مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

تحريض وخطاب كراهية… كيف أشعلت حسابات آلية حرباً رقمية بين المغرب والجزائر؟

تحريض وخطاب كراهية… كيف أشعلت حسابات آلية حرباً رقمية بين المغرب والجزائر؟

 

بالتزامن مع عمليات الترحيل التي قامت بها السلطات الجزائرية لآلاف المهاجرين الأفارقة، ظهرت على بعض منصات التواصل الاجتماعي دعوات لترحيل المهاجرين النيجريين والماليين والمغاربة من الجزائر. وفي حين أخذت الدعوات تجاه الماليين والنيجيريين وغيرهم من المهاجرين الأفارقة صيغة "الترحيل"، استخدمت في الدعوات تجاه المغاربة صيغة "الطرد"؛ فبرز وسم "#طرد_المراركة_من_الجزائر_مطلب" الذي يدعو لطرد المغاربة من الجزائر.


في المقابل، سرعان ما ظهرت حملة مغربية رقمية مضادة تدعو لطرد الجزائريين من المغرب، وتتهم الجزائر بـ "الإرهاب" وتحرض لعزلها دولياً. فيما قادت الحملتين حسابات وهمية أو آلية اعتادت على بث خطاب التحريض.

 

حملة جزائرية ضد المهاجرين

بحثنا عن المحتوى الذي يدعو لطرد المهاجرين باستخدام أدوات البحث الرقمي بعبارات؛ مثل "طرد + من الجزائر" أو "ترحيل + من الجزائر"؛ فتبين أن أول ظهور لهذه التعبيرات خلال عام 2025 كان في 13 شباط/فبراير 2025، حين أعاد حساب @momodeja179022  حديث النشأة مشاركة منشور لحساب آخر حديث النشأة يسمى @NancyDz21، مرفقاً به عدة وسوم، تحرض كلها ضد المغاربة في الجزائر، وتهاجم المغرب.

   

وفي الخامس من نيسان/أبريل 2025، بدأ عدد المنشورات المحرضة ضد المغاربة في الجزائر بالازدياد، لكن بعد هذا التاريخ بيومين فقط؛ أي في السابع من نيسان/أبريل 2025 ارتفع عدد المنشورات ارتفاعاً كبيراً، بعد نشر حساب @M23294Dzmaka8 حديث النشأة، منشوراً يدعو لغلق الحدود بين الجزائر ومالي، وترحيل الماليين من الجزائر.

   

وصلت حملة التحريض لذروتها الأكبر في 13 نيسان/أبريل 2025، عندما نشر حساب @NancyDz21 منشوراً جمع بين الوسمين "#طرد_المراركة_من_الجزائر_مطلب" و"#ترحيل_الماليين_من_الجزائر_مطلب"، ليحقق وصولاً مقداره 151 ألف مرة خلال الأربع شهور الأولى من عام 2025.

   

غير أن هذا الانتشار لم يكن طبيعياً؛ فقد أظهرت التحليلات أن نسبة إعادة المشاركة والاقتباس مجتمعتين بلغت نحو 60 في المئة من إجمالي عدد المنشورات، في حين كانت نسبة المحتوى الأصلي نحو 4 في المئة فقط من إجمالي عدد المنشورات.

     

ورغم أن قائمة الوسوم الأكثر تداولاً وسحابة الكلمات الأكثر استخداماً، أظهرتا أن وسم "#ترحيل_الماليين_من_الجزائر_مطلب" هو أكثر الوسوم استخداماً، إلا أن عدد الوسوم وكلمات التحريض ضد المغرب كانت أكثر عدداً وحدة وتحريضاً، ما أعطانا مؤشراً أن حملة التحريض ضد المهاجرين الأفارقة في الجزائر لم تكن إلا حملة ثانوية ترافق حملة أكبر كانت موجهة ضد المغرب.

   

 

حملة تحريض جزائرية ضد المغرب

عدنا لأداة Meltwater للبحث هذه المرة عن الوسوم التي رصدنا ارتباطها بالحملة ضد المهاجرين؛ مثل: "#طرد_المراركة_من_الجزائر_مطلب" و"#ترحيل_المراركة_مطلبنا" و"#المغرب_اضحوكة_العالم" و"#المغرب_كيان_توسعي" و"#اسرائيل_الغربية" و"#المغرب_مقاطعة_فرنسية"، فظهر عدد ضخم من المنشورات المتداولة منذ العام الماضي، لكن عند التركيز على محتوى هذه الوسوم خلال عام 2025 فقط، تبين أن عدد منشورات هذه الوسوم تخطى 32 ألف منشور.

