الديهي بعدة تصريحات مغلوطة بشأن ظروف احتجاز الناشط علاء عبد الفتاح، في وقت تتدهور فيه الحالة الصحية لوالدته، ليلى سويف، التي تخوض إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار حبس نجلها من دون سند قانوني.

وقال الديهي إن "عمر ما علاء عبد الفتاح اتعذب في السجن"، وهو ما نفته "صحيح مصر" مشيرة إلى ما جاء في تقارير حقوقية دولية ومحلية وشهادات من أسرته عن تعرضه للتعذيب في السجن.

وأنكر الديهي أن التعذيب يمارس في السجون المصرية، رغم أن منظمة هيومن رايتس ووتش قالت في أحدث تقاريرها إن "عناصر الشرطة والأمن الوطني واصلا إخفاء المنتقدين والمعارضين قسراً في أماكن احتجاز غير رسمية، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب ويكرهون على الاعتراف".

كما أصدرت عدة منظمات حقوقية مصرية، بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تقريراً، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعنوان: "التعذيب في مصر: جريمة ضد الإنسانية"، قالت فيه: "تلجأ السلطات المصرية، مستخدمة خطاب مكافحة الإرهاب، إلى الاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وما يتبع ذلك من تعذيب، لاستهداف الأفراد بسبب نشاطهم السياسي الحقيقي أو المفترض، أو نشاطهم في مجال حقوق الإنسان".

"جنود جزائريون محتجزون في سوريا"

نشرت مواقع إعلامية خبراً مباده أن النائب البرلمان الجزائري عن حركة البناء الوطني عبد القادر بريش دعا وزير الخارجية الجزائري أحمد عاطف إلى التوجه إلى أنقرة لطلب وساطة من السلطات السورية للإفراج عن "جنود جزائريين ومن جبهة البوليساريو محتجزين لدى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع".

كشف موقع "ألجيريا تشك" الجزائري لتدقيق المعلومات أن الخبر لا أساس له من الصحة، إذ نفى بريش صحة التصريح المنسوب له.

وادعت المواقع الإعلامية أن بريش أدلى بهكذا تصريحات في لقاء له في برنامج "المفيد" المذاع على قناة الشروق الجزائرية، إلا أن فريق "ألجيريا تشك" لم يجد أي ظهور حديث للنائب في البرنامج، أو أي تصريح أدلى به في هذا الشأن. 

وفي السياق السوري، تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تصميماً منسوباً لقناة الجزيرة، يتضمن تصريحاً منسوباً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يزعم فيه التوصل إلى اتفاق مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لتحرير سوريا، مقابل منح إسرائيل السيطرة على محافظتي السويداء والقنيطرة. كما يُدّعى في التصميم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ الشرع بذلك خلال لقاء جمعهما في السعودية.

بحثت منصة "ترو بلاتفورم" السورية من المزاعم المتداولة عبر مراجعة المواقع الرسمية للحكومة الإسرائيلية، والحسابات الرسمية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على منصات التواصل الاجتماعي، دون أن تعثر على أي تصريح يشير إلى مباحثات مع أحمد الشرع. كما لم ترصد المنصة أي نشر لهذا الخبر على منصات قناة الجزيرة، ما يرجح أن التصميم مفبرك ومنتحل.

كما نسبت بعض الصفحات هذا الادعاء إلى الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، لكن مراجعة حساباته أسفرت عن عدم وجود أي منشور له يدعم الادعاء. 

شائعة وفاة عادل إمام 

تداولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي صورة تظهر الفنان المصري عادل إمام راقداً في مكان يُشبه المستشفى، مرفقة بادعاء يزعم وفاته عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد دخوله في غيبوبة وتدهور حالته الصحية.

دققت منصة "صحيح العراق" في الصورة، وتوصلت إلى أنها مولدة بالذكاء الاصطناعي، إذ إن ملامح الوجه تبدو غير حقيقية.

ولم تعلن عائلة الفنان أو أي من الوسائل الإعلامية الموثوقة هكذا خبر.