     

ورغم أن عدد المنشورات في تناقص إلا أن ما تحققه من وصول وانتشار ما زال في تصاعد مستمر. وتواصل المنشورات ذروة انتشارها منذ 29 نيسان/أبريل 2025، متجاوزة 39 مليون مرة. وارتبط هذا الانتشار بنمط النشر والتفاعل على الوسوم، فقد ارتفعت نسبة إعادة النشر والاقتباس مجتمعتين إلى نحو 50 في المئة من إجمالي عدد المنشورات، ما يشير إلى وجود تضخيم للمحتوى. كما ارتفعت نسبة الردود إلى 43 في المئة تقريباً من إجمالي عدد المنشورات، ما يشير إلى اشتعال الجدل والنقاش حول محتوى الحملة، فيما كانت نسبة المحتوى الأصلي نحو 6.6 في المئة من إجمالي عدد المنشورات.

   

وتُظهر قائمة البلدان التي ينتمي إليها المستخدمون المشاركون في الحملة أن الجزائر تتصدر بفارق واضح، ما يعزز الدلالة على أن الحملة تقودها حسابات جزائرية. كما تكشف القائمة عن مشاركة عدد من الحسابات المغربية، إذ جاءت المغرب في المركز الثاني بفارق كبير عن الجزائر، تليها كل من فرنسا والولايات المتحدة بعدد متقارب من الحسابات.

   

فيما أظهرت قائمة الوسوم الأكثر تداولاً ضمن الحملة أن وسم "#المغرب_اضحوكة_العالم"، الذي يشير لنوع من السخرية من المغرب قد جاء في صدارة القائمة، وقد انعكس ذلك على سحابة الكلمات الأكثر تداولاً بالحملة؛ فقد برزت تعبيرات رقمية ساخرة ووجوه ضاحكة.

   

من يقود الحملة الرقمية ضد المغرب

باستخدام أداة Meltwater سحبنا عينة عشوائية من 20 ألف منشور من منشورات الحملة على منصة إكس، نُشرت بين الأول من كانون الثاني/يناير 2025 و29 نيسان/أبريل 2025، وقمنا بتحليل بياناتها؛ لتحديد قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً على الحملة.


جاء في صدارة القائمة، حساب @myname0a1 الذي نشر 287 منشوراً على الوسوم، نحو 97 في المئة منها أتت في شكل ردود، وبفحص الحساب تبين أن تاريخ نشأة الحساب يعود إلى عام 2022، ويضع الحساب صورة شخصية غير حقيقية، كما أن اسم الحساب واسم المستخدم له غير حقيقين، ويدلان أنه حساب غير شخصي.


وينشط الحساب في نشر دعاية سياسية للجزائر ويهاجم المغرب بشكل مكثف، ما جعلنا نستخدم كود برمجي لفحص نمط تفاعله، بناءً على تحليل أوقات تفاعله إحصائياً، فتبين أن الحساب ينشط خلال 24 ساعة وهو نمط تفاعل غير بشري، كما أنه ينشط بكثافة في أوقات محددة وينشر عدداً كبيراً من المنشورات والردود بفاصل زمني يتراوح بين صفر وخمس دقائق، ما يعطينا مؤشرات أنه حساب آلي غير بشري.

طبقنا التحليل نفسه على الحساب الثاني بقائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً، وهو حساب @AmarLatamn71050 الذي نشر 255 منشوراً، نحو 90 في المئة منها تعد إعادة مشاركة، وبفحص الحساب تبين أنه يتطابق مع الحساب الماضي؛ فهو حساب حديث النشأة، يعود تاريخ نشأته إلى عام 2023، وينشط في الترويج السياسي للجزائر ومهاجمة المغرب، ويظهر ذلك من منشوراته وردوده المحرضة على المغاربة، واستخدام كلمات عنصرية لوصف المهاجرين الأفارقة.


وبجانب عدم وجود صورة شخصية للحساب وظهور اسم مستخدم يختلف عن اسم الحساب، أشار التحليل البرمجي إلى أن الحساب ينشط طوال 24 ساعة؛ وهو نمط تفاعل غير بشري، ويغرد بكثافة بفواصل زمنية قصيرة تقترب من صفر، ما يعني أنه حساب آلي غير بشري.


وعلى الشاكلة نفسها جاء حساب @mounir2467 الذي نشر 250 منشوراً جاءت غالبيتها في صورة ردود؛ وهو حساب حديث النشأة أيضاً، ينشر دعاية سياسية للجزائر ويهاجم المغرب، كما أظهر التحليل البرمجي أنه ينشط 24 ساعة، وينشر بكثافة في أوقات محددة بفواصل زمنية قصيرة تقترب من الصفر، ما يعني أنه حساب آلي غير بشري.

 

 أما بقية الحسابات في القائمة، فلا تختلف عن تلك التي قمنا بفحصها؛ فكلها حسابات جزائرية حديثة النشأة، تستخدم خطاباً عنصرياً ضد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، حتى أن واحدا منها يحمل اسم "Racism" (عنصرية). وتُظهر هذه الحسابات نشاطاً مكثفاً في مهاجمة المغرب ونشر الكراهية ضد المغاربة.

 

مؤثرون جزائريون يقودون الحملة

رغم ما كشفه تحليل بيانات عينة المنشورات المرتبطة بالوسوم المهاجمة للمغرب أن أكثر الحسابات تفاعلاً ونشراً ضمن العينة كانت حسابات آلية غير حقيقة، إلا أن التحليل الشبكي الذي أجريناه على العينة نفسها، يظهر تورط حسابات شخصيات جزائرية في التفاعل مع هذه الوسوم.

بعد معالجة البيانات وإدخالها على برنامج Gephi، تبين أن هناك حسابات مركزية تقود التفاعل على الوسوم المهاجمة للمغرب، وتظهر هذه الحسابات على الرسم الشبكي مدرجة من اللون الأصفر (أقل مركزية) إلى اللون الأحمر (أكثر مركزية)، إذ نرى شبكة الحسابات الحمراء أعلى الخريطة كأنها تشرف على عمل الحسابات.

 

وتبيّن أن الحساب المركزي في هذه الشبكة الحمراء هو حساب جديد يُدعى "شهد @chouchatjn". وعلى الرغم من أن تحليل نمط نشاطه، بما في ذلك توقيت النشر ونسبة التطابق في المنشورات المرتبطة بالوسوم، يشير إلى أن تفاعله يبدو طبيعياً وغير آلي، إلا أن أرشيفه لا يحتوي على أي منشورات ذات طابع شخصي، بل يقتصر بالكامل على نشر دعاية سياسية مؤيدة للجزائر، وهجوم مستمر على المغرب.

 

وبالبحث في أرشيف حساب "شهد"، ظهر أنها تتفاعل بشكل قوي مع حساب آخر، في شكل ردود وإعادة مشاركة لكل ما ينشره هذا الحساب، وهو حساب الإعلامي الجزائري أحمد حفصي، الذي يعمل مذيعاً في شبكة التلفزيون العربي، ويقيم بالمملكة المتحدة منذ عام 2020، بعد أن ترك عمله بقناة النهار الجزائرية التي عمل بها منذ عام 2012؛ ويشتهر حفصي بهجومه المتواصل على المغرب.

 

وظهر حساب حفصي على خريطة التحليل الشبكي كأحد الحسابات المركزية التي تتفاعل معها حسابات عديدة في قلب شبكة الحسابات، ومن أكثر الحسابات تفاعلاً مع حفصي، حساب آخر مركزي في الشبكة بمعرف DZ  @MouloudiaDZ3.

يعرف هذا الحساب نفسه بوصفه "حساب للدفاع عن الجزائر ونشر تراثها بدون أدنى مراعاة لمشاعر الغير"، ويبدو أنه حساب احتياطي لحساب آخر قديم، يعود تاريخ نشأته لـ 2009. وركزت منشورات الحساب -كما عرف نفسه- في نشر الدعاية السياسية لصالح الجزائر ومهاجمة المغرب. كما ظهر الحساب على خريطة التحليل الشبكي كأحد الحسابات المركزية التي تتفاعل معها حسابات الشبكة بقوة سواء بالتعليقات أو إعادة المشاركة.

ومن أهم الحسابات المركزية التي تتفاعل معه، حسابي "شهد" و"احمد حفصي"، بجانب حساب لإعلامي جزائري آخر يسمى AMINE MELLIT / "أمين مليط" @AmineMellit.

 

عمل مليط مذيعاً في عدة فضائيات جزائرية؛ مثل "البلاد" و"الشروق نيوز" و"نوميديا"، رغم ذلك يستخدم حساب حديث النشأة، ولا ينشر عليه أي مقاطع تدل أنه ما زال يعمل مذيعاً، بل ينشر باستمرار مقاطع من بث مباشر يذيعه كل ليلة، وتدور موضوعاتها إما عن تمجيد القيادة السياسية الجزائرية وإما هجوم على المغرب.

فيما تتفاعل كل الحسابات آنفة الذكر مع حساب مركزي آخر يسمى NNA (Nadia) @22NN_A؛ وهو حساب آخر حديث لكنه موثق. وينشط هذا الحساب في تمجيد النظام الحاكم بالجزائر والهجوم على المغرب، ويرتبط بشبكة الحسابات نفسها التي يبرز بها الإعلاميان حفصي ومليط.

 

وكما يظهر في خريطة التحليل الشبكي، تحيط هذه الحسابات المركزية بجميع الحسابات المتفاعلة مع الوسوم. ففي الجهة اليسرى من الخريطة التفاعلية، تبرز أربعة حسابات مركزية؛ هي: شهد، DZ، حفصي، ومليط، وتتلقى هذه الحسابات تفاعلات واسعة من بقية الحسابات عبر التعليقات.

وفي الجهة اليمنى من خريطة التحليل الشبكي، تظهر أربعة حسابات مركزية يُضاف إليها حساب NNA (Nadia) @22NN_A، الذي يضخ المحتوى الذي تعيد بقية الحسابات تداوله ومشاركته. ويُظهر هذا النمط أن مجموعة الحسابات التي حددناها هي من تقود التفاعل على هذه الوسوم، وعلى رأسها حسابا أحمد الحفصي وأمين مليط.



حملة رقمية مغربية مضادة

على الجانب الآخر، بعد انتشار وسم "#طرد_المراركة_من_الجزائر_مطلب" ظهرت بشهر نيسان/أبريل 2025 وسوم مغربية تهاجم الجزائر، مثل "#الجزائر_تدعم_الإرهاب" و"#الجزائر_معزولة_دوليا"، ووصلت هذه الوسوم إلى ذروة انتشارها في 13 نيسان/أبريل 2025، ورغم أن عدد منشوراتها لم يتجاوز 2400 منشور إلا أنها حققت انتشاراً يقدر بـ 2.6 مليون مرة.

    

في حين أظهرت سحابة الكلمات وقائمة الوسوم الأكثر ظهوراً ضمن المنشورات، عدة وسوم أخرى رداً على الحملة المغربية؛ مثل: "#الجزائر_تدعم_الإرهـ_ـاب" و"#الجزائر_معزولة_دولياً" و"#الجزائر_اضحوكة_العالم" و"#الجزائر_الارهابية" و"#الجزائر_سرطان_افريقيا".

رغم أن الحملة بدأت العام الماضي، إلا أنها ما زالت مستمرة؛ فقد ارتفع عدد منشوراتها خلال الأربعة الأشهر الأولى من عام 2025 إلى نحو 60 ألف منشور، حققوا وصولاً قارب 80 مليون مرة بمعدل 661 ألف مرة يومياً.

 

كما تشابهت أنماط التفاعل بين الحملتين الجزائرية والمغربية، فكلتا الحملتين اقتربت نسبة إعادة النشر والاقتباس مجتمعتين من 50 في المئة من إجمالي عدد المنشورات، كما يشير ارتفاع نسبة الردود إلى احتدام النقاش في التعليقات، سواء المؤيدة أو المعارضة. في المقابل، لم تتجاوز نسبة المحتوى الأصلي في أي من الحملتين 7 في المئة من إجمالي المنشورات.

 

وتصدرت المغرب قائمة البلاد التي صدرت منها تفاعلات على الوسم، كما جاء وسم "#الجزائر_اضحوكة_العالم" في المرتبة الأولى من حيث التفاعلية في قائمة الوسوم الأكثر انتشاراً، كما ظهرت وسوم أخرى تهاجم الجزائر؛ مثل "#الجزائر_المنكوبة و"#الجزائر_بلد_الدعارة_المرخصة"، في إشارة إلى استخدام التحريض والسخرية وخطاب الكراهية ضمن أدوات التأثير التي تستخدمها الحملة.

من يقود الحملة المغربية ضد الجزائر

باستخدام أداة Meltwater، سحبنا عينة عشوائية من 20 ألف منشور من المنشورات على الوسوم سالفة الذكر، على منصة إكس، وبتحليل البيانات حصلنا على قائمة بأكثر الحسابات تفاعلاً ونشراً على هذه الوسوم. ثم اختصرناها لأكثر عشرة حسابات تفاعلاً ضمن الحملة.

تصدر القائمة حساب @JosephNeziri؛ وهو حساب حديث النشأة  يعود تاريخ إنشائه إلى عام 2025، ويستخدم اسماً وصورة وهميين. يتركّز نشاطه بشكل شبه حصري على مهاجمة الجزائر، مستخدماً ألفاظاً نابية وخطاباً مسيئاً ضد الدولة والشعب.

 

ولفحص نمط تفاعل الحساب، طبقنا عليه كود برمجي لحساب أوقات النشر إحصائياً، وقياس نسبة التكرار في منشوراته المرتبطة بالهجوم على الجزائر، فتبين أن الحساب ينشط طوال ساعات اليوم وهو نمط تفاعل غير بشري، كما أنه ينشر بكثافة في أوقات محددة بفواصل زمنية قصيرة. وإلى جانب ذلك، كانت نسبة التكرار في منشورات الحساب تقترب من 99 في المئة؛ ما يعني أنه حساب آلي غير بشري.

وجاء في المركز الثاني بالقائمة حساب @MJ1N1N4، الذي نشر 203 منشورات؛ وهو أيضاً حساب حديث النشأة يعود تاريخ إنشائه إلى عام 2024. ينشط هذا الحساب في الترويج السياسي للمغرب، ويشنّ هجوماً حاداً على الجزائر. 

وبتطبيق الكود البرمجي نفسه على الحساب، تبين أن الحساب ينشر على مدار 24 ساعة، وهو نمط غير بشري، وينشر بشكل مكثف في أوقات محددة بفواصل زمنية قصيرة. كما أن نسبة التكرار في تغريدات الحساب المرتبطة بالحملة ارتفعت إلى 97 في المئة، ما يشير إلى أنه حساب آلي.

وفي المركز الثالث بالقائمة جاء حساب @Chef_Salah06 بـ 180 منشوراً؛ وهو حساب موثق لكنه حديث النشأة، حدد مكان إقامته في باريس، لكنه لم يختلف عن الحسابين السابقين، فقد نشط كذلك في الترويج السياسي للمغرب ومهاجمة الجزائر، ووصفها برعاية الإرهاب، واستخدام خطاب عنصري، إلى جانب التحريض ضد الجزائريين.

كما لم تختلف نتائج الكود البرمجي على منشورات الحساب عن نتائج الحسابين السابقين؛ فكانت نسبة التكرار في المنشورات المرتبطة بالحملة تقترب من 98 في المئة، وأشارت النتائج إلى نشاط الحساب طوال ساعات اليوم، والنشر الكثيف في أوقات محددة بفواصل زمنية قصيرة نسبياً تتراوح بين صفر و30 دقيقة، ما يشير إلى أنه حساب آلي.

فيما لم تختلف بقية الحسابات في قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً عن هذه الحسابات التي فحصناها، فكانت كلها حسابات حديثة النشأة، لا تضع صوراً شخصية، ويتكون اسم المستخدم لها من حروف عشوائية، في حين نشطت الحسابات في الدعاية السياسية للمغرب ومهاجمة الجزائر فقط، من دون أي منشورات شخصية.

كما أن كل هذه الحسابات تنشر النوع  نفسه من المحتوى وتتبع نمط تفاعل متطابق، بما يوحي بوجود جهة واحدة تقف وراء تنسيقها. وهذا هو النمط نفسه الذي رصدناه في الحملة الجزائرية ضد المغرب.

 

حسابات تتفاعل مع نفسها للتضخيم

بعد تحليل بيانات عينة المنشورات المرتبطة بالوسوم المغربية التي تهاجم الجزائر، وباستخدام برنامج Gephi، حصلنا على خريطة التحليل الشبكي للحسابات المتفاعلة مع الوسوم، والتي بدت مشابهة لخريطة التحليل الشبكي للحسابات المتفاعلة مع الوسوم الجزائرية ضد المغرب.

تظهر خريطة التحليل الشبكي أن لون الشبكات يتدرج من اللون الأصفر، وهي شبكات الحسابات الأقل ارتباطاً بالحسابات الأخرى إلى اللون الأحمر، وهي الحسابات الأكثر ارتباطاً بالحسابات الأخرى بالخريطة، ما يجعلها الأكثر تأثيراً في انتشار الوسوم.

نلاحظ وجود عدة شبكات كبيرة ذات لون مائل إلى الأحمر، تحيط بشبكة الحسابات المركزية وترتبط بمعظم الحسابات الأخرى، ما يشير إلى أن الغالبية العظمى من الحسابات المتفاعلة مع الوسوم إما تعيد نشر محتوى هذه الحسابات وإما تسهم في تضخيمه من خلال التعليق والمشاركة.

وعلى غرار كشفنا بارتباط حسابات شخصيات إعلامية بشبكة الحسابات المتفاعلة مع الوسوم الجزائرية المهاجمة للمغرب، بينت خريطة التحليل الشبكي للحسابات المغربية أنها تنشط بشكل مختلف، إذ ظهر على الخريطة أربعة حسابات مركزية تقود التفاعل مع الوسوم المهاجمة للجزائر، وتتفاعل معها جميع الحسابات الأخرى.

أول هذه الحسابات هو حساب @batoul2nd، المعروف باسم "الباثول"، والذي أُنشئ في عام 2022، ويتميز بكونه حساباً موثقاً. لا ينشر الحساب أي محتوى شخصي، بل يركز بالكامل على مهاجمة الجزائر، ويتفاعل بشكل ملحوظ مع حسابات سعودية وإماراتية. وقد أظهر تحليل نمط نشاطه -من حيث توقيت النشر وتكرار المحتوى- أنه لا يعمل بطريقة آلية، بل يُظهر سلوكاً يشبه النشاط البشري الطبيعي.

والحساب الثاني هو حساب اللوبي المخزني @Hamid43838943 الذي ظهر سابقاً في قائمة الحسابات الأكثر نشاطاً في التفاعل على الوسوم المهاجمة للجزائر، وهو حساب حديث أيضاً، وكما يتضح من اسمه فرغم أنه حساب ذو نمط تفاعل يشبه التفاعل البشري إلا انه مخصص لنشر الدعاية السياسية للنظام السياسي بالمغرب ومهاجمة الجزائر والتحريض ضدها.

ولم يختلف الحسابان الثالث والرابع @AMekroun  وسعادة السفير@MLYMEHDiiii عن الأول والثاني؛ فهي حسابات مغربية حديثة، ولا تضع صوراً شخصية، لكنها تتفاعل بنمط يشبه التفاعل البشري، وتنشط في تأييد النظام السياسي المغربي ومهاجمة الجزائر. 

دفعتنا هذه المؤشرات الأولية إلى إجراء تحليل أعمق لأنماط نشاط هذه الحسابات، والبحث عن قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً معها. لكن التحليل كشف أن هذه الحسابات، رغم تفاعلها المتبادل، إلا أن الجزء الأكبر من تفاعلها يتركز على تفاعلها مع نفسها، إذ تقوم بإعادة مشاركة منشوراتها والتعليق عليها، قبل أن تتدخل بقية الحسابات في الشبكة لتوسيع نطاق التفاعل من خلال إعادة المشاركة والترويج لمحتواها.

ويشير هذا إلى أن هذه الحسابات مصممة خصيصاً لتضخيم سردية معينة؛ وهي تمثل نمطاً مميزاً من الحسابات النشطة في حملات التحريض والدعاية السياسية. وتتمثل وظيفتها الأساسية في بث خطاب محدد وإعادة ترويجه بشكل مكثف؛ بهدف التأثير والتضخيم، من دون السعي للتفاعل مع حسابات أخرى أو توسيع قاعدة الانتشار.